هل تعجل احتجاجات الغلاء بنهاية نظام الملالي في طهران؟
في تصريح مستفز، يفاقم مشاعر الغضب لدى الشارع الإيراني، خرج الرئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي» في مقابلة له مع التلفزيون الحكومي الإثنين 9 مايو 2022، ليؤكد أن الأسعار سترتفع خلال الفترة المقبلة، وأن الخبز سيقدم بقسائم، متجاهلًا الحالة المعيشية الصعبة التي يضج بها المواطنون.
سبقه أيضًا المرشد الأعلى للثورة «علي خامنئي» الذي أشار خلال اجتماع مع عدد من العمال بالعاصمة طهران، أن بعض الاحتجاجات على حق، ولكنه طالب العمال بالتوقف عنها، وعدم إعطاء من وصفهم بـ«الأعداء» فرصة للتدخل في شؤون البلاد، قائلًا: «احتجاج العمال في بعض الحالات مثل النقل الخاطئ لإدارة الشركات، كان على حق، ولكن العمال يعرفون حدودهم مع الأعداء في هذه الحالات أيضًا، وهو أمر في غاية الأهمية»، وبرغم الغلاء الذي يضرب البلاد مع توعد بالمزيد، طالب المرشد الأعلى المحتجين بدعم برامج الحكومة الإيرانية.
قمع أمني
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل أن قوات الأمن الإيرانية قمعت احتجاجات خرجت للتنديد بسوء الأوضاع المعيشية، وكثفت حملات الاعتقال بل وقطعت خدمات الإنترنت في بعض المحافظات، خاصة خوزستان، جنوب غربي البلاد، بعد إعلان عدد من المواطنين بالمحافظة نيتهم الخروج في احتجاجات على ارتفاع الأسعار.
وحذر عدد من النشطاء الإصلاحيين من هذا، من بينهم «محمد زارع فومني» رئيس حزب الإصلاحات الشعبية، الذي دعا النظام الحاكم لعدم التغاضي عن تلك الاحتجاجات، ومحاولة احتواء الغضب الشعبي، مؤكدًا أن الإيرانيين يعانون منذ قيام الثورة الإيرانية، من الفقر والحرمان والبطالة.
حالة من الفزع
يوضح «أسامة الهتيمي»، الكاتب الصحفي المصري المختص في الشأن الإيراني، أن ما تشهده إيران هذه الأيام يذكر بالكثير مما حدث خلال الاحتجاجات العارمة في عامي 2018 و2019، حتى ظن البعض متفائلا وقتها أن تلك الاحتجاجات ستكون بمثابة معول هدم للنظام الإيراني، خاصة أنها اختلفت في الشكل والجوهر عن أحداث الحركة الخضراء 2009، والتي كانت نقطة فاصلة في مستقبل النظام الإيراني بعد الثورة.
وأفاد «الهتيمي» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن المخاطر الداخلية التي يتعرض لها أي نظام هي أشد وطأة من الضغوط الخارجية، ومن ثم فإنه وبكل تأكيد تنتاب الآن رجالات النظام الإيراني حالة من الفزع والقلق من أن تتسع دائرة هذه الاحتجاجات التي بدت متصاعدة بدرجة كبيرة في بعض المناطق، الأمر الذي سيضطر النظام إلى تشديد قبضته الأمنية، وتصعيد انتهاكاته بحق المحتجين، فتتراجع فرصة في الرد على الصورة السلبية حوله وحول سياساته في المجتمع الدولي.
ورجح «الهتيمي» أن تتصاعد الأزمة الحالية في إيران في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية بما لها من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للعديد من دول العالم، إلا أنه لا يمكن القول إن هذه الأزمة بآثارها كفيلة بأن تسقط النظام الإيراني لأسباب عدة منها التوقعات بأن يشدد النظام قبضته الأمنية والعمل لإجهاض الاحتجاجات، ومنها تفعيل دور القطاعات المؤدلجة من الموالين له، وتكثيف الدعاية بأن ما تمر به البلاد جزء من مخطط قوى الشر لإضعاف إيران، وأن هذه معركة لا بد من الصمود فيها وهي دعاية تؤتي أكلها بعض الشيء.
وأضاف أنه ما سبق لا يصادر على احتمالية -وإن كانت ضعيفة- أن تتفلت الأمور بالفعل إلى حد يجبر رجالات النظام على مراجعة الكثير من سياساتهم بشكل تكتيكي يمتص الغضب الشعبي ويفرغ الاحتجاجات من مضمونها.





