آخرها «المعلمون والمزارعون».. الإضرابات تحاصر نظام الملالي
الأربعاء 17/أكتوبر/2018 - 06:30 م

محمد شعت
تشهد الإضرابات والاعتصامات العمالية في إيران، تطورًا ملحوظًا
خلال الآونة الأخيرة، فلا يكاد يمر يوم دون انضمام فئات جديدة إلى الإضرابات، التي
كان آخرها إضراب واسع النطاق للمعلمين في مدارس وجامعات أغلب المدن الإيرانية، وامتنع
المعلمون عن إعطاء الحصص الدراسية للطلبة، ونظموا عشرات الوقفات احتجاجا على تردي الأوضاع
التربوية والتعليمية في البلاد، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي أدت إلى
عدم قدرة النظام الإيراني على سداد رواتبهم خلال الشهور الماضية.

وقال مشاركون في الإضرابات، إنهم يحتجون على عدم دفع مرتباتهم خلال الأشهر الماضية من قبل النظام الإيراني، إضافة إلى عدم اهتمام النظام بالمسيرة التعليمية، وهو ماتسبب في نقص حاد في المستلزمات المدرسية، كما يحتجون على الأوضاع العامة التي يعاني منها الشعب والتدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد، ماتسبب في تجويع الشعب وانهيار مستوى المعيشة.

إضراب السائقين
وواصل سائقو الشاحنات وأصحابها إضرابهم، وسط اعتقالات طالت العشرات منهم، ووجه النظام لهم اتهامات بتهديد الأمن القومي والتسبب في تفاقم الأزمة الاقتصادية، بحسب ما أفادت وكالة "هرانا" التابعة لمجموعة ناشطي حقوق الإنسان الإيرانيين، وامتدت إضرابات سائق الشاحنات إلى مدن زرين شهر وأردكان ومشهد ومحافظات طهران وأصفهان والأحواز وآذربيجان وكردستان بينما تنضم مختلف المدن في كافة أنحاء البلاد للإضراب.
للمزيد.. خطط إيران التنموية.. شعارات كاذبة ومحاولات يائسة لـ«إنقاذ المرشد»
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها سائقو الشاحنات في إضراب عن العمل، حيث بدأت أولى موجات الإضراب العارم لسائقي الشاحنات في مايو الماضي وشملت حينها نحو 31 محافظة إيرانية، احتجاجا على تدهور المعيشة، وتدني أجور الشحن، مقارنة بارتفاع التكاليف اللوجيستية، التي من بينها عمليات الصيانة الدورية، وذلك وسط تضامن دولي من نقابات عمالية.
وشنت فيه الأجهزة الأمنية الإيرانية طيلة الأشهر الأخيرة حملات اعتقالات عشوائية طالت عددا من السائقين المضربين، فيما هددت السلطات القضائية بتوقيع عقوبات مغلظة ضد المحتجين منهم، في الوقت الذي سير فيه الحرس الثوري شاحنات تابعة له بهدف كسر الإضراب.

إضراب تجار البازار
وفي شهر يونيو الماضي شهدت إيران إضراب تجار "البازار"، وأغلق مئات التجار محالهم احتجاجا على الوضع الاقتصادى والمعيشي المتدني، والارتفاع الجنوني لسعر الدولار، وفقدان العملة الإيرانية أكثر من 60% من قيمتها، ولأول مرة منذ 4 عقود تخطى سعر الدولار الواحد الـ 9 آلاف تومان، بحسب وكالة أنباء إيسنا الإيرانية.
وكان إضراب تجار "البازار" بمثابة أبرز التحديات التي تواجه النظام ، خاصة وأن بازار طهران الشهير الذي يمثل قلب الاقتصاد الإيراني النابض، لا يتوقف عن العمل إلا في أيام العطل الرسمية، إلا أنه شهد إضرابا نادرا احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، فيما اندلعت مواجهات محدودة بين عشرات الشبان وقوات الأمن وسط العاصمة.

ثورة ضد الغلاء
في غضون ذلك أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانا، اليوم الأربعاء، أعلن فيه عن تجمع للمتقاعدين احتجاجًا على الفقر والوضع المعيشي المأساوي والغلاء المنفلت، وانضمت مجموعة كبيرة من المتقاعدين أمام مبنى منظمة التخطيط والميزانية للنظام في طهران. وطالب المحتجون الذين قدموا من محافظات مختلفة منها فارس وكرمانشاه إلى طهران، بزيادة رواتبهم لتتناسب التضخم وخط الفقر، وتطبيق نظام الدفع المسبق، وتوحيد الرواتب وأقساط التأمين.
كما هتف المحتشدون: ليطلق سراح المعلم المسجون؛ ليطلق سراح الطالب المسجون؛ ليس السجن مكان المعلم؛ نصرخ من كل هذا الظلم؛ خط الفقر 6 ملايين، ورواتبنا مليونان، وحسب وكالات الأنباء الحكومية قال المتظاهرون إن الرواتب التي نتلقاها، لا تكفي حتى 10 أيام من الشهر.
وبحسب بيان المقاومة الإيرانية فإن مسئولي النظام كانوا قد أعلنوا في الشهور الماضية أن المتقاعدين قد فقدوا أكثر من ثلثي قوتهم الشرائية. وفي يومي 14 و15 أكتوبر اعتصم المعلمون والتربويون في عموم البلاد، للحصول على الحد الأدنى من رواتبهم وامتنعوا عن الحضور في الصفوف الدراسية. وكان نظام الملالي قد اعتقل عددًا من المعلمين لمنع إقامة هذا الاعتصام العارم.
وكشف البيان عن تطور جديد، حيث عاد المزارعون المحرومون في ورزنه بأصفهان أمس الثلاثاء، ليحتجوا مرة أخرى اعتراضًا على قطع حصتهم المائية، والسياسات الخيانية التي أدت إلى جفاف مياه نهر زاينده رود وتدمير حياتهم وزراعتهم.

مأزق الملالي
الباحث المختص في الشأن الإيراني، هشام البقلي، قال في تصريح خاص لـ"«لمرجع» إن الإضرابات والاحتجاجات في إيران تأتي بسبب عدة أمور متشابكة، أبرزها الانهيار الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة، وتهميش الشعوب غير الفارسية، وتدني مستوى المعيشة، إضافة إلى تصاعد أصوات الحركات الانفصالية خلال الآونة الأخيرة، لافتًا إلى أن النظام الإيراني يوجه غضبة شعبية غير مسبوقة بسبب السياسة التي يمارسها.
وأشار "البقلي"، إلى أن ارتفاع موجات الغضب مؤخرًا، يأتي بسبب تجاهل النظام الإيراني للمطالب الشعبية المتكررة بتحسين الأوضاع المعيشية، والتخلي عن دعم الميليشيات في عدة بلدان على حساب الشعب، فضلا عن انهيار الحالة التعليمية وتجاهل النظام للعملية التعليمية برمتها، مؤكدًا أن النظام الإيراني وجد نفسه محاصرًا بهذه الاحتجاجات مما وضعه في مأزق يكاد يعصف بوجوده.