الجزائر وإرهاب منطقة الساحل.. عين في جنة السلام وأخرى على نار الحرب
الأربعاء 11/مايو/2022 - 08:29 م
أحمد عادل
بات الحديث عن إمكانية تدخل الجزائر عسكريًّا في منطقة الساحل من عدمه إلى الواجهة، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وإعلان مالي إلغاء الاتفاقيات الدفاعية مع فرنسا، لا سيما مع توالي التحذيرات، سواء الصادرة عن الرئاسة الجزائرية، أو مؤسسة الجيش، من مؤامرة تُحاك ضد أمن واستقرار البلاد.
مخاوف جزائرية
وجاء تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، ليبرر مخاوف الجزائر مما يحدث في دول الساحل من تهلهل الوضع على كل المستويات، وبخاصة أمنيًّا بعد تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية، إذ قال لدى وصوله إلى عاصمة النيجر، نيامي، خلال مايو 2022، إن عدد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقية مستمر في الازدياد.
وأضاف: «إنه يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن الإرهاب ليس مجرد قضية إقليمية أو أفريقية، ولكنه قضية تهدد العالم بأسره»، مشددًا عقب لقائه رئيس النيجر، محمد بازوم، على أن «السلام والاستقرار والازدهار في النيجر وعبر منطقة الساحل لا يزال يمثل أولوية مطلقة للأمم المتحدة».
تأثير مباشر
وتعد الجزائر دولة مجاورة وتتأثر بشكل مباشر من تبعات الأزمة والنزاع، ولذلك تبذل قصارى جهدها لحلحلة الأزمة وتشجيع الماليين على الحوار للوصول إلى حل والخروج من الدوامة.
ويجيز القانون الدولي للجزائر حماية حدودها والدخول عسكريًّا في بعض البلدان حال انهيار سلطة مركزية وانتشار الفوضى في إحدى الدول المجاورة، وذلك بعد موافقة البرلمان.
وبلغت أحداث العنف المبلغ عنها في منطقة الساحل خلال عام 2021، ألفين وخمسة اعتداءات، بعد أن كانت 1180 في عام 2020، وفق إحصائيات مشروع بيانات النزاعات المسلحة «أسليد»، التي أشارت إلى أن المواجهات بين القوات النظامية وجماعات «القاعدة» زادت بنسبة 50% خلال عام 2021، مقارنةً مع عام 2020، في حين أعاد تنظيم «داعش» تموضعه في المنطقة، وهو يسعى إلى ترتيب صفوفه خلال عام 2022، بعد مقتل قائده في الصحراء الكبرى، أبوالوليد الصحراوي.
تهديدات مستمرة
وعملت الجزائر بقوة على مواجهة التهديدات القادمة من منطقة الساحل منذ عام 2009، فبادرت إلى تنظم اللقاءات وإبرام المعاهدات الأمنية المشتركة مع دول المنطقة، وأبرزها موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد، لكن تبين مع مرور السنوات أن أي مقاربة أمنية لا تأخذ بعين الاعتبار البعد الإقليمي لن تكون ذات جدوى، بسبب أن أغلب دول الساحل «رخوة» أمنيًّا وتعيش أوضاعًا هشة مع حدود مفتوحة وفضاء قابل للاختراق، وما زاد من المخاوف القبول المحلي لتنظيم «داعش» بعد أن كان الأمر يتعلق بتنظيم «القاعدة» فقط، إذ تولى زعامة التنظيمات الإرهابية في ظرف قصير مع بيعة معلنة من أكثر من 70 سرية أفريقية و10 تنظيمات و112 كتيبة مسلحة.
وضع معقد
ويبدو أن تعدد الفاعلين الدوليين في الساحل من شأنه التأثير على صنع القرار في دول المنطقة وتعقيد الوضع أكثر، حيث إن الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا، قد يؤخر إتمام الاتفاق مع مالي بشأن نشر عناصر شركة «فاغنر» الأمنية الروسية، لكن دون عرقلة انخراط موسكو في منطقة الساحل، كما أن فرنسا لا تزال تسعى لتعزيز موقعها في المنطقة عبر الدفع باتجاه نقل تمركزها العسكري إلى النيجر وموريتانيا، إضافة إلى انعكاس تعزيز نيجيريا تعاونها مع الولايات المتحدة من خلال صفقات أسلحة متعددة، وبخاصة بعد مطالبة الرئيس النيجيري محمد بخاري نظيره الأمريكي جو بايدن بنقل مقر قيادة القوات الأمريكية «أفريكوم» إلى القارة الأفريقية، بدلًا من مقرها الحالي في شتوتجارت بألمانيا، وهي الخطوة التي رفضتها الجزائر من قبل، ولا تزال.
وما يزيد الوضع تعقيدًا إعلان الحكومة المالية إلغاء الاتفاقيات الدفاعية الموقعة مع فرنسا وشركائها الأوروبيين، وشجبت ما وصفته بالانتهاكات الصارخة من قبل القوات الفرنسية الموجودة في البلاد للسيادة الوطنية، وخروقاتها الكثيرة للمجال الجوي المالي. وأوضح المتحدث باسم الحكومة المالية عبدالله مايجا، أن باماكو «تلمس منذ فترة تدهورًا كبيرًا في التعاون العسكري مع فرنسا».
وتعتبر الهجمات الإرهابية الحاصلة في الساحل تعانيها كل دول المنطقة، بما فيها دولة بنين على خليج غينيا، ما يستدعي تعاوناً كاملاً، وهو الأمر الذي شكله في مضمونه من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة أخيرًا.





