عاد
التركيز على النساء ومنعهن من ممارسة حقوقهن وتحجيم فرصهن في التعبير عن آرائهن، على الساحة الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي»، خاصة
أن هذه المرة الأولى منذ تولي «رئيسي» رئاسة الجمهورية الإيرانية في أغسطس 2021،
التي يخرج فيها رجل ديني ويدعو النظام الحاكم لمنع النساء من دخول الملاعب، الأمر الذي سيكون له تأثير كبير على واقع المرأة الإيرانية التي لطالما نادت بحقوقها كاملة، إذا تم تنفيذ هذا
الأمر.
دعوات إيرانية
يأتي هذا في سياق رسالة وجهها رئيس جمعية مدرسي حوزة قم « ولي الله لوني » إلى الرئيس الإيراني في 26 يناير 2022، دعا خلالها «لوني» النظام الحاكم إلى اتخاذ قرار من قبل وزارة الشباب والرياضية يقضي بمنع السيدات من دخول الملاعب، معتبرًا أن هذا الأمر يخالف تعاليم المرشد الأعلى «علي خامنئي» ومراجع التقليد والحوزة الدينية، وقائلًا، «دخول النساء إلى الملاعب ليس من أولويات المرأة في المجتمع، فإنه يتعارض بشكل أساسي مع القيم الإسلامية الإيرانية، ويتماشى مع النظرة الغربية للمرأة».
ومن الجدير بالذكر أنه دعوة «لوني» جاءت أثناء انعقاد مباراة كرة القدم بين المنتخبين الإيراني والعراقي في 27 يناير2021، بمشاركة عشرة آلاف متفرج منهم نحو 2000 من السيدات، مما دفع «الفيفا» وقتها للرد على تلك الدعوات، وذلك بالتأكيد على أهمية حضور السيدات للملاعب، وعلى تحركها من أجل اتخاذ قرار من السلطات الحاكمة يقضي بحق النساء في دخول الملالي.
قمع المرأة الإيرانية
وتجدر الإشارة إلى أن دعوة رئيس جمعية مدرسي حوزة قم تأتي في إطار قمع الحريات المدنية للمرأة الإيرانية التي لم تتوقف عن إعطائها الحق في العمل والتعليم وجميع الحقوق الأساسية التي تخول لها ممارسة النشاطات كافة، وخلال السنوات القليلة الماضية وكلما وجدت المرأة الإيرانية من يطالب بقمع حريتها، خرجت في مظاهرات ومسيرات ونادت برفضها لما يحدث بحقها داخل الجمهورية الإيرانية.
وما تقدم، يدل على أن هناك توجهًا جديدًا داخل إيران من قبل رجال الدين قائمًا على عودة المرأة مرة أخرى إلى المنزل والتوقف عن ممارسة حقوقها بزعم أن ذلك يخالف تعاليم ولاية الفقيه ويتعارض معها، ويقلد المجتمع الغربي، الأمر الذي يطرح تساؤلًا، حول مدى استجابة النظام الإيراني الحاكم لتلك الدعوات، وهل تشهد المرأة الإيرانية خلال الفترة المقبلة مزيدًا من الضغوط والقيود عليها؟.
وللإجابه عن هذا التساؤل، أوضح الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني «أسامة الهتيمي» أنه على الرغم من أن المطالبات التي صدرت مؤخرًا عن بعض رجال الدين الإيرانيين والمنضوين تحت ما يسمى بجمعية مدرسي حوزة قم العلمية والموصوفة بأنها متشددة بعدم السماح للنساء بحضور المبارايات الكروية لم تلق قبولًا من قبل رجالات النظام الإيراني إذ جاءت قبيل المباراة بين منتخبي إيران والعراق في تصفيات التأهيل لكأس العالم وحضرها عدد من النساء.
ولفت «الهتيمي» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن النظام الإيراني تمكن طيلة العقود الأربع الماضية تقريبًا من استمرار عملية منع النساء إلا في حالات خاصة، وذلك تحت دعوى حمايتهن من الأجواء الذكورية ومنعهن من رؤية الرجال المتخففين من بعض لباسهم إلا أن هذا لم يمنع من تصاعد حالة الاحتقان بين القطاعات النسائية بين الحين والآخر، فيما استجابت المنظمات الدولية والحقوقية لمساع الإيرانيات للقفز على هذا المنع وهو ما دفع رئاسة الاتحاد الدولي للكرة «الفيفا» في أن تمارس أشكالًا من الضغط على النظام الإيراني وتهديده بإيقاف الكرة الإيرانية ومنعها من التأهل لكأس العالم.
وأضاف أن حادثة الإيرانية «سحر خضيري»، التي أحرقت نفسها قبل عامين، بعدما استشعرت أنه سيتم الحكم عليها بالسجن لشهور، كعقاب لها على التنكر في زي الرجال، ومحاولة المشاركة في إحدى المباريات، جاءت كورقة ضغط قوية تضافرت مع أوراق أخرى؛ كضغوط الفيفا واستمرار الاحتجاجات النسائية على النظام الإيراني ألزمته بالسماح للنساء بالمشاركة في حضور المباريات الكروية، ولذلك عاد رجال الدين لاستئناف مطالبتهم للنظام خاصة نظام «رئيسي» المحسوب على المحافظين للعودة عن قرار السماح.