مستقبل الصراعات الأفريقية في 2022
الخميس 03/فبراير/2022 - 04:59 م

محمود البتاكوشي
يعاني قطاع كبير من الدول الأفريقية، عدم الاستقرار وهشاشة الوضع الأمني، حيث يتعرض لتهديدات أمنية متعددة ومتنوعة، فلا تزال الجماعات المتطرفة تسير على هدي شعار تنظيم «داعش» الإرهابي بأنها «باقية وتتمدد» في العديد من البلدان في المنطقة.
أدت الحرب الأهلية التي استمرت منذ نوفمبر 2020 في إثيوبيا إلى نزوح مليوني شخص، وساهمت في حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتهدد ببدء المجاعة في منطقة تيجراي.

ويشكل خليج غينيا بؤرة ساخنة للقرصنة في العالم، كما يمثل الاتجار بالمخدرات مصدرًا لقلق دائم في غرب ووسط وشرق أفريقيا، فضلًا عن تجربة الجريمة الإلكترونية التي تمثل حاليًا مشكلة أمنية خطيرة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لأجهزة إنفاذ القانون في أفريقيا، وساعد في ذلك بناء قواعد بحرية، وبيع تكنولوجيا المراقبة والطائرات من دون طيار، وإرسال المرتزقة إلى مناطق الصراع.
فوضى في أثيوبيا
الفوضى التي ضربت إثيوبيا في الفترة الأخيرة، من المتوقع أن تتزايد وتتجه بالبلاد نحو سيناريو حافة الهاوية، ما يهدد الدولة وسلامة دول الإقليم، ومن غير المرجح أن تحقق جهود الوساطة من قبل الاتحاد الأفريقي أو غيره أي تقدم، وستلجأ الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على أولئك الذين يُعتقد أنهم يطيلون الأزمة، خطورة الوضع في إثيوبيا أنها تهدد دول الجوار، بانتقال أعمال العنف والفوضى.
ومن المتوقع أن تستمر الأزمة الإنسانية والأمنية التي تجتاح غرب وشمال ووسط أفريقيا، مع تزايد العنف العرقي والصراعات السياسية والمجتمعية، وتشمل النقاط الأمنية الساخنة، الحروب الأهلية في ليبيا والصومال، وأزمة الناطقين بالإنجليزية في منطقتين غربيتين من الكاميرون، والصراع القائم على الموارد الطبيعية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما دخلت جمهورية أفريقيا الوسطى دوامة الصراع العنيف منذ عدة سنوات، وتشير التطورات إلى أنها لا تزال عالقة في دائرة مستعصية من العنف، فالحوار السياسي الذي يرغب فيه المؤتمر الدولي حول منطقة البحيرات العظمى، أعاقه عن وجود إرادة سياسية لدى أطراف الصراع، بالإضافة إلى هشاشة الدولة، وهو ما يعني وجود حاجة ماسة إلى نهج جديد من أجل السلام المستدام.
ومن المتوقع أن يتحول جنوب السودان، إلى بؤرة صراع آخر تجب مراقبته مع دخوله العام الأخير من تنفيذ اتفاقية 2018 المُعاد تفعيلها بشأن حل النزاع، ويتعين القيام به لإنهاء الانتقال السياسي في غضون الوقت المخصص وإنهاء سنوات طويلة من المعاناة لشعب جنوب السودان.
وقد يؤدي الصراع في منطقة الساحل الأفريقي وأجزاء أخرى من القارة إلى تفاقم القضايا المحيطة بالأمن المائي والغذائي والبطالة والفقر والجريمة المنظمة والقمع والنازحين داخليًّا.

بؤرة ساخنة للحرب ضد الإرهاب
أضحت أفريقيا بؤرة جديدة ساخنة للحرب ضد الإرهاب، منذ عام 2017، عندما خسر تنظيم «داعش» دولة خلافته المزعومة في سوريا والعراق، وعلى الرغم من أن التطرف العنيف ليس جديدًا في القارة، فإن أحداث العنف المرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» تصاعدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وتكافح الدول الهشة ضد الفصائل الإرهابية في الفضاءات الشاسعة غير الآمنة، حيث لا تتمتع الحكومات المركزية سوى بسلطات محدودة، فقد شهدت مناطق الساحل الافريقي أحداثًا دموية متصاعدة، ويرجع ذلك في الغالب إلى المعارك التي شاركت فيها الجماعات الإرهابية، التي تمددت من شمال مالي إلى وسط البلاد، ثم إلى النيجر، مرورًا بريف بوركينا فاسو لتصل بعد ذلك إلى سواحل غرب أفريقيا.
الجبهة الأحدث
وتمثل شمال موزمبيق وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الجبهة الجهادية العنيفة الأحدث وهي أيضًا مقلقة، حيث صعد المتطرفون الذين يطالبون بإقامة ولاية جديدة لتنظيم «داعش» في منطقة كابو ديلجادو في موزمبيق هجماتهم على قوات الأمن والمدنيين.
وتشير التقديرات إلى فرار ما يقرب من مليون شخص من مناطق القتال، كما تربط المسلحين علاقات فضفاضة بشبكات «داعش» التي تمتد على الساحل الشرقي للقارة وفي شرق الكونغو الذي مزقته نيران الحرب الأهلية.
كما توجد، مجموعة أخرى متمردة، والتي تعرف باسم القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي ميليشيا أوغندية تعمل منذ فترة طويلة في الكونغو، تعلن ولاءها لتنظيم «داعش»، وشنت بالفعل هجمات في العاصمة الأوغندية كمبالا في نوفمبر الماضي.
ووافقت حكومة موزمبيق، التي قاومت لفترة طويلة التدخل الخارجي في كابو ديلجادو، أخيرًا على السماح بدخول قوات رواندية ووحدات من الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي «سادك» لمحاربة الجماعات الإرهابية، وبالفعل قلبت تلك القوات الموازين لصالح القوات الحكومية، على الرغم من أن المسلحين يبدو أنهم يعيدون تجميع صفوفهم، ما يعني احتمالات تورط القوات الرواندية وسادك في حرب طويلة الأمد.
أما في الصومال والساحل، فمن الممكن أن يكون انسحاب القوات الغربية حاسمًا، فالقوات الأجنبية وبعثة الاتحاد الأفريقي «أمصوم» الممولة من الاتحاد الأوروبي في الصومال، والقوات الفرنسية وغيرها من القوات الأوروبية في منطقة الساحل، تساعد في احتواء الجماعات الإرهابية، ومع ذلك، غالبًا ما تنفّر العمليات العسكرية السكان المحليين وتزيد من تآكل العلاقات بينهم وبين سلطات الدولة، كما يمكن أن يتكرر السيناريو الأفغاني، حيث تقوم حركة «الشباب» الإرهابية في الصومال بالاستيلاء على السلطة في مقديشو مثلما فعلت حركة «طالبان» في كابول.