ad a b
ad ad ad

اقتصاديات «تحرير الشام».. صناعة الثروة من أوجاع النازحين

السبت 23/يونيو/2018 - 12:05 م
هيئة تحرير الشام-
هيئة تحرير الشام- أرشيفية
سارة رشاد
طباعة
اقتصاديات «تحرير
ما إن أعلنت «هيئة تحرير الشام»، كبرى الفصائل المسلحة السورية، عن وجودها في 2014، حتى بدأ السؤال عن مصادر تمويلها، خاصةً أنها عكفت أكثر من مرة، على نفي تلقيها أي تمويلات من الخارج.

أخيرًا تجدد السؤال؛ إذْ بثّت وسائل إعلام سورية، معلومات تفيد بإقدام «الهيئة» على مظهر مدني جديد؛ تمثّل في تدشين بنك مالي في إدلب (شمالي سوريا، تديره الهيئة) سمَّته «بنك الشام»، وأوضحت أنه كان في الأساس شركة نقل مالية تُدعى «الوسيط»، افتتحتها «الهيئة» عقب تدشينها، وكلفت شخصين هما، «أبوهاجر الشامي»، و«أبوليلى» بإدارتها. 

وباعتبار أن خطوة تدشين بنك من قبل كيان إرهابي، سابقة لم يقدم عليها حتى «داعش»، الذي نجح في الاستحواذ على أرض ووضع هيكلًا تنظيميًّا لتكوين دولة، فمن أين جاءت «تحرير الشام» بالقوة لتنفيذ هذه الخطوة؟

باستعراض الرصيد الاقتصادي لـ«الهيئة»، يُلاحظ أن تدشين بنك، خطوة سبقتها أنشطة اقتصادية أخرى أقدمت عليها «الهيئة»، على مدار 4 سنوات، وأسهمت من خلالها في توفير تمويل ذاتي.

اقتصاديات «تحرير
ماهية الأنشطة الاقتصادية
البداية من أقصى الشمال؛ حيث معبر باب الهوى البري الرابط بين سوريا وتركيا، فمنذ سيطرت «تحرير الشام» على مدينة إدلب، وهي تحرص على فرض قوتها على المعبر؛ بحيث تتحكم في حركة المرور، التي لا تتم إلا بمبالغ كبيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن معبر باب الهوى، كان أحد أسباب المواجهات المسلحة بين كل من «تحرير الشام» و«أحرار الشام»؛ إذْ كانتا تتنافسان على السيطرة على المعبر، بحثًا عن الدخل الذي يدره.

وإلى جانب المعبر، هناك مكتب الدور، الذي عينت فيه «تحرير الشام» أحد كوادرها للإشراف عليه، وهو معني بتنظيم حركة دخول وخروج الشاحنات، التي تنقل البضائع من الجانب التركي إلى الداخل السوري، وحددت وسائل إعلام سورية المبلغ الذي يتقاضاه المكتب من الشاحنة الواحدة بـ6000 ليرة سورية من أصل 200 شاحنة تعبر يوميًّا.

وعقب سيطرة «الهيئة» على منطقة «أبودالي»، بمدينة حماة، نهاية 2017، أغلقت معبر المدينة، وافتتحت معبر «مورك»، الذي فرضت عليه رسوم دخول وخروج، تصب في النهاية في مصلحة «الهيئة».

عملية غصن الزيتون التي شنتها تركيا على الشمال السوري، 20 يناير الماضي، هي الأخرى كانت عاملًا في تضخيم ثروة «تحرير الشام»؛ إذ أنعشت الحرب شركة «وتد» التابعة للهيئة، وكلفتها الأخيرة بتولي تجارة المحروقات في الشمال السوري، فبسبب ظروف الحرب أغلقت طرق عفرين المخصصة لتجارة المحروقات؛ ما أتاح الفرصة لـ«تحرير الشام» لاستيراد المحروقات من أوروبا، وتوزيعها على الأهالي والفصائل بالسعر الذي تحدده.

حديثًا ومنذ دشنت «الهيئة» حكومة الإنقاذ، ذراعها المدنية، وتعاملت مثل الحكومات التقليدية؛ بدأت سن ضرائب على أهالي إدلب، بداية من ضرائب على المياه والكهرباء والنظافة.

وبخلاف ذلك، نشرت شبكة شام، 20 أبريل الماضي، على لسان قيادي منشق عن «تحرير الشام»، لم تُسمِّه، قال: إن الهيئة تتبع سياسة تحريك المجرمين لخطف رجال الأعمال ميسوري الحال، والمطالبة بفدية تدخل كلها خزينة الهيئة، لاسيما وضع يدها على البيوت التي تركها أهلها، لتأجيرها للقادمين للشمال السوري بأموال طائلة.

اقتصاديات «تحرير
وفي هذا السياق، تناول الباحث بمركز الشرق للسياسات، جلال سلمي، في مقالة بعنوان: (مآلات احتكار «هيئة تحرير الشام» السيطرة في إدلب)، تداعيات القوة الاقتصادية لـ«تحرير الشام»، وأوضح أن اعتماد الحركة على نفسها، في توفير التمويل على عكس أغلب الفصائل السورية، دفع بقوة دولية إلى السعي لإنهاء تجربة «الهيئة»، واعتقد أن ذاتية التمويل منح «الهيئة» قدرة على خروج القرار من داخلها، إذا قورنت ببقية الفصائل.

وتوقع أن تفشل «الهيئة» في البقاء أمام المحاولات الدولية لتصفية وجودها، مشيرًا إلى أنه رغم كل مصادر تمويل الحركة، فإنها تبقى في النهاية أضعف من التحركات الدولية ضدها.

وكانت تركيا قد حملت على عاتقها التعهد بتصفية «تحرير الشام»، خلال مؤتمر (الأستانة 9) الذي عقد، منتصف مايو الماضي، وهو التعهد الذي علقت عليه «الهيئة» بأنه لا يعنيها، وأنها لم تكن طرفًا في هذا المؤتمر.

اقتصاديات «تحرير
بدوره، قال هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية: إن تعدد مصادر تمويل «تحرير الشام»، وحرصها على عدم اعتمادها على أموال الخارج، تقف وراءه «القاعدة»، التنظيم الرئيسي الذي ينحدر منه «تحرير الشام»، وإن كان الأخير أعلن عدم ارتباطه به.

وأوضح «النجار»، لـ«المرجع»، أن تنظيم «القاعدة»، في مرحلة ما بعد أحداث الاحتجاجات العربية في 2011، يحرص على تقديم أفرعه في قالب الكيانات الوطنية، مشيرًا إلى أنه من هذا المنطلق حرصت «تحرير الشام»، على تقديم نفسها كفصيل سوري لا يتلقى أي تمويلات، ومن ثم لا يتبنى أجندة أي قوى إقليمية.

ولفت إلى أن خطوة تدشين البنك التي أقدمت عليها «الهيئة»، هي جزء من محاولات من القاعدة لتقديم نموذج إداري، مخالف لما قدمه «داعش»، منذ ظهوره في 2014، ولفت إلى أن تنظيم «القاعدة»، يسعى من خلال نموذجه لتقديم نفسه باعتباره كيانًا حضاريًّا مدنيًّا يكسب الشعوب، ويعمل على تكوين حاضنة له.

وأشار إلى أن ذلك ما تقوم به «تحرير الشام»؛ إذ تسعى لتقديم نفسها لسكان إدلب، باعتبارها جهة جديرة بالإدارة والثقة.
"