فشل محادثات جنيف.. الرئاسي الليبي يقدم الحل لمعضلة الانتخابات


قوة القانون
لوّح المجلس الرئاسي الليبي، بإصدار مرسوم رئاسي لإقرار القاعدة الدستورية بقوة القانون، في حال استمرت الخلافات بشأنها بين الفرقاء الليبيين، حيث أفاد عضو المجلس الرئاسي «موسى الكوني» في تصريحات له، أن المجلس بإمكانه أن يصدر مرسومًا رئاسيًّا بقوة القانون، ينشر في الجريدة الرسمية لاعتماد قاعدة دستورية بالتشاور مع جهات عدة تشكِّل الإطار القانوني للانتخابات المقبلة في ديسمبر 2021، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الليبية.
وعن العرقلة التي وقعت الأيام الماضية عقب إعلان الأمم المتحدة فشل المحادثات التي ترعاها جنيف حول ليبيا بهدف التمهيد لإجراء انتخابات بالبلاد أواخر العام الجاري، أكد عضو الرئاسي الليبي، أنه طرح هذه الفكرة على المحكمة العليا، ومجلس القضاء، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وأن هذا السيناريو سيكون خيارًا أخيرًا خشية من أن يتسبب ذلك في مزيد من الفرقة بين الليبيين؛ موجهًا اتهامات لكل أطراف العملية السياسية في ليبيا بعرقلة التوصل إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية، قائلًا: «إن المشكلة الليبية تعد أمرًا خارجيًّا أكثر من كونها قضية داخلية»، وفق تعبيره.
من جانبه، طالب رئيس الحكومة الليبية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، الأطراف الوطنية كافة، بتغليب المصلحة العامة، والتوافق حول صيغة لإجراء الانتخابات في موعدها، حيث قال في تغريدة له عبر موقع التواصل الإجتماعي «تويتر»: «نحث كل الأطراف الوطنية، والبعثة الأممية للاضطلاع بمسؤولياتها، وتغليب المصلحة العامة، والتوافق حول صيغة كفيلة بإجراء الانتخابات في موعدها، وتمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه في الانتخاب».
فشل المحادثات
كانت قد أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا فشل المحادثات التي ترعاها في جنيف بهدف التمهيد لإجراء انتخابات بالبلاد أواخر العام الجاري، حيث كان من المقرر أن يضع اجتماع منتدى الحوار السياسي الليبي الذي عُقد قرب جنيف، بحلول الأول من يوليه الجاري، الأساس الدستوري لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، حيث أعلن «رايزدون زينينغا»، الأمين العام المساعد، منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الجمعة 9 يوليه 2021، انتهاء جلسات ملتقى الحوار السياسي، التي عُقدت في مدينة جنيف، من دون التوصل إلى توافق حول القاعدة الدستورية التي ستجرى الانتخابات بمقتضاها، معتبرًا أن ذلك لا يُبشر بخير، معتبرًا أن الحل لتجاوز الانسداد هو العودة إلى روح خارطة الطريق للتوصل إلى حل وسط، يضمن الإمكانية السياسية والعملية لإجراء الانتخابات في موعدها؛ قائلًا: «أتينا إلى هذه الاجتماعات بأجندة واضحة، وجدول زمني واضح، وكانت لدينا أربعة أيام كاملة للمناقشات، قدمت ثلاثة مقترحات حول القاعدة الدستورية بعضها كان متسقًا مع خارطة الطريق، والبعض الآخر لم يكن كذلك، فيما سعى بعضها إلى وضع شروط مسبقة للوصول إلى موعد الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، والمشاركون في الملتقى لم يتوصلوا إلى أرضية مشتركة حول آلية إجراء الانتخابات.
وأربك فشل المحادثات للتوصل إلى توافقات في شأن الانتخابات الليبية المشهد السياسي الذي انحرف مجددًا نحو دائرة التصعيد، ومثل انقلابًا على خارطة طريق الحل السياسي، وسط تبادل الاتهامات بين الفرقاء الليبيين، بالمسؤولية وراء عدم حصول اتفاق، وصل إلى حد التلويح بالعودة إلى الحرب.
فيما اتهم «ريتشارد نورلاند» المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، بعض أعضاء الحوار الليبي في جنيف، بمحاولة عرقلة إجراء الانتخابات في البلاد في ديسمبر المقبل، وقال في بيان نشرته السفارة الأمريكية لدى ليبيا: «لقد تابعنا عن كثب اجتماعات الملتقى في جنيف هذا الأسبوع، بما في ذلك العديد من الأعضاء الذين يبدو أنهم يحاولون إدخال حبوب سامة تضمن عدم إجراء الانتخابات - إما عن طريق إطالة العملية الدستورية أو من خلال خلق شروط جديدة يجب تلبيتها لإجراء الانتخابات.
ويرى مراقبون للشأن الليبي، أن عملية التشويش حول محادثات جنيف قد أدى إلى فشلها وهو ما يهدّد مسار تنظيم الانتخابات آخر هذه السنة جاءت بهدف العصف بالمسار السياسي الذي سيؤدي حتمًا إلى إرساء مؤسسات ديمقراطية مستقرّة، وهو ما يتعارض مع أجندات بعض التنظيمات السياسية المسنودة بالمجموعات المسلحة التي تتغذى من مناخات الفوضى والدمار.

صياغة قوانين الانتخابات
في الجهة المقابلة، يستعد مجلس النواب الليبي لمناقشة مشروع قانون انتخاب رئيس البلاد من الشعب مباشرة، في خطوة اعتبرها محللون ليبيون «جيدة وتعوض فشل ملتقى الحوار السياسى في الاتفاق على القاعدة الدستورية» لإجراء الانتخابات، فيما حذر آخرون من أنها قد تتسبب في «حرب جديدة» إن لم يتم بالتوازي نزع سلاح الميليشيات التي تهدد باللجوء إلى العنف إن جاءت الانتخابات برئيس على غير أجندتها.
وعلى إثر هذا الأمر، أصدر رئيس مجلس النواب الليبي «عقيلة صالح»، قرارًا بضرورة تشكيل لجنة برلمانية لصياغة التشريعات البرلمانية لتنفيذ انتخابات 24 ديسمبر، بالتعاون مع البعثة الأممية والمفوضية العليا للانتخابات، وعرضها على مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، حيث ستضم اللجنة كلا من: «عزالدين قويرب، والهادى على الصغير، ورمضان شمبش، وعبد السلام المرابط، ومحمد إبراهيم تامر، وعزالدين مصباح بوراوي، ومفتاح أكويدير، وصلاح بلحوق.
وكان «صالح»، خلال لقائه في مكتبه بمدينة القبة بمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيتش، الأربعاء 7 يوليه 2021، قد أعلن شروع المجلس في تجهيز قانون انتخاب رئيس البلاد بشكل مباشر من الشعب، بالإضافة إلى توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد للوفاء بإجراء الانتخابات في موعدها 24 ديسمبر المقبل، حسبما نشره المجلس على موقعه الإلكترونى.
ويُعد مقترح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب من أبرز النقاط التى يرفضها تنظيم الإخوان في ليبيا؛ خوفًا من أن تأتي برئيس من خارج صفوفهم، ويقترحون بدلًا من ذلك انتخاب الرئيس عبر تصويت أعضاء مجلس النواب الذي ينتمي العشرات منهم إليه، إذ يتوقع خبراء ومحللون ليبيون أن تمرير القانون «سيعوض فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال جلساتهم في جنيف في الاتفاق على القاعدة الدستورية التي تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
للمزيد: الخلافات تشتعل حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية المقبلة