تعرضت النيجر خلال الفترة الأخيرة لهجمات متصاعدة من قبل تنظيم داعش الإرهابي، الذي دأبت عناصره على استهداف المناطق الحدودية الهشة في البلاد، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى وسط رعونة أمنية وغضب شعبي من تزايد البطش الإرهابي بالسكان.
هجمات الصحراء العنيفة
نفذ تنظيم «داعش» مجموعة من الهجمات المتفرقة ضد البلاد كان أعنفها ما تسبب في مقتل 137 شخصًا نتيجة مهاجمة قرى قريبة من الحدود مع مالي في يوم السوق الشعبي، إذ طوقت العناصر السوق الرئيسي في المنطقة في أكثر الأيام ازدحامًا ومن ثم أطلقوا الرصاص على المارة ما تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا بينهم نساء وأطفال.
وكانت السلطات قد أعلنت في 22 مارس 2021 مقتل 60 شخصًا نتيجة هجوم «داعش» على جنوب غرب البلاد، ولكن حصيلة القتلى تصاعدت نتيجة اتساع العملية الإرهابية، ونقلت «فرانس 24» عن مسؤول محلي، قوله: إن العناصر الداعشية هاجمت مناطق انتازاين وويستاني وبكواراتي وثلاث قرى في منطقة تاهو، إلى جانب مجموعة من القرى المحيطة بالمنطقة؛ وذلك على متن دراجات نارية.
الطوارق وهجمات الإرهاب
أصدر مجلس شيوخ قبائل الطوارق في ليبيا بيانًا يستنكر فيه إزهاق أرواح مئات المواطنين من قبائل الطوارق في النيجر ممن سقطوا نتيجة المذبحة الأخيرة، التي طالت أيضًا قرية تيليا بجنوب غرب البلاد والتي يقطنها الكثير من قبيلة الطوارق.
وأعلن البيان استنكاره بأشد العبارات لما تعرضت له قبائل الطوارق في النيجر من إرهاب، مقدمًا التعازي لأهل الضحايا وللقبيلة بأجمعها، مطالبًا المجتمع الدولي بضرورة التدخل لتوفير الأمن في المنطقة إلى جانب التحقيق في الواقعة ومعرفة المتسببين في وقوعها وتقديمهم للمحاكمة.
وذكرت «سكاي نيوز» في 25 مارس 2021 إن تنظيم داعش استخدم السلب والنهب خلال عمليته ضد قرية تيليا الصحراوية، فإلى جانب سقوط القتلى سرقت عناصر التنظيم الإرهابي آلاف الجمال والأبقار والأغنام من القرية، وأشارت «سكاي نيوز» عبر مصادرها الخاصة، إلى أن المنطقة التي شهدت الهجوم لم يكن بها الأمن الكافي لمنع وقوع المجزرة، وذلك على الرغم من البيانات الدولية حول مساعدة مالي على استعادة الأمن وبالتالي تأمين حدودها مع جيرانها الأفارقة.
هجمات متواصلة
إن الهجوم على جنوب غرب النيجر وسقوط المئات كضحايا يبدو أنه لم يكن كافيًا لإثارة انتباه المسؤولين عن حفظ الأمن في البلاد، ففي 25 مارس 2021 نفذ تنظيم «داعش» هجومًا جديدًا على جنوب البلاد، إذ قتل نحو 10 أشخاص في هجمات متزامنة على قريتين بمنطقة تيلابيري بجنوب البلاد وهي ذات المنطقة التي شهدت هجومًا آخر في منتصف مارس 2021.
فيما أقدم التنظيم على حرق مدرسة خلال عمليته التي راح ضحيتها 3 أشخاص بقرية زبياني و7 آخرين في قرية غابادو بتيلابيري، إذ يتعمد التنظيم نشر الفوضى من حرق وسلب ونهب خلال عملياته غير مكتفٍ بالهجمات القاتلة، ما يعطي مؤشرات حول ضعف المنظومة الأمنية بالمنطقة ما سمح للتنظيم ببث الرعب في نفوس المواطنين.
الحدود.. المنطقة الملعونة
تشتهر الحدود بين النيجر ومالي بالعمليات الإرهابية المتواصلة والتي يسقط خلالها عدد كبير من الضحايا، ففي 2 يناير 2020 خلال إجراء الانتخابات الرئاسية، والتي فاز بها وزير الداخلية السابق محمد بازوم، نفذ الإرهابيون مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 100 شخص في مناطق متاخمة لحدود مالي وبوركينا فاسو.
وتنتشر بمالي وبوركينا فاسو جماعات تدين بالولاء لتنظيم القاعدة أبرزها ما تسمى جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، الا أن «داعش» دخل المنافسة على هذه المنطقة من جهة النيجر الهشة أمنيًّا.
وتقول دراسة لمركز سويسري للدراسات السياسية المعنية بقضايا انتشار العنف والسلاح يسمى (Small Arms Survey) إن هذه المنطقة الحدودية تمثل بؤرة لتجار السلاح والعصابات العاملة بتهريب البشر والإتجار بالمخدرات، ما تستفيد منه تنظيمات الإرهاب لتنشيط التجارة غير المشروعة التي تجلب لها مصادر للإنفاق إلى جانب جعل المنطقة في توتر دائم.