بين التوقف والإنتاج.. معادلة النفط الليبي تربك جميع أطرافها
السبت 26/سبتمبر/2020 - 11:22 ص
مصطفى كامل
حالة من التخبط والارتباك أصابت أنقرة وإخوان طرابلس في ليبيا، بسبب استئناف إنتاج وتصدير النفط وعودة عدد من الحقول للعمل والإنتاج من جديد سواء في الهلال النفطي أو منطقة الواحات وصحراء فرّان، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه مسار الحل السياسي للأزمة الليبية جملة من العراقيل، متجاهلين ورافضين الاتفاق بين قيادة الجيش الليبي والمجلس الرئاسي حول إعادة ضخ النفط، معتبرين الأمر سحبًا للبساط من تحت أقدامهم وإعادة قيادة الجيش للصدارة في المشهد الليبي.
اتفاق إعادة النفط
عاد عدد من الحقول النفطية إلى الإنتاج سواء في الهلال النفطي أو منطقة الواحات وصحراء فزّان، وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط رفع القوة القهرية عن بعض موانيء التصدير في شرق البلاد، وفق اتفاق بين قيادة الجيش وعضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق حول إعادة ضخ النفط إنتاجًا وتصديرًا.
ومثلت مبادئ الاتفاق صفعة قوية للنظام التركي وحلفائه في غرب ليبيا، خاصة من حيث التوافق على تحديد آلية لتوزيع الثروة النفطية على مناطق البلاد، وسحب مقود التصرف في الإيرادات من مصرف ليبيا المركزي الخاضع لسيطرة الإسلام السياسي والمرتبط باتفاقيات تبعية لتركيا.
فيما أكّد رئيس لجنة السيولة في مصرف ليبيا المركزي رمزي الآغا أنّ الاتفاق تناول التوزيع العادل ما بين المدن في الميزانيات المخصّصة للبلديات، والتي من شأنها أن يكون لها تأثير إيجابي على الخدمات التي تقدّمها البلديات، مشيرًا الى أن مواجهتها بالرفض من قبل الميليشيات ومن يقف وراءها باعتبارهم منتفعين من هذه الأموال عكس المواطن، أمر منتظر.
على إثره أكد علي التكبالي، عضو لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الليبي، أن الميليشيات الموجودة في طرابلس لن تسمح بتمرير أيّ اتفاق بشأن إعادة إنتاج وتصدير النفط كالذي قدّمه الجيش الوطني طالما لم يحقق مصالحهم، واعتبر أن الحاكمين في طرابلس لا يأبهون للشعب ولن يوافقوا على إعادة إنتاج النفط؛ إلا إذا تمَّ ضخُّ أمواله إلى مصرف ليبيا المركزي لدفع الأموال للمرتزقة الذين يدافعون عنهم، مشيرًا الى أنّ الجيش حاول تقليل معاناة الشعب عبر اتفاق إعادة إنتاج النفط، إلّا أنّ تلك الميليشيات لن تقبل بهذا الأمر.
تخبط ورفض
وأعلنت أغلب مراكز النفوذ التركي والإخواني في طرابلس ومصراتة رفضها الاتفاق بين الجيش والمجلس الرئاسي، وعلى رأسهم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، الأمر الذي فسره المراقبون بخشيتها من أن يتسبب في سحب البساط من تحد أقدمها، بعد أن أعاد قيادة الجيش إلى صدارة المشهد ، ومنح أحمد معيتيق عضو المجلس الرئاسي صورة رجل السلام في غرب ليبيا، وفتح مجالًا واسعًا أمامه للمنافسة على الزعامة وخاصة في مواجهة رجل تركيا الأبرز وزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا.
ويواجه مسار الحل السياسي للأزمة الليبية جملة من العراقيل التي يسعى النظام التركي وحلفاؤه في غرب البلاد إلى تكريسها بهدف خلط الأوراق قبل إجتماعات جنيف التي ينتظر تدشينها في الخامس من أكتوبر المقبل للإعلان على إثرها عن تشكيل السلطات الجديدة التي ستحل محل المجلس الرئاسي الحالي وحكومته والحكومة المؤقتة في شرق البلاد.
وكانت أحزاب الإسلام السياسي بما فيها حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان، و«الوطن» الذي يتزعمه الإرهابي عبدالحكيم بالحاج، أكدت رفضها للاتفاق حول استئناف إنتاج وتصدير النفط، وهو ذات الموقف الذي اتخذته ميليشيات مصراتة ووزير دفاع حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش ورئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري الذي زعم في بيان وجهه إلى رئيس وأعضاء مجلس رئاسة الوزراء بحكومة الوفاق، أن هذا الإجراء يعد اعتداء على اختصاصات السلطات الشرعية الواردة في الاتفاق السياسي (مجلس النواب ومجلس الدولة ومجلس رئاسة الوزراء) واعتداء على الاختصاص القانوني لمصرف ليبيا المركزي.
......
ويرى مراقبون أن قوى طرابلس ومصراتة الرافضة للاتفاق الحاصل بين قيادة الجيش ومعيتيق، لم تدعُ المؤسسة الوطنية للنفط الى الامتناع عن رفع القوة القهرية، ولا تستطيع منع الحقول والموانيء النفطية من استئناف نشاطها باعتبارها تقع في مناطق خاضعة لنفوذ الجيش الوطني، وإنما هي تضغط من أجل عرقلة بعض مبادئ الاتفاق، وخاصة في ما يتعلق بالتوزيع العادل لإيرادات التصدير، وتعديل وتوحيد سعر الصرف أو الرسم على مبيعات النقد الأجنبي بحيث يشمل جميع المعاملات سواء الحكومية أو الأهلية وكل الأغراض وإلغاء تعدد الأسعار، وأقرت فتح المقاصة ومنظومة المدفوعات الوطنية بين المصارف في كل أرجاء التراب الليبي؛ وخصوصًا المقفولة على مصارف المنطقة الشرقية، وفتح الاعتمادات والتحويلات المصرفية لجميع الأغراض المسموح بها قانونًا وللجهات جميعًا دون تمييز، وأن يتم معاملة المصارف على قدم المساواة وبالضوابط القانونية الموحدة على الجميع، إضافة إلى الاتفاق على وضع الآلية المناسبة للاستفادة من الرسم المفروض على سعر الصرف، وذلك باستخدامه في تمويل مشروعات التنمية وإعطاء الأولوية للمشروعات العاجلة التي تخدم المواطن بشكل مباشر والمناطق المتضررة وإعادة إعمارها.





