يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

انتصارات «حفتر» تربك «الجضران» في ليبيا

الخميس 14/يونيو/2018 - 04:10 م
حفتر
حفتر
سارة رشاد
طباعة
نتائج كثيرة أسفرت عنها عملية تحرير «درنة» شرقي ليبيا؛ فبخلاف الحقيقة التي سيفرضها تحرير المدينة من حيث خلو المنطقة الشرقية من أي حضور إرهابي، هناك حقيقة أخرى ألا وهي تتويج القائد العسكري للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر، بطلًا شعبيًّا.

وبعد تمكن «حفتر» من قيادة القوات المسلحة في معارك تحرير مدن الشرق، ومن ثم تحجيم الحضور المتطرف في الجغرافيا الليبية، حظي اسمه بقبول على المستوى الشعبي إلى جانب تحوله لرقم مهم في أي تحرك دولي في الملف الليبي.

وأطل صباح اليوم، اسم جديد على المشهد الليبي كان قد اختفى قبل عامين، هو آمر حرس المنشآت النفطية السابق التابع لحكومة الوفاق «إبراهيم الجضران»، وفيما يقل عن سبع دقائق، ظهر «الجضران» لأول مرة منذ اختفائه من المشهد، عبر مقطع فيديو تعهد فيه بتنفيذ عمليات بمنطقة الهلال النفطي لرفع ما سماه «ظلم» يعيشه أهالي الهلال منذ عامين، في إشارة لفترة سيطرة قوات الجيش الليبي على المنطقة.
 
وتابع في الفيديو المنشور، صباح اليوم الخميس، أنه أنهى تجهيز قواته؛ لاستعادة السيطرة على منطقة «الهلال النفطي»، مشيرًا إلى أنه مستعين في ذلك بعناصر من سرايا الدفاع عن بنغازي، ومعارضة تشادية، قال إنها تابعة لقبائل التبو.

وجاء هذا الفيديو متزامنًا مع هجوم مسلح، وقع فجر اليوم الخميس، داخل منطقة الهلال النفطي، أدى إلى إشعال خزان للنفط بحقل الفيبا التابع لشركة الهروج للعمليات النفطية.

وفي إعلانها عن الخبر، نسبت شعبة الإعلام الحربي، المعبرة عن الجيش الليبي، الهجوم لسريا الدفاع عن مدينة بنغازي (شرقي ليبيا)، قائلة: إن الجيش الليبي تمكن من التصدى لهم وإسقاط قتلى في صفوفهم، وأوضحت أن العملية تمت في هذا التوقيت لتشتيت الجيش الليبي، وتخفيف الضغط على إرهابيّي «درنة»، الذين فقدوا سيطرتهم على المدينة لصالح تقدمات عسكرية للجيش. 

في التوقيت نفسه كشفت مصادر أمنية ليبية لـ«المرجع» عن زحف عسكري توجه نحو منطقة الهلال النفطي التي يسيطر عليها الجيش الليبي منذ عامين، مشيرةً إلى أن الوجود العسكري هدفه حماية «الهلال»، الذي وردت أنباء عن وجود تحركات إرهابية بداخله؛ لزعزعة سيطرة الجيش عليه.

لمذا الجضران؟ ولماذا الآن؟
مع بدء معارك تحرير «درنة»، الإثنين الموافق 7 مايو، نشر الجيش الليبي اعترافات قال إنه حصل عليها من إرهابيين سقطوا في يده، قالوا فيها، إن قطر طالبتهم بالتماسك في وجه قوات الجيش الليبي، لحين فتح جبهة جديدة في مكان آخر ينشغل فيه الجيش عن معاركه في درنة.

وفي التفسير الأول للهجوم نشرت المنابر الإعلامية للجيش الليبي، ما يفيد أن هجوم الهلال النفطي جاء لتشتيت الجيش وإتاحة فرصة لإرهابيي درنة لالتقاط الأنفاس.

وعلى الرغم من عقلانية التفسير فإن ظهور «الجضران» تحديدًا، وقبل أيام من حسم معركة درنة التي أوشك الجيش الليبي على إعلان تحريرها، قد يحمل بعض الدلالات... ما هي؟

مع بدء المعارك في ليبيا ظهر على المشهد اسمان قدمَّا نفسيهما للمتابع الليبي على أنهما محاربان للإرهاب؛ الأول كان «خليفة حفتر»، القائد العسكري المعارض للرئيس الليبي السابق معمر القذافي، أما الثاني فكان «إبراهيم الجضران»، الذي تصدى لتقدمات تنظيم «داعش» في الهلال النفطي ومنع سيطرته على المنشآت النفطية.

ظل الاسمان يحظيان بقبول في المشهد الليبي لفترة، إلى أن حدث بينهما صدام عندما قرر تنظيم «داعش»، قبل عامين، التعرض لحرس المنشآت التي يديرها «الجضران»، وتجنب «حفتر» الوقوف إلى جواره بعدما رفض الأول الانضواء داخل القوات المسلحة الليبية. 

وبفعل هذا الخلاف قامت بينهما عداوة، انتقلت إلى صدام مسلح للسيطرة على منطقة «الهلال»؛ لينهي «حفتر»، في 2016 الوضع لصالحه بفرض سيطرته على الهلال، واضطر الجضران -وقتها- للاختفاء.

وفي تعقيب على الاختفاء، استقبل المشهد الليبي تساؤلات حول سبب هروب «الجضران»، وما إذ كان سيعيد ترتيب صفوفه؛ لشن هجمات على قوات «حفتر» في الهلال النفطي.

وعلى مدار عامين، منذ اختفائه، توارى اسم «الجضران»، وتورات معه أي احتمالية لعودته وتنفيذه لعمليات ضد قوات «حفتر»، إلى أن ظهر اليوم.

مصادر عسكرية تابعة لـ«حفتر» قالت لـ«المرجع»: إن ظهور «الجضران» في هذا التوقيت تحديدًا له أكثر من دلالة؛ أولها محاولة أطراف خارجية التقليل من إنجاز خليفة حفتر، وكونه محرر الجزء الشرقي في ليبيا، مشيرةً إلى أن تصعيد «الجضران» مجددًا هدفه وضع اسم منافس لحفتر.

وتابعت أن اختيار «الجضران» نفسه لكونه صاحب دور في وقت من الأوقات في التصدي لـ«داعش»، ومن ثم وجوده يصبح منغصًا حقيقيًّا للقبول الشعبي لحفتر.

وأضافت أن اختيار هذا التوقيت هدفه تشتيت الجيش، ومساعدة إرهابيي درنة على استعادة النفوذ، مشيرةً إلى أن اختيار منطقة الهلال النفطي تحديدًا لنشوب مواجهات فيها تشغل الجيش.

واتفق مع ذلك الباحث الليبي، فايز الحداد، الذي قال لـ«المرجع»: إن أهمية «الهلال» تكمن في كونه يضم أكبر 4 موانئ ليبية لإنتاج النفط، هي: «ميناء السدرة، ميناء رأس لانو، ميناء الزويتينة، وميناء البريقة».

وأوضح أن الجهة التي تقف وراء هجوم اليوم وهي سرايا الدفاع عن بنغازي، مدعومة من الإخوان، مرجحًا أن تكون قطر حاضنة الجماعة، هي من تقف وراء هذا التحرك لشغل الجيش عن معاركه في درنة.

ويتفق ذلك مع نص الاعترافات التي بثها الجيش في بداية معارك درنة، وتشير إلى توصيات قطرية بخلق مناطق نزاع جديدة يضطر الجيش للانسحاب إليها، لاسيما تصريحات إعلامية حديثة لقائد غرفة إجدابيا، العميد فوزي المنصوري، اتهم فيها قطر وتركيا بالوقوف وراء التحركات في الهلال النفطي، والسعي لتوسيع مواقع المواجهات فيه.
"