قلب الطاولة.. استقالة «السراج» تربك حسابات أردوغان في ليبيا
الأربعاء 23/سبتمبر/2020 - 11:10 ص
نورا بنداري
بعد مرور نحو 5 سنوات على تولي «فايز السراج» رئاسة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، حصل خلالها «السراج» على دعم من النظام التركي؛ ما أسهم بشدة في انتشار ميليشيات الإرهاب، وعموم الفوضى والفساد في جميع أنحاء الدولة الليبية.
استقالة السراج وانزعاج تركي
وأعلن «السراج» في 16 سبتمبر 2020 نيته الاستقالة من منصبه في أكتوبر 2020، وتسليم جميع مهامه إلى سلطة تنفيذية جديدة، يجري التفاوض بشأن تشكيلها بين طرفي النزاع في ليبيا.
وكما هو متوقع، كانت تركيا أول المنزعجين من رحيل رجلها في ليبيا واستقالته، وأعرب عن ذلك الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» الذي أعلن بعد يوم واحد من إعلان الاستقالة، أن بلاده منزعجة من قرار استقالة رئيس حكومة الوفاق الليبية.
وفي إطار هذا تطرح التساؤلات، حول الأسباب التي دفعت «السراج» لتقديم استقالته، وهل كانت تركيا على علم بقرار الاستقالة أم لا؟ وإلى أي مدى سيؤثر قرار استقالة «السراج» على الوجود التركي ومشروع «أردوغان» في ليبيا؟.
أسباب ودوافع الاستقالة
هناك عدة أسباب دفعت رئيس ميليشيا الوفاق إلى تقديم استقالته، أولها، الرفض الشعبي الكبير له، فقبيل إعلانه قرار الاستقالة، خرج الليبيون قبل أسابيع في مظاهرات عارمة شهدتها العاصمة طرابلس، وعدد من المدن الليبية التي يسيطر عليها «السراج»، وطالب المتظاهرون خلال احتجاجاتهم برحيل «السراج»؛ بسبب أداء حكومته الذي أدى إلى تدهور الظروف المعيشية، وارتفاع الأسعار، فضلًا عن انتشار الفساد.
ومن ضمن الأسباب أيضًا التي قد تكون سببًا في الاستقالة، وجود خلافات علنية ظهرت بشكل واضح خلال الأيام الماضية بين السراج ورجل تركيا في حكومته وزير الداخلية «فتحي باشاغا»، على خلفية التعامل مع المظاهرات، إذ قام «السراج» بوقف «باشاغا» عن ممارسة مهامه، ولكن بعد تهديد الميليشيا التابعة لـ«باشاغا» في طرابلس، قام «السراج» بإعادته مرة أخرى على رأس وزارة الداخلية.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه بعض المحللين السياسيين أن استقالة «السراج» جاءت بعد إدراكه أن الوضع المزري في ليبيا وصل إلى مرحلة الانفجار، وهو وحده من يتحمل العبء الأكبر في ذلك، هذا فضلًا عن تغير مواقف وأهداف حلفائه بالداخل الليبي، ورأى البعض الآخر أن هذه الاستقالة جاءت بمثابة ورقة ضغط وتوافقات دولية وداخلية للإسراع في عملية تشكيل سلطة جديدة.
معرفة تركيا بالاستقالة
وحول علم تركيا باستقالة «السراج» من عدمه، أعلن «هشام النجار» الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن أنقرة ليس لها علاقة باستقالة السراج، ولم تكن على علم بذلك؛ لأن هذا في غير صالحها، وما حدث جرى بضغوط عربية ودولية على غير رغبة أنقرة؛ بغرض الدفع بعملية التسوية السياسية للأمام، ولتصعيد قيادات بديلة قادرة على التعاطي والإسهام في واقع ما بعد التسوية السياسية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع كل الأطياف الليبية، كما ورد بورقة إعلان القاهرة.
إرباك لمشروع «أردوغان»
وأضاف «النجار» في تصريح لـ«المرجع»، أن هذا التطور يمثل إرباكًا كبيرًا لجزء حيوي من مشروع «أردوغان» التوسعي في المنطقة؛ خاصة أن الرئيس التركي كان يراهن على الساحة الليبية ليس فقط لنهب الثروات الليبية وإسناد اقتصاد بلاده المتهاوي بل للانطلاق منها للتوسع لساحات أخرى، وفرض نفوذه في شمال أفريقيا، ومجمل دول أفريقيا، وعندما يفقد ورقة السراج فإن خططه في ليبيا معرضة للتفكيك، ومنها السيطرة على العديد من الموانئ الليبية الاستراتيجية، وتأسيس عدد من القواعد العسكرية بليبيا، وفرض تركيا كأمر واقع في المشهد المستقبلي لليبيا من خلال تحريك جماعة الإخوان على الأرض.
تراجع هيمنة الإخوان
ولفت «النجار» إلى أن الاستقالة هي مقدمة لتراجع تركيا، وتراجع هيمنة جماعة الإخوان على القرار في الغرب الليبي، كما أنها مجرد خطوة للتخلص من وجه صار غير مقبول، وورقة باتت محروقة لإيجاد بديل داخل الجماعة، وداخل محور (تركيا - قطر) يحل محلها، وفي نهاية الأمر يأتي قرار الاستقالة رضوخًا للإرادة المصرية، وتغليب للمصلحة الوطنية الليبية، وستؤدي إلى تذويب الولاءات الخارجية، وتوحيد الجيش، ومنع انتشار السلاح والمرتزقة، وجميعها خطوات مستقبلية ستخصم من نفوذ جماعة الإخوان، وستحد من حضور تركيا وقطر في المشهد الليبي.





