لغة القوة.. فرنسا تدعم اليونان وترد على التصعيد العسكري التركي في «المتوسط»
السبت 15/أغسطس/2020 - 01:01 م
نهلة عبدالمنعم
قررت فرنسا تصعيد خطواتها العسكرية ضد
تركيا، لردعها عن التنقيب غير المشروع عن الغاز في شرق المتوسط، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 13 أغسطس 2020 دعم قوات بلاده العسكرية في المتوسط بطائرتي
رافال وسفينة لافايت لمراقبة المنطقة.
وشدد ماكرون على التزام بلاده بمعايير القانون الدولي، وبأن التعزيز العسكري هدفه فرض الأمن والسيطرة على المنطقة بعد توترات متصاعدة بين دولتين من الاتحاد الأوروبي وهما؛ تركيا واليونان، على خلفية انتهاك الأولى لسيادة الأخيرة لمياهها الإقليمية.
صراع تركي يوناني
جاءت تصريحات ماكرون عبر بيان رسمي أوردته الرئاسة حول قررات اتخذت عقب اتصال هاتفي جرى بين ماكرون ورئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي عبر عن انزعاجه من التصرفات التركية في شرق المتوسط، ومن جهته أعرب ماكرون عن تخوفه من الاستكشافات التركية التي تجتهد أنقرة في عملها قبالة سواحل اليونان وقبرص.
وطالب ماكرون أنقرة بإيقاف فوري للأعمال غير المشروعة التي تنتهجها في المتوسط، والتوقف عن التنقيب غير القانوني عن الغاز، داعيًا إياها للامتناع عن التصرفات الأحادية وبدء حوار سلمي هادف مع الجانب اليوناني شريكها في حلف الناتو.
التصعيد الفرنسي
يأتي التصعيد الفرنسي بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان أنقرة إبحار سفينة أورووتش رئيس من أنطاليا بجنوب غرب البلاد نحو شرق المتوسط، فضلًا عن إعلانها في 12 أغسطس 2020 بدء السفينة عملها في المنطقة ما يمثل تهديدًا خطيرًا من الجانب التركي للجيران الأوروبيين.
فعبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية، فاتح دونماز إن السفينة التركية بدأت أعمالها عبر تطبيق المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد، وتفعيل المسح الزلزالي لرسم خرائط عن قاع البحر، والحصول على عينات منه قبالة سواحل اليونان وقبرص للتنقيب عن الغاز، مضيفًا أن السفينة رافقتها قطع من سلاح البحرية التركية.
من جهتها أعلنت اليونان رفضها القاطع لما تمارسه أنقرة في المنطقة، إذ أشارت وزارة الخارجية إلى أن تحريك سفينة المسح الزلزالي في المنطقة المتنازع عليها يمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد أمن واستقرار شرق المتوسط، ويؤكد عزم تركيا الواضح لزعزعة المنطقة، مضيفة: أن القطع الحربية لتركيا كانت في 12 أغسطس 2020 على بعد 60 ميلًا فقط من جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية ما يمثل انتهاكًا للحدود.
ويدفع رئيس الوزراء لتحريك الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف صارم تجاه ما تمارسه تركيا في الجرف القاري اليوناني داعيًا بروكسل لعقد اجتماع طارئ لحث أنقرة على إبعاد السفينة أوروتش من شرق المتوسط لما يمثله ذلك من انتهاك صريح.
تركيا تمزق بروكسل والناتو
تتصاعد المطالبات مجددًا بضرورة تفعيل عقوبات واضحة وقوية ضد أنقرة لما تقترفه في شرق المتوسط، ولكن هل سيتفق زعماء بروكسل على ردعها هذه المرة أم أن أنابيب الغاز الممتدة بين دول الاتحاد وروسيا مرورًا بأنقرة إلى جانب المصالح الاقتصادية ستعطل القرار؟، إلى جانب أن هذه الانتهاكات التركية تمثل تصدعًا آخر في حلف الناتو لفشله في معاقبة أنقرة عن فعلها العدائي تجاه البارجة الفرنسية في المتوسط ما دفع باريس لتعطيل أعمالها البحرية في الحلف واصفة إياه بـ«الميت إكلينيكيًّا».
وبناء عليه؛ فإن أطماع تركيا في شرق المتوسط تسبب تصدعًا كبيرًا بين دول الاتحاد التي لا تزال عاجزة عن معاقبة أنقرة إلى جانب تشتيت جهود حلف الناتو لاعتراض باريس على عجزه أيضًا عن إيقاف التغول التركي بالمنطقة وانتهاكها للقرارات الأممية في ليبيا.
إلا أن التصعيد الأخير من جانب أنقرة دفع الاتحاد الأوروبي لتأكيد دعمه لأثينا في رفض وجود سفينة أوروتش قبالة سواحلها الإقليمية، إذ قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الحدود البحرية تحدد عبر المفاوضات وليس الحروب والانتهاكات، كما قرر الاتحاد عقد اجتماع استثنائي في 14 أغسطس لمناقشة مستقبل المتوسط، فهل ستدفع تركيا بنفسها إلى سلة العقوبات الدولية؟.
وتعليقًا على التصعيد الأخير يقول الباحث في جامعة كارديف متروبوليتان، عبداللطيف درويش في تصريح إعلامي إن التوتر بين اليونان وتركيا اتخذ منحى عسكريًّا واضحًا للضغط على أثينا لتحصل على مكاسب سياسية، لافتًا إلى أن أردوغان غير القطع البحرية الموجودة في السواحل مستبدلًا إياها بقطع قديمة لامتصاص أي احتمال لضربة عسكرية قوية من قبل اليونان على خلفية هذا التصعيد كنوع من التكتيك العسكري يوحي بأن المنطقة على حافة الحرب.
على الرغم من ذلك أشار الباحث إلى أن أوروبا تخشى من نشوب نزاع عسكري في المنطقة قد يؤثر على الحالة الاقتصادية للمنطقة ورواج اليورو في ظل أزمة موجودة بالأساس على خلفية انتشار فيروس كورونا، وبالتالي فهي قد تدفع بالضرورة نحو حل الأزمة سياسيًّا.





