الغضب الشعبي يفضح المسكوت عنه في تاريخ الإرهاب العثماني بـ«لبنان»
الأربعاء 01/أبريل/2020 - 04:04 م
أنديانا خالد
في 5 سبتمبر 2019 تجمهر مجموعة من الاشخاص أمام السفارة التركية في بيروت، حاملين لافتة عليها علم تركيا مع صورة جمجمة مغطاة بالدماء، وذلك احتجاجًا على التدخل التركي في الشأن اللبناني، كما رفع المحتجون لافتة تحمل عبارة "انتو كمان انضبّوا" ومعناها "الزموا حدودكم"، ثم علقوها على بوابة السفارة.
وجاء الاحتجاج على خلفية تصريحات
الرئيس اللبنانى ميشال عون بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس بلاده، والتى أكد
فيها أن إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصًا خلال
الحرب العالمية الأولى، أودى بمئات الآلاف من الضحايا ما بين المجاعة
والتجنيد والسخرة، وهو الذى اعتبرته وزارة الخارجية التركية إسقاطًا عليها
وإساءة للدولة العثمانية، مؤكدة أن التصريحات "مؤسفة للغاية وغير مسؤولة".
ورغم
أن تصريح الرئيس اللبناني جاء بعد مرور أسبوع على الزيارة، التي أجراها
وزير الخارجية التركى مولود تشاووش أوغلو إلى لبنان، أواخر أغسطس 2019، إلا
أن ذلك لم يضع حائلًا ضد التذمر اللبنانى المتواصل من التدخل التركى السافر
في الشأن اللبناني.
وفي
شهر أبريل 2019، أحرق لبنانيون العلم التركي خلال مسيرة حاشدة نظمتها
الأحزاب الأرمنية، مُطالبين أنقرة بالاعتراف بمجازر الأرمن التي وقعت قبل
104 أعوام.
وحاولت
الخارجية التركية التنصل من وجود "إرهاب دولة" في تاريخ الإمبراطورية
العثمانية، زاعمة أنها كانت فترة استقرار طويلة، لم تعهدها المنطقة مجددًا
منذ تقسيمها وفق اتفاقية "سايكس بيكو" عقب الحرب العالمية الأولى.
ورد
مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية أمل أبوزيد، فى تغريدة
عبر "تويتر" قائلا: "إن تطاول الخارجية التركية على رأس الدولة في لبنان
مدان ومرفوض، وما هو إلا تعبير عن ذهنية التسلط والهيمنة، التي ورثتها
الدولة التركية عن السلطنة العثمانية البائدة".
تاريخ من الدماء
ملأ العثمانيون قلوب الشعوب الأوروبية والعربية هلعًا وفزعًا فى الشرق والغرب، بعد أن أخضعوا أقاليم شاسعة فى جنوب شرق أوروبا ووسطها، ورغم
تشدق قادتها بالإسلام فإن الأقاليم التي استولوا عليها، لاسيما في أوروبا، لم تخضع قط لأى حاكم مسلم، ليس ذلك فحسب بل ارتكب حكامها أبشع
المجازر بحق أهلها، بعد أن كانوا يتلقون الأوامر من الباب العالى في مركز
الحكم الإمبراطوري في الأستانة.
وسجل
التاريخ الحديث إبادة عرقية للأكراد على يد العثمانيين، في سنوات 1937
و1938، لتُصنّف بذلك مذبحة درسيم، وكل من مأساة ثورة الشيخ سعيد بيران، ومجزرة وادي زيلان، ضمن قائمة الجرائم التركية بحق الأكراد.
ويرى الباحث الدكتور طلال بن خالد الطريفي، في مقال منشور بصحيفة "الشرق الأوسط"
اللندنية في 22 سبتمبر 2019 بعنوان "العثمانيون جاءوا إلى الوطن العربي
برائحة الموت"، أن الانتقاد الذي وجهه الرئيس اللبناني ميشال عون إلى الدور
الذي لعبه حكام السلطة العثمانية في المناطق التي كانوا يحكمونها في
المنطقة العربية، كان كافيًا لإثارة حملة حكومية تركية على عون بلغت حد وصف
كلامه بـ«الهذيان»، ووصلت إلى استدعاء سفراء الدولتين للاحتجاج من جانب
أنقرة ومحاولات التفسير من جانب بيروت، مع أن "عون" كان يقصد ما يتعلق
بلبنان بشكل خاص، خلال الحقبة العثمانية.
إعادة فكر الاناضولية
من
جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن
ممارسات النظام العثماني في لبنان اتسمت بالعنف والمواجهة، إذ كان لا يفسح
المجال للمشاركة السياسية، الأمر الذي جعل اللبنانيين يثورون عليه، ما دفع
الأخير إلى إعدام الكثير من المثقفين والشعراء والكتاب اللبنانيين.
وأضاف
في تصريحات لـ«المرجع»، أن العثمانيين الجدد يرفعون شعار "إعادة فكر
الأناضولية"، والذي يستهدف عودة الولايات تحت عباءة تركيا من جديد، ومن ضمن
تلك الولايات "لبنان وسوريا وليبيا وغزة"، لذلك يتدخلون في شؤون هذه
البلاد، مشيرًا إلى أن لبنان لا يمثل هدفًا لهم خلال الفترة الحالية فهو مؤجل، ولكن يبحثون عن غزة وسوريا وليبيا.
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى
أن كل أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم يقودون هذا الفكر، وليس الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان فقط، حتى من انشقوا عن الحزب وكونوا احزابًا جديدة
مثل "داوود أوغلو"، هدفهم هو عودة الهيمنة العثمانية على الولايات التي
كانت تتبع لهم قبل سقوط الخلافة العثمانية.





