ad a b
ad ad ad

أزمة «الفجر الكاذب» تُشْعِل الصراع بين السلفيين والأزهر

الجمعة 01/يونيو/2018 - 02:39 م
المرجع
عبدالهادي ربيع
طباعة
في التوقيت نفسه من كل عام خلال شهر رمضان المبارك، يثير قيادات السلفية فتنًا عدّة نائمة تتعلق بالشهر الكريم وشعائره، بدايةً من رؤية هلال الشهر، مرورًا بمواعيد الصيام والإفطار وصلاة الفجر، وانتهاء برؤية هلال شهر شوال، وتحديد أول أيام عيد الفطر المبارك.
أزمة «الفجر الكاذب»
ويرى بعض دعاة السلفية أن موعد أذان الفجر الرسمي، الذي تعتمده وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية وكذلك الأزهر الشريف، غير صحيح، وتتعمد مساجد التيار السلفي، تأخير الأذان عن الموعد الرسمي المحدد فلكيًّا، إضافةً إلى تعمد مرتادي هذه المساجد الأكل والشرب بعد أذان الفجر الرسمي، لاعتبارهم أن أذان الفجر الرسمي هو ما يطلق عليه شرعيًّا «الفجر الكاذب»، وأن «الفجر الصادق» يكون بعد هذا الموعد بنحو 45 دقيقة، وأن إظهار مخالفة الكيانات الدينية الرسمية، بالأكل والشرب بعد موعد الأذان الرسمي المعتمد، يعدّ تقربًا إلى الله، وإحياء للسنة -حسب اعتقادهم.

ولم يكن ما حدث هذا العام من دعاوى على مواقع التواصل الاجتماعي تُشكك في مواعيد صلاة المصريين وصيامهم هي المرة الأولى، بل سبق وحدث مثل ذلك في سنوات عدّة كان آخرها العام الماضي؛ لينتهي الأمر بدعوى أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة، التي أقامها زكي محمد رجب ضد شيخ الأزهر، ومفتي الجمهورية، ورئيس مجمع البحوث والدراسات الإسلامية، وحاول مقيم الدعوى، في 45 صفحة، إثبات أن مواقيت الصلاة والصوم والإفطار الموضوعة حاليًّا مغلوطة.

وذكر صاحب الدعوى، في أوراق القضية، أن الآيات القرآنية حددت أزمنة ومواقيت الصلاة والصيام الصحيحة، ومثال ذلك تعليقه على قول الله «ثم أتموا الصيام إلى الليل»، قائلًا: «لم يقل لنا سبحانه أن نصوم حتى المغرب، بل كان كلام الله وهو كلام الشرع في النص القرآني (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، ولم يقل إلى المغرب».

كما تضمن ملف الدعوى، أن الإمساك عن الطعام في شهر رمضان ليس له علاقة بظهور قرص الشمس -حسب رأيه- وأن العلاقة تكون بالظلمة لليل والضوء للنهار، أي أن بداية غروب وظهور قرص الشمس ليس له علاقة بوقت الإفطار أو الإمساك والصوم، وأن الأمر يتحدد عن طريق الخيط الأسود لليل «ظلمة الليل»، والخيط الأبيض للنهار وكلاهما يكونان في عدم ظهور قرص الشمس.
أزمة «الفجر الكاذب»
وقد حسمت دار الإفتاء المصرية هذه المسألة وذكرت -في بيان لها- أن «التوقيت الحاليّ وهو توقيت الهيئة المصرية العامة للمساحة صحيح قطعًا ويَجبُ الأخذُ به؛ لأنه ثابِتٌ بإقرارِ المُتخصِّصين، ومما يلزم تنبيه الناس إليه: أنَّ أمرَ العبادات الجماعية المُشتَرَكةِ في الإسلام مَبنِيٌّ على إقرارِ النِّظامِ العامِّ بِجَمْعِ كَلِمَةِ المسلمين ورَفْضِ التناوُلَات الانفِرادِيَّةِ العَشْوَائيَّةِ للشَّعَائرِ العامَّة».

كما ردَّ مفتي الجمهورية الأستاذ الدكتور شوقي علام، في لقاء تلفزيوني، على هذه المزاعم، قائلًا: «إنه لا صحة على الإطلاق لتشكيك بعض الناس في صحة توقيت الفجر في مصر؛ بدعوى أن الأذان في مكة المكرمة يحين في بعض الأوقات بعد القاهرة»، موضحًا أن توقيت الفجر المعمول به حاليًّا في مصر (وهو عند زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5°) هو التوقيت الصحيح قطعًا.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن النهار في القاهرة أثناء فصل الصيف أطول من نهار مكة المكرمة، مستدلًّا بيوم الإثنين الماضي، الموافق 28 مايو 2018؛ إذ بلغ طولُ النهار في مكة المكرمة بحسب أهل الاختصاص 14 ساعةً و45 دقيقة، في حين أن طولَ النهار في القاهرة قد بلغ: 15 ساعةً و37 دقيقة.
أزمة «الفجر الكاذب»
الفجر الكاذب
كانت إشكالية الفجر الصادق والكاذب قد بدأت منذ عصر النبوة، فقد ثبت في صحيح مسلم، أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير»، وحديث: «الفجر فجران؛ فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصيام، وفجر تحرم فيه الصلاة –أي صلاة الفجر- ويحل فيه الطعام».

وقد حدد الفلكيون الفجرين بناء على الضوء الناتج عنهما وزاوية اختفاء الشمس تحد الأفق، فالفجر الكاذب هو ظاهرة فلكية تسمى بالضوء البرجي، تظهر في صورة إضاءة بيضاء جهة الشرق، قبل نحو ساعة من الفجر الصادق، على شكل مثلث قاعدته الأفق؛ نتيجة لانعكاس أشعة الشمس على الحبيبات الغبارية السابحة في الفضاء، بعد مدار كوكب المريخ.

أما الفجر الصادق، فيكون نتيجة تشتت أشعة الشمس في الغلاف الجوي، ويرى بعض الفقهاء أن بزوغ أول ضوء لهذا الفجر (الغلس) هو موعد الصلاة، في حين يرى بعضهم أن موعده لا يحين إلا مع احمرار يظهر في السماء يُسمى (الإسفار).
أزمة «الفجر الكاذب»
أول صلاة الفجر فلكيًّا
اختلف الفلكيون على مقدار زاوية وجود الشمس تحت الأفق التي يصح عندها الفجر الصادق، ففي حين يرى غالبيتهم أنها الزاوية 18 درجة، يرى آخرون أنها الزاوية 16.5، وبعضهم نادى بالزاوية 15 كأقل زاوية، وآخرون نادوا بالزاوية 19.5 كأكبر زاوية.

كما أنه لا يصح حساب موعد صلاة الفجر بالمقارنة بموعد صلاة دولة أخرى حتى بحساب الفارق الزمني، 4 دقائق لكل خط طول؛ إذ يؤكد الفلكيون أن هذه القاعدة المشهورة تصح في حال وقوع المدينتين على دائرة عرض واحدة عند خط الاستواء، وقد ذكر المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي بأبوظبي، في بحث له بعنوان «إشكاليات فلكية وفقهية حول تحديد مواقيت الصلاة»، أن الزمن اللازم لكي تقترب الشمس من الأفق درجة واحدة من الزاوية 18 إلى الزاوية 17، تختلف وفق الفصول الأربعة وخط العرض -وفق ما هو موضح بالجدول المرفق- بما يعني خطأ الاعتماد على الحسابات الرياضية في تحديد موعد صلاة الفجر في بلد، مقارنة بأخرى.
"