أجنحة القاعدة في سوريا.. هؤلاء يحسبون على التنظيم الإرهابي
تسبب ما يعرف بفك الارتباط الذي نفذه زعيم
هيئة تحرير الشام، كبرى الفصائل العاملة في سوريا، أبو محمد الجولاني، في 2016 عن
تنظيم القاعدة، في فقد التنظيم الإرهابي أبرز ممثليه في سوريا، ومنذ ذلك الوقت
وتحاول القاعدة خلق كيانات مسلحة معبرة عنها تعوض الخسارة التي لحقت بعد القطيعة
مع تحرير الشام.
«أنصار التوحيد» أحد هذه الكيانات التي شرعت القاعدة في تأسيسها، ويعتبر امتدادًا لفصيل «جند الأقصى»، الذي أُسس منتصف عام 2012، على يد شخصية تعرف بـ«أبو عبد العزيز القطري»، الذي قُتل في ظروف غامضة عام 2014، واتهمت ما يعرف بـ«جبهة ثوار سوريا» في قتله، للعثور على جثته في بلدة دير سنبل، قرب مقر الجبهة.
وعن الخلفية الفكرية، فـ«جند الأقصى» الذي ينحدر منه «أنصار التوحيد»، ذو خلفية سلفية جهادية، وكان يتمتع بعلاقات قوية مع «جبهة النصرة»، «هيئة تحرير الشام» حاليًا، باعتبارهما حاملين لنفس الأفكار القاعدية.
رغم تلك العلاقات، إلا أن «جند الأقصى» دخل في مواجهات مسلحة مع بعض الكيانات القاعدية أواخر 2015، على خلفية قراره بالامتناع عن مقاتلة تنظيم داعش نهائيًّا، ما يمثل اختلاف عن الموقف القاعدي من داعش.
ولهذا السبب نشبت معارك بين «جند الأقصى» من ناحية و«جيش الفتح» -مقرب من القاعدة ولم يعد له وجود الآن في سوريا - من ناحية أخرى، وعلى خلفية ذلك عقدت اتفاقية بمعرفة هيئة تحرير الشام وهيئة أحرار الشام، خرج على أثرها عناصر جند الأقصى إلى مدينة الرقة.
وبقيت مجموعات منشقة وفلول في المنطقة أعلنت بدورها، في مارس 2018، من مدينة سرمين بريف إدلب، تشكيل فصيل «أنصار التوحيد» بقيادة، أبو دياب سرمين.
ولا يفصح الفصيل، الذي ينتشر في كل من سرمين وجبال اللاذقية ومنطقة النيرب بريف حلب، عن أعداد مقاتليه والمنضمين إلى صفوفه.
وفي أكتوبر 2018، شكل أنصار التوحيد مع كل من «تنظيم حراس الدين» و«جبهة أنصار الدين»، و«جبهة أنصار الإسلام»، غرفة عرفت بـ«وحرض المؤمنين»، التي ركزت عملها بشكل أساسي في ريف اللاذقية الشمالي وصولًا إلى الريف الغربي لحماة.
وإن كان «جند التوحيد» أحد تجارب القاعدة في سوريا، فيلحق به «حراس الدين»، الذي تأسس في فبراير من العام الماضي؛ ليكون معبرًا عن التنظيم الإرهابي في سوريا، في ظل ضعف حضوره بعد انفصال تحرير الشام.
وفي البيان الإعلامي، الذي حمل خبر تأسيس التنظيم المتطرف، ونُشر في 27 فبراير الماضي، عبر قناة حديثة العمل على تطبيق«تيليجرام» بعنوان «أنقذوا فسطاط المسلمين»، لم يشر إلى أي خلفيات فكرية، إلا أن ذلك لم يمنع الترجيحات من الاتفاق على أن الكيان الجديد ما هو إلا فرع جديد لتنظيم «القاعدة».
واعتمد المتبنون لهذا الرأي على محاولة سابقة لـ«القاعدة»، حاول من خلالها خلق كيان في سوريا سُمي بـ«أنصار الفرقان»-أعلن عن نفسه في أكتوبر 2017- لتغطية الفراغ الذي عاشه تنظيم القاعدة، بحكم قرار ما تسمى بـ«جبهة النصرة» -فرع تنظيم القاعدة بسوريا - بفك ارتباطها بالتنظيم الأم، في يوليو 2016.
وبعد الفشل السريع لتجربة «أنصار الفرقان»، كانت التكهنات مختلفة بخصوص ما يسمى بـ«حراس الدين»؛ إذ سرّب التنظيم الجديد معلومات فور تأسيسه، عن تشكيله الداخلي وقياداته العسكرية والفكرية؛ للتلميح إلى ثمة تجربة قوية يقدم عليها.
ورغم محاولة «القاعدة» لدعم ما يسمى بـ«حراس الدين» ومده بالمنشقين عن ما يعرف بـ«هيئة تحرير الشام» -جبهة النصرة سابقًا - فإن ما يزيد عن العام والنصف مرروًا منذ تأسيسه، و لم يثبت فيهم التنظيم الجديد أي حضور قوي، إذ اقتصرت تحركاته على مناوشات عسكرية هنا، وبيان إعلامي هناك، ما قد يعني أن فراغ «القاعدة» بسوريا مازال قائمًا.
ويقتصر السمت الأول لأجنحة القاعدة في سوريا على رفض الاعتراف بهزيمة الفصائل، ومن ثم رفض المفاوضات.
ويشهد المزاج الفصائلي بسوريا في هذا الأوان شعورًا بالفشل، وهو ما يبرر الحديث القائم عن القبول بالمفاوضات، باعتبارها أفضل الحلول في المشهد الحالي، وبينما تقبل الفصائل ولو سرًا بذلك، إلا أن أجنحة القاعدة ترفض ذلك الخيار بشدة، مؤكدةً في مواقفها على استمرارها في تغليب لغة السلاح والمعارك.
ولهذا السبب رفضت هذه الفصائل «اتفاقية سوتشي» بين تركيا وروسيا، التي عقدت بروسيا سبتمبر العام الماضي، وتنص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين مناطق النظام والمعارضة في إدلب، وسحب السلاح الثقيل من المنطقة.





