«المال القطري» يضع «اليمن» بين قذائف «الحوثي» ورصاص «القاعدة»
أظهرت الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة المؤقتة «عدن» جنوب اليمن، والتي كان آخرها اليوم الجمعة 2 أغسطس 2019، حقيقة الأدوار والتنسيق المشترك بين ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران، والجماعات الإرهابية المدعومة من قطر؛ من أجل ضرب الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة من سيطرتهم.
وما زالت الجماعات المسلحة المدعومة قطريًّا وإيرانيًّا، تكسو
المشهد اليمني بالدماء؛ حيث أفاد
مسؤولون يمنيون بأن 19 جنديًّا قتلوا، بعد الساعة الواحدة فجر يوم الجمعة 2 أغسطس
2019، في هجوم لتنظيم «القاعدة» ضد معسكر للقوات الحكومية في محافظة «أبين»
الجنوبية.
وهاجم مسلحو القاعدة معسكر «المحفد» شمال
المحافظة، واحتلوه لساعات قبل أن تقتحم تعزيزات عسكرية المكان، وتقتل المسلحين، وتطرد آخرين بمساندة طيران قوات التحالف بقيادة اللملكة العربية السعودية.
ويمكننا
بوضوح ملاحظة اليد القطرية خلف الهجمات، التي تسعى لخلخلة نشاط التحالف لتحقيق
مصالحها الخاصة؛ حيث يؤكد «جمال العواضي» مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات
الاستراتيجية «إيجيس»، أن نظام الحمدين قدم دعمًا لتنظيم القاعدة في اليمن بمبلغ
وقدره 15 مليون دولار، تحت ذريعة فدية لإنقاذ سويسرية اختطفها التنظيم.
ولم تكتف
الدوحة ببناء علاقات ودعم تنظيم القاعدة في اليمن، بل استطاعت بناء شبكة إرهاب
دولية من أفغانستان إلى اليمن مرورًا بباكستان وسوريا وليبيا، معتمدة على علاقاتها
السابقة مع قيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة الذي توزع في دول عديدة مع موجة
الربيع العربي.
وكشفت دراسة من 3 أجزاء أصدرتها مؤسسة دعم الديمقراطية في منتصف فبراير2019، بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»، عن اجتماع بين قادة ميليشيا الحوثي و«إخوان اليمن» وقيادات من تنظيم القاعدة
الإرهابي في صنعاء بدعم وتنسيق قطري؛ من أجل زعزعة استقرار المحافظات المحررة،
خاصةً في الجنوب اليمني، وعقد
الاجتماع بمنزل وكيل الأمن القومي التابع لميليشيا الحوثي، في العاصمة صنعاء، مطلق
المراني «أبوعماد» برئاسة رئيس استخبارات العسكرية للميليشيا «أبو علي الحاكم»
وقيادات أخرى.
وأشارت إلى أن اللقاء يأتي ضمن الاتفاقات غير المعلنة، التي عقدتها الميليشيا الحوثية مع حزب الإصلاح، برعاية قطرية خلال الفترة الماضية، والتي أسفرت عن نقل عناصر القاعدة من سجن الأمن السياسي بصنعاء إلى مأرب.
كما كشفت المصادر أن اللقاء بحث قيام عناصر «القاعدة»
بعمليات إرهابية، تستهدف قيادات عسكرية وسياسية وأمنية في المحافظات المحررة.
وتوغلت قطر داخل اليمن من خلال سلاح ناعم وسام في آن واحد، وهو الجمعيات الخيرية التي تمارس
دولة الحمدين عبرها تمويل الإرهاب، مستغلة
حاجة هذا البلد المنكوب بفعل أعمال الفوضى التي كانت أحد أهم أسبابها.
وشملت الكيانات اليمنية المصنفة إرهابيًّا، مؤسسة «البلاغ الخيرية»، وجمعية «الإحسان الخيرية»، ومؤسسة «الرحمة الخيرية»، وجميعها ضمن الشركاء المحليين لمؤسسات قطرية، بعضها مصنفة سابقًا في قوائم الإرهاب لدى السعودية والإمارات ومصر والبحرين.
وكانت المنظمات والمؤسسات الخيرية هي الوسيلة الأمثل للتخفي خلفها؛ من
أجل دعم عناصر الدوحة الإرهابيين في تدمير البلاد، فقد كشفت تقارير إعلامية يمنية
أنه فى عام 2014 وخلال تسلم الإرهابى «أحمد علي برعود»، المدرج في القائمة الجديدة
للإرهاب، إدارة مؤسسة «البلاغ الخيرية» في حضر موت، والذى كان أيضًا
مديرًا لمؤسسة «الرحمة الخيرية» والتي أُدرجت على لائحة العقوبات التابعة
لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2016، تولت مؤسسة «عيد
الخيرية» التابعة لقطر رعاية فاعلية تابعة لمؤسسة البلاغ في الجنوب.
وأوضحت التقارير اليمنية أيضًا أنه عندما رأس «عبد الله اليزيدى»، جمعية «الإحسان الخيرية» المدرجة هي الأخرى على قائمة المؤسسات الداعمة للإرهاب، والتي تستضيف فعاليات مع مؤسسة الرحمة الخيرية، تعاونت جمعية «الإحسان» مع مؤسسة «قطر الخيرية» لتنفيذ مشاريع في اليمن، وذلك بناءً على تقارير صادرة عن الجمعية الخيرية اليمنية.
كما تم إدراج مؤسسة «الرحمة الخيرية» في محافظة حضر موت، على لوائح العقوبات الصادرة عن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2016، باعتبارها واجهة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومنذ يونيو 2017، عملت مؤسسة الرحمة الخيرية كشريك مع جمعية الإحسان الخيرية لتنفيذ مشاريع في اليمن بدعم من عدد من المؤسسات الخيرية القطرية، ومنها مؤسسة راف، ومؤسسة عيد الخيرية، وقطر الخيرية؛ ما يؤكد الدور القطري الخفي في استخدام تلك الجمعيات والمؤسسات لدعم الإرهابيين هناك.
وشملت القائمة الجديدة أيضًا «محمد بكر الدباء»، وهو مدير جمعية
الإحسان بمحافظة حضر موت، وكذلك «أحمد علي برعود»، ويُشرف على مؤسستي البلاغ والرحمة
المرتبطتين بمؤسسات خيرية قطرية، تصنفها الدول الأربع المقاطعة لقطر ضمن قائمة
الإرهاب.
وأكدت مصادر في الداخل اليمني، تورط هذه الشخصيات والكيانات الثلاث في العمل مع تنظيم القاعدة باليمن، خاصة أثناء سيطرة التنظيم على مدينة «المكلا» عاصمة محافظة حضر موت، التي تشكل مساحتها حوالى 36% من مساحة الجمهورية اليمنية، وتشمل حقولًا نفطية وموانئ بحرية.
وسبق واعتقلت قوات الجيش اليمني عبد الله اليزيدي، رئيس جمعية الإحسان
الخيرية؛ بتهمة التواصل مع عناصر تنظيم القاعدة، كما اعتقلت في وقت سابق أحمد علي
برعود؛ إثر تورطه في تمويل ودعم القاعدة في حضر موت.
وإلى جانب تمويل المتطرفين في محافظة حضر موت شرق اليمن، تنوعت أساليب
ووسائل دعم قطر تلك الكيانات المتسترة بالعمل الخيري للقاعدة في المحافظة نفسها؛
حيث تشير مصادر يمنية إلى أن شخصيات محسوبة على تلك الكيانات أصدرت العديد من
الفتاوى الداعمة لعمليات وسلوك القاعدة، مثل بيع النفط الخام، ونهب مكاتب البريد، والمصارف اليمنية، باعتبارها أموال المسلمين وتذهب للجهاد؛ حيث
بلغ إجمالى ما نهبه تنظيم القاعدة أثناء سيطرته على مدينة المكلا أكثر من 17 مليار
ريال يمني، وفقًا لمسؤولين في البنك المركزي اليمني.
من جانبه، قال محمود الطاهر، الخبير في الشأن اليمني: إن الحكومة اليمنية تشهد تفككًا لا مثيل له على يد الإخوان؛ ما يوفر للمؤسسات القطرية سهولة دعم إرهابييها، وعلى التحالف إيجاد حل، وإعادة هيكلة هذه الحكومة، من خلال إيجاد لغة لكسب التحالفات القبلية، ومنع نشاط التنظيمات الإرهابية.
وأكد «الطاهر» في تصريح خاص لــ«المرجع»، أن
القاعدة تتحالف مع الحوثي بدعم قطري، وهذا ما تؤكده الأحداث، ويسعى نظام الحمدين من
خلال دعمه لهذا التحالف الإرهابي، إلى تفكيك التحالف العربي، والإمساك بخيوط العملية
السياسية والاقتصادية في اليمن، لذا تجب مراقبة المعونات وتسليمها إلى الشعب لا
إلى الحوثي أو الحكومة التي تحركها كيانات الإخوان».
وتابع الخبير في الشأن اليمني: «سيحدث
الصدام لا محالة وربما يكون من خلال عمليات استنزافية، لكن لابد من إيجاد
استراتيجية لفهم تحركات الحوثي و«القاعدة» و«داعش»، وتعطيل ممارساتهم على كل
المستويات».







