ad a b
ad ad ad

الوجود البريطاني في الساحل الأفريقي.. الأسباب والدوافع

الأربعاء 24/يوليو/2019 - 01:14 م
المرجع
أحمد عادل
طباعة
أعلنت بريطانيا الاثنين 22 يوليو انضمامها لقوات «برخان» الفرنسية، بنشرها العام المقبل 2020، قرابة 250 عسكريًّا على امتداد 3 سنوات، سيتمركزون في غاو، شرقي مالي، إلى جانب القوات التابعة للأمم المتحدة لوقف العمليات المسلحة التي تنفذها الجماعات المتطرفة في تلك المنطقة.

وقال بيان لوزارة الدفاع البريطانية: إن تلك القوات ستوفّر قدرات استطلاعية طويلة المدى، فضلًا عن رصد التهديدات، كما ستساهم في حماية المدنيين.

في يوليو 2019، أعلنت بريطانيا تمديد مشاركتها العسكرية في مالي لستة أشهر أخرى لوقف العمليات المسلحة للتنظيمات الإرهابية المنتشرة في الظهير الصحراوي لمنطقة الساحل والصحراء الأفريقية.
الوجود البريطاني
وتنتشر قوات من حوالى 20 دولة أوروبية في منطقة الساحل الأفريقي، بعضها في إطار قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام المعرفة بـ«مينوسما»، والبعض الآخر في إطار مهمات تدريب الجيش المالي، أو في إطار عملية «برخان» التي يشارك فيها 4500 عسكري، منهم بضع مئات من القوات الخاصة.

وتواجه منطقة الساحل تنامي التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة، إذ تنفذ الجماعات المسلحة عمليات دامية على طول الشريط الساحلي لهذه الدول، وكان تنظيم «داعش» من بين التنظيمات التي تحاول وضع موطئ قدم والانتشار، خاصةً بعد انتهاء وجود التنظيم في سوريا والعراق، ومنذ إعلان زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في حديث مصور له أواخر أبريل الماضي، والذي ظهر فيه بعد غياب لمدة 5 سنوات، إقامة ما تسمى ولاية وسط أفريقيا، ينفذ التنظيم الإرهابي من بعدها الكثير من العمليات في منطقة الساحل والصحراء.

وخلال الفترة الماضية، تبنى «داعش»، العديد من العمليات، أبرزها الهجوم على ثكنة عسكرية تابعة للجيش النيجيري، ما أسفر عن مقتل 12 عنصرًا من القوات النيجيرية، علاوةً على مقتل 30 شخصًا في هجوم نفذه 3 عناصر من جماعة  «بوكوحرام» الموالية لـ«داعش» في بلدة كوندوجا شمال شرقي نيجيريا، وفي بوركينا فاسو أسفرت العمليات التي نفذها «داعش» عن مقتل 40 شخصًا وإصابة العشرات الآخرين، وفي موزمبيق أسفرت العمليات عن مصرع 16 شخصًا في كمين نصبه متطرفون تابعون لـ«داعش» شمال موزمبيق، وفي الكونغو أدت العمليات إلى مقتل جنديين وإصابة مدني في تبادل لإطلاق النار في شمال شرق البلاد.

وازداد نفوذ «داعش» في الساحل الأفريقي، من خلال اقتطاع الأراضي عنوة من السكان المحليين، وإجبارهم على القتال في صفوفه كما فعل في العراق وسوريا، وعمل أيضًا على توسيع نفوذه مُستفيدًا من الشركات المتصلة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي، لتنمية علاقاته بالمجتمع المحلي في غرب أفريقيا.

ويتمتع تنظيم القاعدة بحضور قوي في منطقة الساحل الأفريقي؛ حيث تمكن التنظيم من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين» والذي تأسس في مارس 2017، نتيجة اندماج أربعة حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل هي: أنصار  الدين، كتائب ماسينا، كتيبة المرابطين، إمارة منطقة الصحراء الكبرى.

ووفقًا لمعهد أفريقيا للدراسات الإستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، ارتفعت حوادث العنف المرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» من 24 عامًا 2017، إلى 136 عام 2018، ويُعتقد أن «القاعدة» يجند عدد كبير من المسلحين مقارنًة بـ«داعش».

الوجود البريطاني
استرداد النفوذ التاريخي 

وتعلق نهال أحمد، الباحثة في الشأن الأفريقي، على ذلك بالقول إن هناك دافعين يكمنان وراء التوجه البريطاني للوجود في غرب أفريقيا، وتحديدًا «مالي»، إذ تسعى المملكة المتحدة لاسترداد نفوذها التاريخي في أفريقيا، بحيث تكون نقطة انطلاقها غرب أفريقيا على خلفية وجود مبررات تبرر لها وجودها في تلك المنطقة وهو مواجهة التنظيمات الإرهابية المؤثرة على المصالح الأوروبية، ليأتي التدخل العسكري البريطاني الأخير تحت ذريعة حماية الرعايا الإنجليز ومواجهة المجموعات الانفصالية والمتمردين، ومن ناحية أخرى منافسة الوجود الأمريكي والصيني والتركي والإيراني بتلك المنطقة.

وأكدت في تصريح لـ«المرجع»، أن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي تظل من ناحية أخرى محددًا  رئيسيًّا لسياسة بريطانيا الخارجية ودافعا لها من أجل التوجه إلى غرب أفريقيا، حيث تسعى لإعادة الانتشار في الساحة الدولية، ومن ضمن المناطق التي ترغب في تعزيز الوجود بها غرب أفريقيا.

وأضافت، أن «البريكست» تعتبر بمثابة خريطة عمل تستهدف إعادة انتشار بريطانيا اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وثقافيًّا في العالم في محاولة منها البقاء ضمن الكبار في عالم يشهد تغيرات جوهرية بوصول قوى جديدة مثل الصين تنضم إلى الولايات المتحدة وروسيا وقوى ستبسط نفوذها الإقليمي مثل البرازيل وجنوب أفريقيا. 

وتابعت، الباحثة في الشأن الأفريقي قائلة: إن هذا يتجلى في وجود مؤشرات دالة للغاية، منها، الاهتمام المتزايد لمراكز التفكير الاستراتيجي البريطانية بتطور المنطقة، حيث بدأت الدراسات تتزايد حول العلاقة بين بريطانيا ودول غرب أفريقيا، ويعزز ذلك أيضًا السياسة البريطانية  عبر خلق شبكات جديدة للتواصل بين الباحثين والطلبة الناطقين بالإنجليزية لمواجهة الهيمنة الفرنسية، إذ لا يمكن خلق نفوذ في العالم بمعزل عن نشر الثقافة عن طريق اتاحة المزيد من المنح التعليمية.
"