يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

مكافحة الإرهاب والهجرة.. دوافع الوجود البريطاني في أفريقيا

الجمعة 12/أكتوبر/2018 - 11:07 م
المرجع
محمد الدابولي ومحمود رشدي
طباعة

نجحت بريطانيا في الاستحواذ على الجزء الأكبر من الأقاليم الأفريقية، بعد سيطرة الاستعمار الغربي في مطلع القرن العشرين عليها، فكان لا يوجد أي من الأقاليم تخلو من الوجود البريطاني، عقب الحرب العالمية الثانية؛ لأن الدول الاستعمارية قلصت من وجودها وتفرغت لشؤونها الداخلية.

 

مكافحة الإرهاب والهجرة..
لكن مع بدء موجة استقلال الدول الأفريقية في مطلع الستينيات، بدأت بريطانيا في تقليص وجودها السياسي في أفريقيا، إلا أن هذا لم يمنعها من الاحتفاظ ببعض النفوذ الذي يسمح لها بحماية مصالحها الخارجية مثل الاحتفاظ بمضيق جبل طارق «يقع بين المغرب وإسبانيا»، فضلًا عن تمتعها بعلاقات خاصة بكينيا وبعض دول شرق أفريقيا، هذا إضافة إلى نفوذها التاريخي في زيمبابوي، والوجود العسكري المحدود في مدينتي «نانيوكى» شمال كينيا و«فريتاون» عاصمة سيراليون.

وعقب خروجها من الاتحاد الأوروبي مارس 2017، استمرت بريطانيا في تعاونها مع الاتحاد الأوروبي، من خلال القضايا الأمنية أبرزها «الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب»، وعظمت دورها السياسي والعسكري مرة أخرى إزاء أفريقيا تزامنًا مع انتشار المنظمات الإرهابية التي تهدد دول أفريقيا.
هاريبيت بالدوين،
هاريبيت بالدوين، وزيرة الدولة البريطانية للشئون الأفريقية
2018

أعلنت بريطانيا في 2018، عن نيتها استغلال مركزها في «نانيوكى» لتدريب القوات الكينية العاملة ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، كما تبرعت في يوليو 2018 بـ47 آلية عسكرية ثقيلة بقيمة 5.6 مليون جنيه إسترليني لمساعدة بعثة الاتحاد الأفريقي «أميصوم» في أداء مهامها، كما قامت بتدريب نحو 500 جندي صومالي في مجالات متعددة  مثل الطب والاستخبارات وصيانة المعدات الحربية.

أكدت وزيرة الدولة البريطانية للشؤون الأفريقية «هاريبيت بالدوين» خلال زيارتها للصومال يوم 8/10/2018 على استمرار الدعم البريطاني الإضافي لبعثة الاتحاد الأفريقي، محذرة من مغبة الانسحاب المبكر لقوات «أميصوم» من الصومال.

وزارت «بالدوين» القرن الأفريقي، في زيارة تعتبر الثانية لمسؤول بريطاني رفيع المستوى إلى القرن الأفريقي خلال شهر واحد بعد زيارة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي في سبتمبر الماضي، وهو ما يوحي باتجاه متصاعد داخل أروقة صناعة القرار في بريطانيا حاليًّا إلى الوجود في أفريقيا تحت مظلة محاربة الجماعات الإرهابية.

وأعلنت الحكومة البريطانية في أواخر العام الماضي 2017، بإنشاء برنامج لمساعدة الصومال في أزمة المجاعة بقيمة 16 مليون جنيه إسترليني، بجانب المساعدة في أزمة الجفاف عبر منظمة التعاون والتنمية البريطانية، والتي وضعت برنامجًا كلف الميزانية العامة 110 ملايين جنيه إسترليني، حسب تقرير صادر عن المنظمة. 

تيريزا ماي
تيريزا ماي
حزام الساحل والصحراء

نشطت جماعات إرهابية في أفريقيا بمنطقة الساحل والصحراء تسمى «أنصار الدين» الذي تحتوي على العديد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة بداخلها مثل ما يسمى «كتيبة المرابطون» وغيرها.

ووافق البرلمان البريطاني في يناير 2018، على تعزيز الوجود العسكري بدولة النيجر لأجل دحض أوكار التنظيمات الإرهابية النشطة بتلك المنطقة، بجانب التنسيق الدولي لوقف موجات الهجرة الأفريقية لأوروبا، وشارك سلاح الجو البريطاني في العملية العسكرية الفرنسية "بارخان" التي شنتها ضد جماعة ما يسمى «أنصار الدين» في مالي وبوركينافاسو.

وتعهدت رئيس الوزراء البريطاني، تيريزا ماي، في أغسطس الماضي، بتقديم نحو 145 مليون جنيه إسترليني في مجال المساعدة في تنظيم الأسرة لمنطقة الساحل وشمال نيجيريا، بجانب إنشاء  صندوق الصراع والأمن الذي تضاعفت استثمار الحكومة به لتصل إلى 8.7 مليون دولار في عام 2018، ومن مهام الصندوق التصدي للأسباب الجذرية لعدم الاستقرار والفقر المتفشي، والذي يساهم –بشكل غير مباشر-  من انتشار التطرف والإرهاب، كما ضاعفت لندن من الوجود الدبلوماسي بسفارتها بالنيجر ومالي في الأشهر الـ 18 الماضية، حسبما أشارت منظمة  الهجرة الدولية (IOM).
مكافحة الإرهاب والهجرة..
دوافع الوجود البريطاني

كثفت بريطانيا من وجودها في أفريقيا لاحتواء انعدام الأمن والحد من الهجرة غير الشرعية التي من المحتمل أن تتسرب إلى أوروبا، رغم أن مناطق أفريقيا لا تمثل أهمية اقتصادية كبرى للندن - حسبما قال المسؤولون والخبراء لصحيفة صنداي تليجراف البريطانية.

وبحسب الخبراء، فإن زيادة الدعم الدبلوماسي والعسكري والإنساني إلى مالي - وفتح سفارات جديدة في تشاد والنيجر – سيساعد بريطانيا في تهدئة الشركاء الأوروبيين خلال مفاوضات بريكسيت (brexit).  ويعزز الأمن بالمنطقة ما سيقسم أعباء الاتحاد الأوروبي في ملفي الهجرة غير الشرعية والإرهاب واللذان يعدان أهم أولويات الاتحاد في الفترة الراهنة، ما ينعكس على بريطانيا في تخفيف سلبيات الخروج من الاتحاد على اقتصادها.

وأوضح الخبراء، أن بريطانيا ترى مكافحتها للإرهاب بنفسها على الساحة الدولية سيكلفها مزيدًا من الأعباء الأمنية والاقتصادية، في ظل الأزمة المالية التي تمر بها منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، لذلك تسعى بريطانيا للشراكة مع الاتحاد الأوروبي في الأزمات الأمنية والإنسانية التي يواجهها الاتحاد، مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وخاصة في الأقاليم التي لها نفوذ بها مثل منطقة الساحل والصحراء بإفريقيا.
"