يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«العائدون من داعش».. قنبلة موقوتة تهدد المغرب

السبت 05/مايو/2018 - 09:21 م
المرجع
أحمد عادل ـ عبدالهادي ربيع
طباعة
لم تقتصر أزمة «العائدون من داعش» على الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، بل امتدت لتصل إلى الشمال الأفريقي، مثل: تونس والمغرب؛ إذ يُقَدَّر عدد المُنضمين إلى التنظيم من المغرب وحده بنحو 1600 شخص، وحسب تصريحات مدير مكتب مكافحة الإرهاب هناك، عبدالحق الخيَّام، في حواره مع وكالة «فرانس برس»، انضم إليهم 200 عائد جديد من مناطق سيطرة «داعش» في العراق وسوريا، بعد تحرير أغلبها؛ بينما ينتظر الباقون فرصةً للعودة.

بعد ما يعرف بالعشريَّة السوداء، أو عشريَّة الدم التي تعد أكبر عملية إرهابيَّة في العالم الإسلامي، ظهرت تنظيمات إرهابيَّة مُختلِفة؛ خاصةً (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي)، مع انفتاح الحدود بين الجزائر وتونس والمغرب، حتى قبل ثورات الربيع العربي، إضافةً إلى تنظيم أنصار الشريعة، الذي أعلن بعض عناصره ولاءهم لتنظيم داعش فور ظهوره؛ ما جعل دول الشمال الأفريقي، خصوصًا تونس والمغرب من كبرى الدول المُصَدِّرة لإرهابيي «داعش»، ومنهم عدد كبير من النساء.

بدأت عناصر التنظيم رحلتها إلى مناطق سيطرة «داعش»، من الدول الأوروبية التي يوجدون فيها بكثرة مرورًا بتركيا، انتهاء بسوريا والعراق، وحاولت هذه الدول، خاصةً إسبانيا، ترحيلهم إلى بلادهم في 2011، وما بعدها، على أن تتحمل إعانتهم وبدلات التنقل والبطالة وخلافه؛ لتتخلص من عبء المتطرفين الذين ينتقلون من خلالها إلى مناطق النزاع.

ويسلك بعض الإرهابيين طريقًا آخر، من خلال الساحل والصحراء، عبر الممرات المفتوحة في الحدود بين الدول والمناطق الجبليَّة، ويصل المغاربة في الغالب مناطق سيطرة التنظيم، من خلال الشركات الوهميَّة والهجرة غير الشرعيَّة وسماسرة التجنيد والتهجير؛ بحجة الجهاد المزعوم، وإقامة الخلافة الوهميَّة، مأولين عددًا من النصوص الدينيَّة التي تحث على الجهاد، لتوظيفها سياسيًّا.

لم تَكُنْ إقامة الشباب المغربي في سوريا والعراق؛ من أجل العمل وحسب؛ إذِ اعترف بعضهم بعد عودته بتلقيه التدريب في مناطق منعزلة، وتلقي الدورات الشرعيَّة، إضافةً إلى ممارسة بعض أعمال العنف ضد الفصائل المتقاتلة والمدنيين.

وبعد تراجع «داعش» وانحصاره في سوريا والعراق، فر عددٌ كبيرٌ من قياداته وعناصره؛ هربًا من ضربات التحالف الدولي، وبدأت موجات عودة المُقاتلين إلى بلدهم، وكان لدولة المغرب نصيبُها من هذه الأزمة.

اتخذت المغرب بعد موجات العودة عددًا من التدابير، من بينها ما أعلن عنه «الخيَّام»، من العزم على سن تشريعات وقوانين، تصل فيها العقوبة للسجن مدة تتراوح بين 10 و15 سنة، لمواجهة العائدين المحتملين.

ويؤكد الخيَّام أن هذا القانون يسمح لرجال الشرطة المغربيَّة، بتوقيف أي شخص عائد من البلدان ذات الصراع الداخلي، وإخضاعهم للاستجوابات، قبل إحالتهم للتحقيق، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة من الممكن أن تخلق مشكلات طائفية داخل البلاد؛ لأن الإرهاب لا دين له ولا جنسيَّة، مع أهميَّة إصلاح الحقل الديني.

وأوضح الخيَّام دور المغرب، في مجال التعاون الأمني الدولي لمحاربة الإرهاب، مؤكدًا أن هذا التعاون أدى إلى تفادي عمليات إرهابيَّة، في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإنجلترا والدنمارك وإيطاليا وإسبانيا، مُحذرًا من تحول الساحل الأفريقي إلى منطقة جهاديَّة، خاصةً بعد هزيمة «داعش» في العراق وسوريا.

وتعتزم كل من: النيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا ومالي(مجموعة الدول الخمس الأفريقية)، إضافةً إلى فرنسا، تنفيذ عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابيَّة في منطقة الساحل الأفريقي.

ويعلق أبوالفضل الإسناوي، الباحث في شؤون الحركات بشمال أفريقيا، على تصريحات «الخيَّام»، قائلًا: «المغرب لديها استراتيجية واضحة في مكافحة الإرهاب من التنسيق الأمني والاستخباراتي، مع دول الجوار والدول الأوروبية، خاصةً في فكرة الممرات، التي قد تنتقل من خلالها العناصر الإرهابيَّة من دول الصراع، من تونس وليبيا والعراق وسوريا».

ويتابع «الإسناوي»: «الاستراتيجية المغربية لم تقتصر على الجانب الأمني؛ إذْ عملت على المستوى الاجتماعي والديني، وهي تعمل الآن على عملية صحوة للتيار الصوفي، على اعتبار أنه أكثر تَوسطًا لمواجهة هذه التيارات، إضافةً إلى قابليته المجتمعيَّة كمذهب الأغلبية المغاربية».

ويوضح «الإسناوي» أن التيار الإسلامي في المغرب، حريص على اختفاء الإرهاب منها، قائلًا: «لأن المغرب في تكوينها ديني فما يعرف بـــــ«العدالة والتنميَّة»، هي حركة إسلاميَّة في السلطة فالإسلام السياسي، يكون حذرًا من حمل مسؤولية العمليات الإرهابيَّة؛ ولذلك فهم يقفون ضد عودة الإرهابيين من دول الثورات؛ لأن أي عملية إرهابيَّة ستوجه السهام ضدهم مع وجودهم في السلطة».

ويتابع «الإسناوي»: «وجود الإسلاميين لايزال رغم ذلك يشكل عبئًا على المغرب وتونس، من ناحية أن التيار الإسلامي بكل أشكاله بهذه الطريقة لا يزال مترعرعًا وموجودًا في هذه الدول بعكس الجزائر، التي ينعزل الإسلام السياسي تمامًا عنها».

ويشير «الإسناوي» إلى نجاح الاستراتيجية المغربية في مكافحة الإرهاب، قائلًا: «المغرب لم تستهدف بعمليات إرهابيَّة منذ 2011، وإن العملية التي سبقتها كانت عام 2003، وهذا دليل قوي على نجاحها في مخططاتها».
"