يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«النيجر» تواجه المد الإرهابي بدعم دولي

الثلاثاء 03/يوليو/2018 - 01:19 م
الحادث الذي وقع في
الحادث الذي وقع في 21 أكتوبر 2017
نهلة عبدالمنعم
طباعة
من خلفيات إجرامية صادمة، أخذ الإرهاب وأنشطته التوغل في بقاع العالم المختلفة، محاولًا اصطياد فريسته من الدول على أساس بعض العوامل والمرتكزات، ولذلك تمثل القارة الأفريقية السمراء وبعض دولها التي مازالت تئن تحت وطأة الفقر، والجوع، والمرض، فريسة شهية لتلك العناصر المختلة.

وتعانى دولة النيجر (تقع غرب أفريقيا؛ وأطلق عليها اسم النيجر؛ نسبة إلى نهر النيجر الذي يخترق أراضيها) كغيرها من دول العالم من شرور وويلات التطرف، حيث مُنيت في الآونة الأخيرة بالعديد من العمليات الإرهابية، لعل أشرسها الحادث الذي وقع في 21 أكتوبر 2017، عن طريق مجموعة مسلحة استهدفت نقطة أمنية في قرية أيورو، وهي بلدة صغيرة تقع على ضفاف نهر النيجر على بعد 200 كيلومتر شمال غرب العاصمة نيامي، جنوب غرب النيجر؛ ما أسفر عن مقتل 13 شخصًا من رجال الشرطة.

فيما وقع الحادث بعد عدة أسابيع من هجوم مماثل في المنطقة أسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين وأربعة نيجيريين، عن طريق مسلحين استخدموا تعزيزات عسكرية وأسلحة قادمة من دولة مالي المجاورة.

وتشير الإحصائيات التي نشرها موقع «World Data» المعني بأرقام ومعدلات الإرهاب الدولي، إلى وقوع نحو 55 حادثًا إرهابيًّا في النيجر، من بينها ست عمليات انتحارية على مدار السنوات الخمس الماضية، أدَّت إلى قتل 768 شخصًا وجرح 210، بالإضافة إلى عمليات خطف واحتجاز رهائن.

وأفادت الإحصائية بتركز العمليات الإرهابية في التجمعات السكنية الخاصة، بواقع 36 هجمة خلفت وحدها حوالي 700 قتيل، وتلاها في الأهداف مراكز الشرطة والجيش، وفي المركز الرابع منظمات العمل المدني، وبعدها المناطق التجارية، والحكومية، والدينية.

ووفقًا للمناطق؛ مُنيت منطقة ديفا وحدها بنحو 41 عملية إرهابيَّة حصدت أرواح 700 شخص من الموجودين بالمدينة، تلاها منطقة تيلاباري بنحو8 عمليات، ثم نيامي وغيرها من المناطق.

وترجع الإحصائية أغلب العمليات الإرهابية إلى ثلاث مجموعات إرهابية أولها جماعة «بوكوحرام»، بواقع 41 هجمة، ويليها في الترتيب تنظيم «داعش»، فيما يليه تنظيم «القاعدة»، من حيث عدد العمليات التي تورط فيها كل تنظيم.

لماذا النيجر؟
يدفع التحاق النيجر بمصاف الدول التي تعاني من المدِّ الإرهابي، بمحاولة لرصد الأسباب والدوافع التي جعلتها تحتل خريطة التنظيمات المتطرفة، ولعل أولها: التصاقها الجغرافي بدولة مالي التي تعاني العديد من التنظيمات الإرهابية على أرضها مثل ما تُعرف بــ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» ذات التوجه القاعدي، ما يجعل أراضي النيجر موطئ قدم لانتشار تلك الجماعات المسلحة.

وعلى صعيد الخريطة الجغرافيَّة للدولة يسهم وقوع ليبيا بشمالها في زيادة وجود العناصر الإرهابية على أرضها، وذلك عن طريق التعاون ما بين عصابات الاتجار بالبشر التي تشتهر بها البلاد، والجماعات الإرهابية التي تستغل ذلك الوضع، خاصة في ظلِّ حالة الضعف المتفشية فى الأجهزة الأمنية والقضائية في تهريب العناصر المتطرفة من وإلى ليبيا التي تنتشر على أرضها الصراعات.

واستمرارًا لأزمة الجغرافيا التي صنعت محنة الدولة أو التي شاركت في جزءٍ منها، أسهمت نيجيريا أيضًا بوقوعها غرب البلاد، بالإضافة إلى جماعة «بوكوحرام» الموجودة على أرضها في تلك الأزمة.

كما ذكرت دراسة نشرتها الجريدة الأفريقية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، أسبابًا وعوامل أخرى أسهمت في بلورة تلك الأزمة ومنها حالة الفقر العام التي تخيم على البلاد؛ ما دفع بعضًا من أهلها للانخراط في عصابات التهريب والاتجار بالمخدرات، وهو ما أسهم في زيادة الإرهاب بالمنطقة نظرًا لاشتراكهم في نفس الآليات وطرق العمل.

مساعدات دولية
ونظرًا للعلاقات التاريخية والعسكرية التي تربط دول أوروبا؛ خاصة فرنسا بدول أفريقيا، أعلنت فرنسا، اليوم، خطتها الجديدة لمساعدة دولة النيجر لتتمكن من دحر الإرهاب بعيدًا عن أراضيها، وذلك عن طريق مشروع لدعم العدالة تقدمه الوكالة الفرنسية للتنمية «AFD» مع دعم مالي يقدر بستة ملايين يورو.

ودُفعت المؤسسة الفرنسية إلى هذا العمل لمعالجة بعض الأمور القضائية التي تعاني منها البلاد، ومنها قلة عدد القضاة حيث يصل عددهم إلى نحو 398 قاضيًا، في حين يبلغ تعداد السكان نحو 20 مليون نسمة، وهو ما أدى إلى مقاضاة 10٪ فقط من 1400 من الإرهابيين المعتقلين.

فيما صرح مدير مشروع الوكالة الفرنسية للتنمية «AFD»، فرانك لوروا، بأن معظم المشتبه بهم في قضايا إرهاب يتم إطلاق سراحهم لعيوب في الإجراءات الجنائيَّة، وهو ما يجب تصحيحه، على حدِّ قوله.

وفي إطار حرص فرنسا على مساعدة دول القارة السمراء في حربها على الإرهاب، قرر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون حضور اجتماع مع رؤساء دول مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، والذي يعقد اليوم الإثنين في موريتانيا على هامش القمة الأفريقية التي بدأت فعاليتها أمس الأحد، وذلك لمناقشة القضايا المتعلقة بالحرب على الإرهاب والتطرف؛ خاصة في دول الساحل الأفريقي ومنها النيجر، وموريتانيا، وبوركينافاسو، وتشاد، ومالي.
"