نتائج الانتخابات الداخلية لإخوان تونس.. «النهضة» بين فقه الواقع وإكراهات السياسة
الأربعاء 17/يوليو/2019 - 07:39 م
دعاء إمام
على غير ما خطط له، راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان في تونس، لم تمر الانتخابات الداخلية بسلام، إذ ترتب عليها خروج خلافات «التيار الإصلاحي» أو ما يعرف بالحمائم إلى العلن؛ ليهدد أكثر من قيادي باعتزال العمل السياسي والخروج من «النهضة»؛ اعتراضًا على سياسات الإقصاء التي يتبعها «الغنوشي».
راشد الغنوشي
تهميش وإقصاء
ومع استعدادات «النهضة» للانتخابات التشريعية المقرر عقدها في أكتوبر المقبل، سعى رئيس الحركة للاحتفاظ بحقه- وفقًا للنظام الأساسي بالحركة- في تغيير بعض الأسماء في القوائم المختارة وفق انتخابات داخلية على مستوى الجهات، ما أغضب بعض الذين همشهم «الغنوشي»عن عمد.
وأجريت الانتخابات الداخلية في الفترة ما بين آخر شهر مايو ومنتصف يونيو، في أجواء من الصراعات الداخلية التي تصاعدت بين صفوف الحركة حول مسألتين، الأولى مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية، والثانية وهي الأهم مؤتمر 2020 ومغادرة أو بقاء رئيس الحركة.
وتم خوض الانتخابات في سياق تيارين يمثلهما، «خط الغنوشي» ويمثل العجائز المحسوبين على «الغنوشي»، والتيار الإصلاحي (الشباب والنساء)، حيث إنه في كل دائرة انتخابية انقسمت الأصوات بين قائمتين مرتبتين بالتناصف؛ واستفادت وجوه نسائية عديدة من التنافس وحصل العديد منهن على أعلى أصوات بين الجنسين.
الغنوشي.. وخيارت صعبة
وأمام هذا الوضع الصعب، اضطر الغنوشي إلى تجاوز حدوده، ليسمح لنفسه باقتراح تغيير 30 رئيس قائمة، من أصل 33 رئيسًا تم انتخابهم في البداية؛ بهدف تأكيد استمرارية سيطرته على جميع مستويات الحزب الذي أسسه، والذي يعتبره ملكًا خاصًا لا يمكن أن يخرج عن سيطرته، خاصة الآن مع تعالي بعض الأصوات داخل الحزب التي تؤذن بانتهاء مرحلة سطوة رئيس الحركة وسحبه من صدارة المشهد، بعد أن ضرب الآلية الديمقراطية الداخلية التي طالما روجت لها «النهضة».
الكاتب التونسي بولبابة سالم
ارتباك تنظيمي
واعتبر الكاتب التونسي بولبابة سالم، أن ما تشهده الحركة من تمرد على نتائج الانتخابات الداخلية لتصعيد قوائم الجهات في الانتخابات التشريعية قد يشكل منعرجًا لبداية تباين وتصدع بين الحرس القديم والجيل الجديد، وبين أبناء المحنة والوافدين الجدد الذين يصفهم البعض بالانتهازيين و الوصوليين.
وتابع:« تتحدث المعطيات الموجودة عن تغييرات في رئاسة القوائم، ودخول وجوه جديدة من رجال أعمال وسيدات وشخصيات مستقلة، و طبعًا ظهرت رغبة رئيس الحركة في دخول المعمعة بترشحه في قائمة (تونس 1) التي يفترض أنها آلت لعبد اللطيف المكي الذي اقترحوا عليه رئاسة قائمة (الكاف) مجددًا، وهو ما رفضه احترامًا لنتيجة الانتخابات الداخلية هناك، حيث صعدت شخصية أخرى من الجهة، والأمر نفسه يحدث في قائمة (نابل) مع عبدالحميد الجلاصي، و تتحدث الأخبار أيضًا عن ترشيح طارق ذياب رغم أنه لم يكن ضمن سباق الانتخابات الداخلية.
فقه الواقع وإكراهات السياسة
من جانبه قال محمد الحبيب الأسود، القيادي المنشق عن حركة النهضة إن ما يجري داخل الحركة من تدافع وتناقض بين مواقف ضد ومواقف مع، يبدو حالة صحية تعبّر عن ضمير لا يزال حيًا داخل الحركة، لكنه يشير إلى ارتباك تنظيمي إثر تدخل راشد الغنوشي لتغيير نتائج الإنتخابات التمهيدية الداخلية استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة، بوصفه رئيسًا للحركة، وبزعم أن له صلاحيات تنفيذية تخول له فعل ذلك.
وأوضح في تصريحات صحفية اليوم (الأربعاء 17 يوليو) أن محاولة إلغاء مسار ديمقراطي داخلي هو سقوط آخر لـ«الغنوشي»، فهو الذي بدل وغير بوصلة الحركة تماهيًا مع أجندات أجنبية لا علاقة لها بمصلحة الحركة ولا بمصلحة البلاد، وانخرط بكل قوة في رسكلة النظام الساقط، وإحداث الردة على المسار الثوري، وساهم بشكل فعال في تمكين ماكينة الفساد والاستبداد من الدوران من جديد.
وأضاف:« قد فعل ذلك تحت عناوين فجة من مثل فقه الواقع، وتلك هي إكراهات السياسة، وقد أظهر كم من مرة أن إكراهات السياسة عنده أقوى من إكراهات الثبات على الدين وعلى المبادئ.. راشد الغنوشي وبما أقدم عليه داخل حزبه من هيمنة وظلم واستبداد، يأتي في المرحلة الأخيرة من تصفية حركة النهضة بعد أن أنهاها فكريًّا وعقائديًّا»





