نقل السفارة الأمريكية إلى «القدس».. هل كتب «ترامب» نهاية العالم؟
الإثنين 14/مايو/2018 - 01:29 م
دعاء إمام
في ليلة حارّة، يأبى النوم أن يزور الصبي ذا الـ12 عامًا، يجلس في الظلام وحيدًا، يغمض عينيه، في محاولة لترويض الأرق، لكن خيالات ليلية تزوره؛ تخبره أن العالم سينتهي -يومًا ما- بعدما يُصاب الجميع بمرض «الأرق»، كما توقع الكاتب تشارلي هيوستن في روايته «sleepless» الصادرة عام 2012.
يزداد الليل حلكة فيظن أن «الزومبي» سيعلن نهاية الكون، وربما مُذنب يضرب الأرض، أو تَصدق نبوءة الكاتب الأمريكي فرانك هربرت التي دونها عام 1983، في روايته «الطاعون الأبيض».
ومع شروق الرابع عشر من مايو، يُطالع الفتى مراسم نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس الفلسطينية، فتتحول نهاية العالم في عينيه من روايات خيالية إلى أشباح حلم قديم على أطلال مُسلماته الدينية، كان يهوديًّا فطاردته معركة «هرمجدون» التي كان طرفها الآخر جيش يقوده المسيح؟ أم كان مسلمًا فهو على موعد مع حرب ينطق فيها الشجر، ليرشد عن يهودي مختبئ وراءه؟ أم كان شيعيًا فاستعد لخروج «مهديه المنتظر»؟ لم يشغله أيًّا من ذلك، وإنما راوده شعور غامض أن النهاية اقتربت.
ماذا يعني نقل السفارة في الديانات الثلاث؟
عبر بيانات شجب وإدانة، حذرت بعض دول العالم من تبعات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس؛ فمنهم من رأى في الاعتراف بإسرائيل فرصة للمتشددين بنقل معاركهم إلى أوروبا، وآخرون تخوفوا من رد إسلامي يستهدف اليهود.
اتفقت الكتب السماوية على أن قِتال اليهود سيكتب كلمة النهاية؛ إذ يتوقع رجال الدين اقتراب المعركة الكبرى التي ستدور بين مجموعة من الأحلاف الدولية ممثلة في حلف الدول العربية والإسلامية، وحلف الصهيونية «أوروبا وأمريكا وإسرائيل»، وحلف ثالث بزعامة روسيا والصين، وتعرف هذه المعركة في الإسلام باسم «الملاحم الكبرى» وفي الكتاب المقدس باسم «معركة هرمجدون».
معركة «هرمجدون»
ورد في سفر الرؤيا (16:16): فجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية «هرمجدون»، في إشارة إلى أنها ستكون المعركة الأخيرة بين «الرب» وأجناد الشر، إذ يتحد الملوك والأولياء الصالحين إلى جيش يقوده المسيح «عيسى» ضد إسرائيل، ثم يؤمن به اليهود وينضمون إلى جيشه؛ فينتصر في المعركة.
وتأتي «هرمجدون» من الكلمة العبرية «جبل مجيدو»، ويُقال أنها تعني الهضبة، تقع في فلسطين بين الخليل والضفة الغربية ويضم حتى اليوم بلدة تدعى مجدون وتقع على بعد 60 ميلًا شمال مدينة القدس، وبحسب الكتاب المقدس فإن السهل المحيط بالهضبة سيكون قلب الموقعة وستنتشر في جميع أنحاء إسرائيل.
كما يؤمن اليهود الحريديم «الأصوليون» بأن معركة دامية وفاصلة ستحدث ما بين الأخيار «اليهود» والأغيار والأشرار «غير اليهود» في سهل مجيدو؛ وقتها سيهبط المسيح من السماء، وتدور معركة «هرمجدون» التي وردت في التوراة أيضًا.
كما ذهب بعض المسيحيين أن النبي عيسى سيحارب اليهود والمسلمين معًا في هذا اليوم، إذ ورد في الإصحاح الثاني من سفر أشعياء: إنه في آخر الأيام سيظهر النبي المنتظر وسيحارب اليهود الكافرين والأمم الكافرة في يوم الرب على أرض هرمجدون في الساعة التي قال عنها المسيح عليه السلام أنه لا يعلمها إلاّ الله وحده.
الملحمة الكبرى
أما المسلمون، فهم يستندون إلى حديث رواه البخاري ومسلم «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهودي وراء كل شجر وحجر، فيقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبدالله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا شجر الغرقد، فإنه من شجر يهود».
كما ورد أن الفتوحات التي سيقوم بها المسلمون وانتصارهم على اليهود، سيكون بعد ظهور رجل كبير الرأس والجسد، وأسمر اللون، مجعد الشعر، وإحدى عينيه ناتئة والأخرى ممسوحة، ومكتوب بين عينيه كلمة «كافر» يقرؤها كلّ مؤمن قارئ وغير قارئ، هو «المسيح الدجال».
لخروج الدجال روايات عدة: منها ظهوره في «أصفهان» إحدى مدن إيران، ويتبعه 70 ألفًا من اليهود، وأخرى تقول إن خروجه سيكون من «خراسان» شمال غرب أفغانستان، ثم يمر على العراق والشمال، وما تتفق فيه تلك السيناريوهات، أن حربًا تقع آخر الزمان بين المسلمين واليهود، تكون هي نهاية العالم.
الإمام الغائب
قتال اليهود وظهور المسيح الدجال ومعركة هرمجدون، حبات في عقد من المسلمات الدينية التي يؤمن بها كثيرون، تضاف لهم حلقة أخرى، عن خروج الإمام الغائب، أو محمد بن الحسن العسكري، آخر أئمة الشيعة، الذي قيل إنه وُلد في سامراء عام 255 هجريًا، ويعتقدون أنه لا يزال حيًّا يعيش في «الغيبة الكبرى» بعد انقطاع أخباره التي كانت ترد إلى شيعته أثناء غيبته الصغرى، وعند ذكر اسمه يرفق معه دعاء «عجَّل الله فرجه».
ويظن الشيعة أن خروج المهدي سيتبعه معركة هرمجدون؛ ليحكم العالم وينشر العدل الإلهي ويقضي على الظلم.





