ad a b
ad ad ad

نقل السفارة الأمريكيَّة للقدس يُوحِّد الفصائل الفلسطينية المُسلحة

السبت 12/مايو/2018 - 05:34 م
المرجع
أحمد سامي عبدالفتاح
طباعة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة له، الجمعة 11 مايو 2018، عن قيام الولايات المتحدة بنقل سفارتها لدى إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة الأسبوع المقبل، ضاربًا عرض الحائط بمعارضة بعض الدول الإسلاميَّة لهذا القرار، مستغلًا حالة التشرذم العربي في تحديد الأولويَّات المرحليَّة؛ حيث تراجعت قدرة بعض الدول العربية عن إحداث نوع من التناسق بين مواجهة مشروع إيران التوسعي -يحظى بأولوية لدى بعض الدول- والدفاع عن القضية الفلسطينية بصفتها موروثًا قوميًّا وعقائديًّا لا يمكن التنصل منه تحت أي ظرف. 

ويحمل قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في طياته تداعيات متعددة، أبرزها تلك المتعلقة بالنشاط المسلح لبعض الجماعات داخل الأراضي الفلسطينية؛ حيث من المتوقع أن يزيد هذا القرار من اللحمة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة -كونه تهديدًا غير مسبوق لتصفية القضية الفلسطينية- مع تراجع احتماليَّة تحويل هذا التكاتف إلى نشاط عسكري مباشر موجه ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية أو بعض المستوطنات القريبة من قطاع غزة. 

يشار إلى أن كل الفصائل المسلحة في قطاع غزة تتعامل مع قضية القدس بصفتها أمرًا عقائديًّا، فضلًا عن كونه جزءًا من القومية الفلسطينية، ما يُحتم عليها اتخاذ موقف قوي ضد قرار نقل السفارة، حفاظًا على أهدافها التأسيسيَّة وسعيها للحفاظ على وحدة صفوفها الداخليَّة التي ربما ينشق عنها بعض الغاضبين المؤمنين بضرورة اتخاذ موقف عسكري حاسم ضد المصالح الإسرائيليَّة والأمريكيَّة في الأراضي الفلسطينيَّة. 

على صعيد آخر، يُسهم قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في تغذية الخطاب المتطرف وصعود السلفيَّة الجهاديَّة -التي تتهم حماس وبقية الفصائل بمهادنة إسرائيل والتخلي عن فكرة تحرير فلسطين بقوة السلاح- داخل قطاع غزة، ما يعني احتمالية تشكيل جماعات متشددة جديدة بذريعة فشل الجماعات المسلحة المسيطرة على القطاع في لعب دور محوري يمنع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحال تحقق ذلك، سوف تزداد اللحمة بين الفصائل المسلحة الكبرى التي ترى في الفكر المتطرف وسيلة لضرب الاستقرار الداخلي في القطاع. 

ورغم أن نتيجة المواجهة قد تكون محسومة للفصائل الكبرى بسبب قوتها العسكرية ومدى إتقانها لـ«حرب الشوارع»، فإن فكرة خوض معركة مع فصيل عسكري داخل القطاع سوف تُسهم في تراجع شعبية الفصائل العسكرية التي ستعاني من صعوبة مستقبليَّة في إقناع حاضنتها الشعبية بمدى تبنيها للحل العسكري ضد إسرائيل. 

ومن المتوقع أيضًا، أن يزيد القرار الأمريكي من الاعتماد على فكرة المقاومة الشعبية ذات البُعد القومي، والمدعومة من أنصار الفصائل المسلحة الغزاوية كوسيلة لرفع الحرج عن عدم استخدام الأخيرة لقوتها العسكرية في مرحلة قد تُعَدُّ الأصعب في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني مع الاحتلال.

ومن الأهمية هنا أن نشير إلى أن المقاومة الشعبية سوف تتميز بالسيولة الشعبية، ما يعني عدم تأسيسها لهياكل تنظيمية أو اتخاذها من شخصية معينة كقيادة سياسيَّة، ما يسهل قمعها أو التواصل معها من قبل الاحتلال، ومع مرور الوقت، سوف تصبح تظاهرات المقاومة الشعبية وسيلة معتادة لمواجهة إسرائيل، وقد يتطور الأمر لتنفيذ اعتداءات عسكرية مباشرة ضد أهداف إسرائيلية، ما سوف يضع الحركة المقاومة في مواجهة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية في آن.
"