لضمان أمان أوروبا.. هل يكفي «سحب الجنسية» للتخلص من الدواعش؟
تحاول الدول الأوروبية مواجهة خطر الدواعش العائدين بعد هزيمة التنظيم في سوريا والعراق، من خلال سحب الجنسية والمحاكمة خارج البلاد، لكن ربما لا تأتي هذه الطرق بنتيجة نهائية.
وفي وقت تدعم دول مثل السويد إنشاء محاكم
دولية لمحاكمة مواطني أوروبا الدواعش، لم توافق الدول المعنية بشكل أكبر على هذا الاقتراح،
على الرغم من إعلان العراق استعدادها لإقامة تلك المحكمة على أراضيها شريطة أن تدفع
دول الإرهابيين تكلفة المحاكمة والسجون.
وقد أشار «إنجر شتويبرغ»، وزير الهجرة الدنماركي، في مارس الماضي قائلا: «إن هؤلاء الأشخاص ذهبوا لمحاربة الديمقراطية والحرية وكل ما تمثله الدنمارك، ولا ينتمون إلى الدنمارك».
استراتيجيات
متقاربة
فيما تسلك الدول الأوروبية النهج نفسه متقاسمة
هذا الشعور، بالإضافة إلى تحقيق الغرض الثاني وهو التحكم في عدد الحالات، حيث إن تكلفة
مراقبة العائدين تجهد بالفعل موارد وكالات المراقبة الأوروبية ومكافحة الإرهاب، وهو
ما أشارت إليه جيت كلاوسين، الشريكة في مركز الدراسات الأوروبية بجامعة هارفارد ومؤسس
مشروع الجهاد الغربي، في مقال بـ«فورين أفيرز».
وتفضل الحكومات الأوروبية الاستعانة بمصادر خارجية للملاحقات القضائية كلما أمكن ذلك، حيث قال متحدث باسم رئيسة وزراء بريطانيا في تصريحات سابقة إنه: « يجب تقديم المقاتلين الأجانب إلى العدالة وفقًا للإجراءات القانونية الواجبة في الولاية القضائية الأكثر ملاءمة، بمعنى آخر، وليس في المملكة المتحدة».
وأقرت وزارة الخارجية الألمانية بضرورة إعادة المواطنين الألمان الذين تقطعت بهم السبل في سوريا من حيث المبدأ إلى الوطن، لكن وزير خارجية البلاد، قال: إنه بالنظر إلى الوضع الأمني غير المستقر، فإن إعادة المحتجزين إلى الوطن ستكون صعبة للغاية.
كما أعلنت السلطات النمساوية أنه من الخطر
جدًا إرسال موظفين قنصليين لجمع مواطنين نمساويين من مراكز الاعتقال ومخيمات المشردين
داخليًّا في سوريا، فيما أعلنت فرنسا في فبراير أن 14 من مقاتلي داعش الفرنسيين المحتجزين
في شرق سوريا سيتم إرسالهم إلى العراق لمحاكمتهم.
وفقًا لـ "الإندبندنت"، تم تجريد
ما لا يقل عن 150 مواطنًا بريطانيًّا من جنسيتهم منذ عام 2010 على الرغم من أنه من غير
الواضح عدد الحالات المرتبطة مباشرة بالصراع السوري. من المعروف أيضًا أن أستراليا
وبلجيكا والدنمارك والولايات المتحدة ألغت جنسية أعضاء داعش ومجنديها؛ والعديد من البلدان
الأخرى، بما في ذلك النمسا وألمانيا وسويسرا، إما أنها تفكر في تطبيق التدبير أو سن قوانين
تسمح لها بذلك.
وفي حين تنظر الدول إلى أن تجريد الإرهابيين
من الجنسية حل لمواجهة حظر عقوبة الإعدام في تلك الدول إذا تمت محاكمة المتهمين بالإرهاب
مزدوجي الجنسية كـ "تدبير وقائي" لتجنب الاضطرار إلى محاكمة المشتبه بهم
على الإطلاق، لكن ذلك لا يعد حلًا نهائيًّا.
وتقول كلاوسين، التي يستهدف مشروعها جمع بيانات وأرشيف يركز على الجماعات المتطرفة في الغرب، وتقود فريقًا في جامعة برانديز يدرس الشبكات الإرهابية، إن: «منع عودة مقاتلي داعش من خلال إلغاء جنسيتهم لا يفعل شيئًا لتقديم العدالة إلى نحو 1200 من مواطني الاتحاد الأوروبي الذين قاتلوا في سوريا والعراق وعادوا بالفعل إلى ديارهم».
كما تشير إلى أنه تمت مقاضاة عدد قليل من
هؤلاء العائدين. في العام الماضي، أبلغت لاجئة إيزيدية كانت محتجزة كجارية من قبل
داعش لصحيفة بي بي سي أنها صادفت معذبها السابق خارج سوبر ماركت في ألمانيا".
وترى الكاتبة، أن تجريد الأشخاص من جوازات
سفرهم لا يعالج محنة الأطفال الذين حملوهم أثناء وجودهم في الأراضي التي كان يسيطر
عليها داعش، فلم تصدر داعش أي جوازات سفر صالحة، والأطفال المولودون في أراضيها عديمو الجنسية بحكم الواقع. لم يتم تسجيل أي من المواليد بشكل قانوني والعديد من الأطفال
الأيتام هم في رعاية النساء من غير أمهاتهم، بالإضافة إلى صعوبة تحديد النسب، وبدونها
لا يمكن تحديد المطالبات بالجنسية.
وتقول إنه: «لا توجد حلول سهلة للتعامل مع عدد لا يحصى من مقاتلي داعش - من أوروبا وأماكن أخرى - الآن في حجز القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، لكن الوضع غير مستقر إلى حد كبير ، وترك أسر عائلة داعش في المخيمات والسجون أو تسليمهم إلى العراق للتنفيذ قد لا يكون تكتيكًا عمليًا لفترة أطول».
وحذرت كلاوسين، من إن هناك جماعات إرهابية
بما في ذلك الجماعات المرتبطة بداعش مازالت تشن حرب عصابات في محافظة إدلب السورية، وقد تقرر ملء صفوفها عن
طريق تحرير مقاتلي داعش من السجون الكردية.
محذرة من انخفاض أعداد القوات الأمريكية في سوريا والتي من المفترض أن تنفذ انسحابًا كاملًا قد
تشكل تلك الجماعات خطرًا حيث ربما تهاجم تركيا والقوات الكردية التي قد لا تكون قادرة على مراقبة المحتجزين.





