يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

كيف تتصدى واشنطن للمراوغات الإيرانية بعد العقوبات؟

الإثنين 29/أبريل/2019 - 10:56 ص
المرجع
إسلام محمد
طباعة

بعد إنهاء الولايات المتحدة لمهلة الإعفاءات التي منحتها لـ8 دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، والتي ستنتهي في 2 مايو المقبل، اشتد الخناق حول نظام الملالي وتصاعد الحديث عن مدى قدرة طهران التهرب من العقوبات.

محمد جواد ظريف
محمد جواد ظريف

وهدف القرار الأمريكي إلى تصفير صادرات إيران من خام البترول، لكن في المقابل أكد وزير الخارجية الإيراني، محمدجواد ظريف، أن بلاده ستواصل تصدير النفط عبر مضيق هرمز، محذرًا أمريكا بتحمل عواقب محاولة منع إيران من ذلك.

 

وقال ظريف من نيويورك، الأربعاء الماضي: سنجد من يشتري نفطنا، وسنواصل استخدام مضيق هرمز معبرًا آمنًا لعملية بيع النفط.

 

ولم تتوانَ الإدارة الأمريكية في محاصرة ألاعيب طهران للتحايل على العقوبات، فقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على الشبكة الدولية التي تمر عبرها الأموال إلى الحرس الثوري، واستهدفت 25 جهة بعقوبات مالية.

 

وقالت الوزارة، إنها استهدفت «شركات وهمية» تابعة للحرس الثوري تمكنت مجتمعة من تهريب أكثر من مليار دولار للنظام الإيراني، ومعظمها شركات صرافة وتجارة صغيرة نسبيًّا وصفتها الوزارة بأنها شركات وهمية.

 محمد محسن أبوالنور
محمد محسن أبوالنور

من جهته، أكد محمد محسن أبوالنور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن طهران بعد رفع العقوبات عنها في 2015 ودخول الشركات الأوروبية للسوق الإيراني لأول مرة كانت تلك الشركات تشترط قبل بدء التعامل مع الدولة أن تكشف لها كيف كانت تتعامل في فترة العقوبات، وما طرق تهريب السلع وشبكات السوق السوداء التي كانت تعتمد عليها كل هذا في كراسة مطولة من 70 ورقة؟

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المرجع» أن الحرس الثوري اعترض آنذاك على تلك الاشتراطات الأوروبية لكن الرئيس حسن روحاني، ضغط بشدة حتى تمت الموافقة على هذه الشروط، معللًا مساعيه تلك بأن بلاده لم تعد تحتاج للسوق السوداء، وأنها أصبحت بلدًا طبيعيًّا منفتحًا على العالم.


وتابع: أن الولايات المتحدة التي لم تستطع أن تحصل على المعلومات من شركائها الأوروبيين آنذاك وفي نفس الوقت لم تدخل شركاتها للسوق الإيرانية أنشأت شركات وهمية يديرها ضباط جهاز المخابرات المركزية سي أي إيه ممن يحملون جوازات سفر أوروبية مزيفة لدول من أوروبا الشرقية كالنمسا ورومانيا وغيرها واستطاعوا الحصول على معلومات تفصيلية عن السوق السوداء الإيرانية وبالتزامن مع تلك الخطوات تم تأسيس جهاز استخبارات الشرق الأوسط التابع لمجلس الأمن القومي والذي نصب اهتمامه على تتبع الأنشطة الإيرانية تحديدًا.

 

وأكد رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية أن الحرس الثوري كان يمتلك شبكة ضخمة تضم مهربين وسماسرة وعملاء مؤطرين في 7 آلاف شركة وهمية تم كشفها جميعًا، وتجلى هذا في العقوبات الأمريكية التي استهدفت كيانات صغيرة مغمورة خلال الفترة الأخيرة، مبينًا أن بعد فرض ترامب للعقوبات الحالية فإن الحرس الثوري حرم من استخدام شبكته السابقة بعد كشفها تمامًا، وبدأ المشوار من الصفر لتكوين شبكات جديدة والتعرف على مهربين جدد؛ الأمر الذي قد يستغرق سنوات طويلة لإنجازه.

 

واستطرد، أن طهران لن تستطيع الصمود أمام العقوبات الأمريكية الحالية أكثر من سنة ونصف على أقصى التقديرات، في حال ما إذا استمرت العقوبات بهذه الصرامة، فالأمريكان هذه المرة أشد تصميمًا من جميع المرات السابقة على إحكام طوق العقوبات حول رقبة إيران حتى إن براين هوك المبعوث الأمريكي للشؤون الإيرانية أعلن أن من يتعامل مع إيران ستتم محاكمته وفقًا للقانون الأمريكي، وتقرّر عليه عقوبة حبس 20 سنة ولا يوجد غالبًا بين المستثمرين الدوليين إلا من هو لديه تعاملات أو أموال لدى الولايات المتحدة، ومن ثم فإن العقوبات ستؤثر بشدة على إيران.

أوباما
أوباما

من جهته أكد الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية محمد علاء الدين، أن واشنطن سلحت الأسطول البحري الموجود في مياه الخليج العربي برادارات ومعدات متطورة خصيصًا؛ من أجل مراقبة تطبيق العقوبات على إيران.

 

وأضاف في تصريحات لـ«المرجع»، أن نظام الملالي قد يلجأ إلى العراق كساحة خلفية لتهريب نفطه للخارج؛ لكن حتى هذا السيناريو محكوم عليه بالفشل؛ لأن دولة نفطية بحجم إيران لن تستطيع تهريب إلا جزء ضئيل من حجم صادراتها السابقة، هذا على فرض نجاحها في هذا الأمر من الأساس، خاصةً أن هناك محاولات سعودية لاحتضان العراق من جديد.

 

وتابع أن العقوبات هذه المرة ليست كالحال إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بل هناك إصرار شديد لدى البيت الأبيض على خنق إيران، وقد سعى للتواصل مع الدول التي كانت تعتمد على ايران في استيراد النفط ومساعدتها على إيجاد بدائل جديدة، فاليابان على سبيل المثال منحتها واشنطن فرصًا استثمارية بقيمة 40 مليار دولار بعد انصياعها لقرار وقف الاستيراد من طهران.

 

جدير بالذكر أن طهران تراهن على أن تحصل على مساعدة من أحد الأطراف الدولية المستاءة من العقوبات؛ إذ قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في مقابلة مع قناة فوكس الأمريكية اليوم: «إن حلفاء الولايات المتحدة يقولون إنهم سيجدون وسائل لمقاومتها»، مشيرًا إلى أن الصين وروسيا وتركيا وفرنسا من ضمن المستائين، مضيفًا: «لا أحد يعجبه أن تفرض الولايات المتحدة إرادتها على باقي المجتمع الدولي. هذا هو الإملاء».

 

 

لكن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون ردّ على ظريف في القناة نفسها، قائلًا: «نحن نعمل بشكل وثيق جدًّا مع حلفائنا الأوروبيين كافّة، وأعتقد أن بصيص الخلاف الذي يشير إليه لا يوجد حقيقة إلا في خياله»، معتبرًا أن أوروبا «هي المنطقة المهددة أكثر من غيرها في الوقت الحاضر بالقدرات الصاروخية لإيران».

"