ad a b
ad ad ad

جمعة ما بعد الحادث في نيوزيلندا.. تهديد بعنف مضاد دفاعًا عن المساجد

الجمعة 22/مارس/2019 - 12:03 ص
المرجع
محمد عبد الغفار
طباعة

لم تكن الجمعة الماضية بالجمعة العادية على المسلمين في شتى بقاع الأرض، بل يمكن القول إنها لم تكن يومًا عاديًّا على كل من يدين بدين الإنسانية على وجه الكرة الأرضية، فبدلًا من أن يقضي المسلمون شعائر صلاتهم في هدوء وسكينة، تليق بالوقوف بين يدي الله في بيوته حول العالم، أبى إرهابي أسترالي إلا أن يُدمي قلوب الناس بعملية وحشية تجاه مسجدين في كريست تشيرش.


جمعة ما بعد الحادث

أسفرت عملية إطلاق النيران تجاه مسجدين في المدينة النيوزيلندية عن مقتل 49 مصليًا، وإصابة العشرات بجروح بين الخطيرة والمتوسطة، وخلفت وراءها فزعًا وخوفًا بين صفوف المدنيين ليس فقط في تلك المدينة وحدها، ولكن في العالم كله، قبل أن تلقي قوات الأمن القبض على منفذ العملية، التي وصفت رسميًّا بالعملية الإرهابية.


وأطلقت تلك العملية الإرهابية العديد من التساؤلات حول طبيعة تأمين المساجد ودور العبادة حول العالم، ومدى قوة ووحشية اليمين المتطرف الذي تصعد أسهمه بصورة غير مسبوقة حول العالم، والحديث عن القوة والقوة المضادة أمر خطير؛ لأنه يفتح الباب أمام احتراب أهلي، ومواجهات شعبية، لن يستفيد منها سوى أنصار التطرف، وأقران الجماعات الإرهابية، ومؤيدو سفك الدماء.


جمعة ما بعد الحادث

خطر الحماية ذاتية وعواقبها 


مع المخاوف المتزايدة للمسلمين، التي تصاعدت وتيرتها في ليلة أول صلاة للجمعة عقب الحادث، ظهرت العديد من التدوينات والأخبار حول الحماية الذاتية، والتأمين الشخصي للمساجد ودور العبادة.


ففي الصفحة الرسمية لمسجد إبراهيم The Masjid Ibrahim، والواقع في لاس فيجاس بأمريكا، نشر منشورًا حول التأمين الذاتي للمساجد، وكتب القائمون على الصفحة «الإرهاب يعمل على تخويف الناس، لن نتوقف عن ممارسة شعائرنا الدينية وإيماننا، جنبًا إلى جنب مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة وتوخي الحذر».


وصاحبت المنشور صورة لشخص قوي البنية، مفتول العضلات، ويرتدي واقيًا من الرصاص لا توجد عليه أي إشارات بوليسية، ويحمل رشاشًا ومسدسًا، وأدوات أخرى، ما يعني أنه مجهز للتعامل مع أي اعتداء قد يواجه ويمس المصلين داخل المسجد.


وفي موطن الهجوم، أعلنت عصابة الشوارع المنظمة Waitkato Mongeri Mon عن حمايتها للمساجد في نيوزيلندا خلال صلاة الجمعة، وذلك لحماية المسلمين من أي اعتداء محتمل، مثلما حدث في الجمعة الماضية.


وهذه العصابة من السكان الأصليين للبلاد وجزر كوك، ويعيش منهم حوالي 600 ألف نسمة، وليسوا عصابة بالمعنى المفهوم لدينا؛ لأنهم يمتلكون ممثلين في البرلمان، كما أنهم يتحركون بسهولة في البلاد، فقد خرجوا في تظاهرة بالدراجات النارية؛ لإظهار دعمهم للمسلمين عقب الحادث.


جمعة ما بعد الحادث

ألمانيا على الخط


وفي ألمانيا، طالب أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، بتكثيف الحماية الأمنية على المساجد، خصوصًا أثناء تأدية صلاة الجمعة، واستمرار تلك الحماية لمدة أطول، وذلك على خلفية هجوم نيوزيلندا، وذلك بعد اعتراف هورست زيهوفر، وزير الداخلية الاتحادي الألماني، بأن هناك بعض المؤسسات الدينية في ألمانيا التي تعد هدفًا محتملًا للإرهابيين.


لذا فإن الاستمرار في نهج الحماية الذاتية كما حدث في أمريكا ونيوزيلندا، وعلى الرغم من مظهره الجيد والبراق خارجيًّا، فإنه يحتوي ويتضمن مخاطر جمة، لعل أبرزها أن هذا الدور منوط بالجهات الأمنية الرسمية القيام به، واتجاه بعض الأفراد، غير معلومي التوجه، إلى القيام بهذا الدور قد يكون خطرًا كبيرًا، وزعزعة للمؤسسات بداخل الدولة.

كما أن الحماية الذاتية قد تكون بابًا ومدخلًا للحرب الأهلية، وظهور الجماعات الإرهابية، التي تستغل دائمًا فكرة المظلومية، وتسعى إلى إيجاد كربلائية داخل أي دولة، بهدف كسب تعاطف المواطنين، وتأييد تحركاتهم بها، مما يعني أن ترك المؤسسات الرسمية تؤمن دور العبادة، مهما كانت خطورة الوضع، يعد هو الحل الأمثل في مثل تلك الحالات.


"