ad a b
ad ad ad

صحفية هولندية تفضح فشل الـ« C.I.A» في تعقب الملا عمر

الإثنين 11/مارس/2019 - 10:47 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

تفوقت حكايات وقصص الإرهابيين على شخصيات الأساطير الأدبية، وشغلت بتفاصيلها المبهمة العديد من المتخصصين في ملف الجماعات المتطرفة، إذ كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، اليوم الإثنين أن الزعيم السابق لحركة طالبان الملا عمر ظل مختبئًا لسنوات في موقع يبعد عدة أمتار من قاعدة أمريكية في أفغانستان.


صحفية هولندية تفضح

كما أفادت الصحيفة أن الملا عمر لم يكن موجودًا أبداً في باكستان، على عكس ما كانت تعتقده الإدارة الأمريكية، التي فشلت في العثور على الملا ورصدت 10 ملايين دولار بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لمن يقدم أي معلومات تفيد في القبض عليه، في حين إنه كان يختبئ على بعد أمتار من القاعدة العسكرية الأمريكية «الغلمان».


 وتوصلت «الجارديان» إلى تلك المعلومات من خلال عدة تقارير كتبتها الصحفية الهولندية «بيتي دام» ونشرتها بالإنجليزية بالتعاون مع الصحيفة البريطانية و مؤسسة « Zomia Thinktank» وصحيفة وول ستريت جورنال، وكانت بيتي تعمل في أفغانستان كصحفية وكاتبة وظلت لخمسة أعوام تبحث في سيرة الملا عمر(1960: 2013).


ومن ثم استطاعت بيتي دام إجراء بعض اللقاءات المهمة مع قيادات طالبان ولكن المقابلة الأهم كانت مع الحارس الشخصي للملا عمر «جبار عمري» والذي تخلى عن دوره في الحركة المتطرفة منذ 2001 من أجل البقاء مع عمر وحراسته وخدمته، إذ ينتمي الاثنان إلى قبيلة هوتاك المعروفة بالبلاد.


 وذكر جبار عمري إلى الصحفية بيتي أنه الشخص الوحيد الذي بإمكانه تقديم معلومات موثقة وصحيحة عن السنوات الأخيرة في حياة الزعيم الروحي للحركة المتطرفة، لافتًا إلى أن صلاته ومعارفه في «قلات» عاصمة ولاية زابل جنوب أفغانستان قد ساعدته على إخفاء الملا عمر لسنوات دون أن يشعر أحد أو يستطيع كشف شخصيته.


بالإضافة إلى ذلك، أشار جبار إلى أن عمر قد عاش لمدة أربع سنوات أو منذ 2001 في منطقة قلات على مقربة شديدة من نقاط تمركز أفغانية، كما أن المنطقة قد اختيرت فيما بعد كمركز للعمليات الأمريكية، وفي 2004 تم تشييد قاعدة عسكرية وهي «الغلمان» على بعد «طاولة طعام» من مخبأ الملا عمر.


وكان هذا المخبأ هو منزل السائق السابق لعمري «عبدالصمد» وكان عبارة عن مجمع صغير يحتوي على فناء مبني بالطوب اللبن ومخفي خلف جدران عالية، وقد تم إنشاء غرفة سرية في الزاوية اليمني للمبنى السكني ليعيش بها الملا، ولم يخبر أهل المنزل بالشخصية الحقيقية لمن سيعيش معهم، ولكنه أخبر السائق بإنه شخص مهم وإذا تحدث أحد منهم عنه إلى أي شخص سيتم قتلهم على الفور.


صحفية هولندية تفضح

مستطردًا بأن القوات الأمريكية كانت ستتمكن من الكشف عن عمر مرتين خلال فترة اختبائه في قلات التي نشطت بها العناصر الأمريكية، ففي المرة الأولى اقتربت دورية من الفناء الخاص بالمنزل، ولكن الملا استطاع الاختباء خلف كومة من الحطب، وكان العمري معه ومر الأمر بهدوء لإن الجنود لم يدخلوا إلى ساحة المنزل، أما المرة الثانية فقد قامت القوات الأمريكية بتفتيش المنزل ولكنها لم تستطع الوصول إلى الغرفة السرية التي كان يختبئ بها عمر، فيما أكد العمري عدم تيقنه مما إذا كان هذا التفتيش مجرد دورية روتينية أو معلومات سرية وصلت لقوات الأمن.


ولما نشطت العناصر الأمريكية بشدة بالقرب من المنزل قرر الملا عمر ترك مخبئه والانتقال إلى آخر، وبالفعل توجه إلى قرية صغيرة تقع إلى جانب نهر يبعد نحو 20 ميلًا إلى الجنوب الشرقي من قلات في منطقة شينكاي، وهناك بنى عمر كوخًا صغيرًا على حافة النهر، ولكن النهر كان مرتبطًا بقنوات ري تحت الأرض صعدت إلى التلال، ويمكن أن توفر له طريقًا محتملًا للهروب إذا جاءت القوات الأمريكية أو الأفغانية لتفتيش المنطقة.


وبعد فترة وجيزة من انتقاله، بدأت القوات الأمريكية ببناء قاعدة أخرى على بعد ثلاثة أميال فقط من مقره، والذي كان أيضًا موطنًا لأكثر من 1000 جندي من الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى التي تدعمهم، وحينها شعر عمر بالرعب من احتمالية القبض عليه لكنه لم يتحرك مرة أخرى أو يذهب إلى أي مكان.


ونتيجة للنشاط العسكري بالمنطقة ظل خروج الملا عمر من مخبئه نادراً، باستثناء فترات الشتاء التي كان يرغب حينها في التمتع بأشعة الشمس لفترات قصيرة، كما إنه لم يكن يتحدث مع أحد وكان تفاعله الوحيد مع حارسه والشخص الذي يطهي له الطعام ويغسل ملابسه، وكان مخبأ عمر  في الجزء الخلفي من منزل تعيش به عائلة كبيرة من أتباع حركة طالبان، ولم يكن أحد منهم يعرف هوية الملا باستثناء شقيقين فقط.


وعلاوة على ذلك، قال العمري إن الملا عمر كان يمتلك هاتف نوكيا قديمًا بدون بطاقة «SIM» وكان يستخدمه للتسجيل لنفسه وهو ينشد آيات القرآن، وكان يسجل أيضًا بعض التسجيلات على أشرطة كاسيت ويرسلها مع أحد الأشخاص الذين تحفظ عمري على ذكر اسمه إلى قيادة الحركة في كويتا، ومن أهم الأشرطة التي أرسلت كانت تلك التي تحتوي على عبارات مباركة لتأسيس مقر للحركة في الدوحة لإجراء محادثات سلام مع الحكومة الأمريكية.


كما أوضح جبار العمري أن الملا عمر قد أصيب في عام 2013 بحالة شديدة من السعال والتقيؤ وفقدان الشهية ورفض أي شكل من أشكال الرعاية الطبية إلى أن فقد حياته في 23 أبريل 2013، وقام العمري بدفنه في قبر بسيط في زاوية نائية من زابول.

 للمزيد: قطر و«طالبان».. وجهان لعملة الإرهاب الواحدة

 

"