يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

ليبيا.. قراءة في خارطة الطريق الأممية مع انتشار التنظيمات المسلحة

الأربعاء 02/مايو/2018 - 05:39 م
المرجع
محمود عبدالواحد رشدي
طباعة
تُبدي الأوساط السياسيَّة الليبيَّة مخاوفها، من عودة تنفيذ العمليات الإرهابيَّة مجددًا، في وقت يأمل الفرقاء الليبيون والقوى الإقليمية والدولية فيه عودة الاستقرار الليبي؛ إذ تعرَّض الفريق عبدالرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية، لمحاولة اغتيال فاشلة في الثامن عشر من أبريل لعام 2018، كما تعرضت مفوضية الانتخابات الواقعة بطرابلس يوم الأربعاء الموافق الثاني من مايو لعام 2018، لتفجيرات راح ضحيتها 7 قتلى.

جميعها محاولات ليست مُنفصلة عن تلك الخطة لإبقاء ليبيا داخل مربع عدم الاستقرار الأمني والعسكري، التي دخلت حيز التنفيذ منذ إعلان الجيش الليبي  تحرير مدينة بنغازي.

ويأمل المجتمع الدولي، نجاح المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة - منذ يونيو لعام 2017- في مهمته نحو توحيد الدولة الليبية، والخروج من مستنقع الإرهاب، عبر توفير الظروف الملائمة لتنفيذ بنود خارطة الطريق.

كما أوجدت هذه المخاوف حالة من الارتباك، لا تخرج عن سياق المقاربات المتضاربة بين الفرقاء الليبيين، والفاعلين الإقليميين والدوليين، سواء كان ارتباطًا بالأدوار المختلفة لواقع التفاهمات في موازين القوى، أو المعادلات السياسيَّة التي لم تَعُد رهنًا بأولويات خارطة الطريق التي يسعى غسان سلامة إلى تنفيذها.

- خارطة الطريق الأمميَّة لحل الأزمة الليبيَّة

طرح المبعوثُ الأُمَمَي غسَّان سلامة خارطة طريق؛ لحل الأزمة في ليبيا 20 سبتمبر 2017، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتتكون من ثلاث مراحل تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات، ثم عقد مؤتمر وطني تحت رعاية أممية؛ لفتح الباب أمام الفصائل المهمشة التي استبعدها الاتفاق. 

وتضمنت الخارطة، إجراء حوار مع التنظيمات المسلحة؛ لإعطائها فرصة أُخرى؛ للاندماج في الحياة السياسية وآليات الديمقراطية، ومبادرة لتوحيد الجيش، وإيجاد حلول للنازحين واللاجئيين، كما شملت الخارطة استفتاءً على الدستور تليه انتخابات برلمانية ورئاسية خلال عام.

ويسعى "سلامة" لتقديم تصور في شكل خطوات عمليَّة، ويرتكن إلى مسارات ثلاثة أساسيَّة، هي: تعديل الاتفاق، والمُصالحة الوطنية، ثم العملية السياسيَّة مُمثلة في الاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات برلمانيَّة ورئاسيَّة في المرحلة الأخيرة، وهو الدور الذي لم يقم به كوبلر، وقام به ليون دون تواصل كافٍ مع كافة الأطراف، ولعل الحرص على التواصل مع كل الأطراف دون تمييز، داخليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، يُعد أحد أهم التغيرات في نمط عمل البعثة الأمميَّة لليبيا في ظل ولاية غسان سلامة.

- موقف التنظيمات المُسلحة الليبيَّة من خارطة الطريق

يبدو من دلالات المشهد السياسي في ليبيا، واستمرار العمليات الإرهابيَّة في الجنوب الليبي- إضافة إلى التفجيرات التي حدثت مؤخرًا- موقف التنظيمات المُسلحة من التسوية الأممية بتفجير المفوضية العليا للانتخابات؛ لاعتراضها على خارطة الطريق، على الرغم من فتح ذراعيها لجميع الأطراف الليبية، والتنظيمات المُسلَّحة، واختلاف الرؤى الإقليميَّة حول مستقبل توحيد الدولة الليبيَّة. 

وقد حذر المبعوث الأممي لليبيا من "تدهور الأوضاع أكثر من ذلك في ليبيا قد ينقل الصراع للبلدان المجاورة"، كما حذر من الكراهية العالية والمواجهة المسلحة بين الأطياف الليبية، التي تعرقل عودة المدنيين إلى منازلهم، ومحاولات الأمم المتحدة لإعادتهم.

وشدد غسَّان سلامة على ضرورة خضوع الأمن للمؤسسات الأمنية، ولا يكون في يد المسلحين؛ حيث يجب دمج المسلحين في الحياة المدنية؛ لأنهم يتلقون رواتب من التنظيمات، مؤكدًا أنه "يتم استيراد الكثير من السلاح إلى ليبيا، والنظام الاقتصادي بات في يد الأقوياء". 

ولفت سلامة إلى أن "القلق مستمر بسبب وجود تنظيمي داعش والقاعدة، اللذين يواصلان شن الهجمات في ليبيا وارتكاب جرائم حرب؛ حيث يتم العثور على جثث معذبة حتى في العاصمة طرابلس".

وما يساعد تلك التنظيمات على استمرارها في عرقلة التوجه الدولي نحو إعادة الاستقرار في ليبيا، هو إصرار بعض الكيانات الدولية في دعم التنظيمات المسلحة، فقد قال المبعوث الدولي إلى ليبيا: "نحن نحقق في قضية السفينة التي كانت مُحملة بالأسلحة، ومتجهة إلى ليبيا، وصودرت في اليونان".

وشدد سلامة- في إحاطته-على أنه من الضروري أن تسهم المؤسسات الإقليمية والدولية في حل مشكلة المهاجرين العابرين لليبيا". ولاسيما بعد سقوط معاقل داعش في العراق وسوريا، ومثل الداخل الليبي المستقبل القادم لهم، وأرض خصبة لاستمرار عملياتهم الإرهابية، وإعادة التمركز مرة أخرى بعد هزائمه بسرت الليبية.

- مستقبل خارطة الطريق
قد تكون الخارطة الأممية مدخلًا؛ لوقف الصراع في ليبيا إذا ما تمكنت الأمم المتحدة من استغلال أكبر عدد من الآليات التنفيذية؛ لتجسيد الخارطة على أرض الواقع، وهو ما يبدو غسان سلامة بعيدًا عنه في اللحظة الراهنة.

لم يأتِ المبعوث الأممي بأي آليات تنفيذية تترجم خطته الطموحة لواقع سياسي، وبدا من حواراته الصحفية والتليفزيونية أنه يعول على إرادة الليبيين للتوصل لحل سياسي، وهو ما يربط خطة التسوية بأهواء النخب ويضعها عرضة للانكسار والتوقف في حال الخلاف المتوقع خلال مرحلة التفاوض؛ كما أن فكرة إنشاء مؤتمر وطني معني بقضية المصالحة دون تحديد أهداف واضحة له ككيان، سوف يزيد من الأجساد الشرعية الموجودة في المشهد دون أهداف واضحة، وبالتالي سوف يُطيل من أمد الصراع تحت مُسمى "التوافق الوطني" الذي يحظى برعاية الأمم المتحدة.

وقد تصبح التسوية السياسية مستحيلة، كما عبر سلامة في أحد الحوارات التلفزيونية "أنّ حلّ الأزمة الليبيّة قد يصبح مستحيلًا"، متّهمًا بعض القوى، بتهديد العملية السياسية في ليبيا، متابعًا: "هناك دول تعمل على نهب ليبيا؛ باتباع أساليب ممنهجة".

من الضروري، وبالمزامنة مع المُضي قُدمًا في محاولة لتنفيذ خارطة الطريق الأممية، أن تسعى الأمم المتحدة إلى الكيانات الإقليمية التي تمثل المصدر الأهم لتمويل تلك الجماعات، والقيام بمحاولة لتضييق الحدود البحرية والبرية الليبية؛ لمنع وصول الإمدادات اللوجستيَّة والعسكريَّة لهم.
"