«غرب أفريقيا».. عنف متصاعد ومتغيرات جاذبة للإرهاب
لطالما كانت القارة السمراء محطَّ أطماع القوى العالمية الكبرى، وعندما قام الزمن بمهمته وصبغ الاستعمار بأشكال مختلفة، توالت على أفريقيا وبالأخص النطاق الغربي منها المجموعات الدولية الجديدة للإرهاب والتطرف، التي تم استحداثها في الآونة الأخيرة؛ لأهداف استراتيجية متعددة.
ومع بزوغ فجر الإثنين 4 فبراير 2019، أعلن جيش بوركينا فاسو في بيان رسمي، مقتل حوالي 14 مواطنًا في هجوم إرهابي استهدف منطقة كين في مقاطعة ياتينتا الواقعة بالقرب من الحدود مع مالي، وصحيح أنه لم تعلن بعد أي جماعة متطرفة مسؤوليتها عن الحادث، لكن الجيش ثأر للضحايا، ولفت إلى تصفية 146 مسلحًا في غارات عسكرية على مواقع يشتبه بتواجد الإرهابيين بها.
علاوة على ذلك، تحتضن غرب أفريقيا جماعة «التوحيد والجهاد»، التي تنتشر في مالي منذ عام 2011، وتخضع أيدلوجيتها لتعريفات السلفية الجهادية، التي تبيح العنف لتغيير السلطة، وتتواجد في مالي أيضًا «حركة أنصار الدين».
وبالرغم من تواجد تلك الحركات الإرهابية منذ بعض السنوات في المنطقة، فيشهد الوقت الحالي تطور في هجماتها النوعية وأسلحتها وعدتها العسكرية، ما يخلف عدد أكبر من الضحايا، وما يتوافق مع ذلك هو ما أصدرته إدارة السلام والأمن التابعة لمفوضية الاتحاد الإفريقي «AUC» أواخر يناير2019، حول مقتل ما يقرب من 614 شخصًا في القارة منذ بداية عام 2019، وفي حين يعد تعداد الضحايا، رقمًا مرتفعًا نسبيًا، فإن المفوضية، توقعت تزايده خلال الأشهر القادمة لمجموعة أسباب منها؛ هشاشة الأنظمة الأمنية في المنطقة وحصول التيارات الإرهابية على تعزيزات عالية التطور من قوى كبرى وعصابات دولية.
وما يدفع في ذات الاتجاه المستشرف لتصاعد وتيرة العنف في المنطقة، هي مقارنة البيانات الخاصة بمؤشر الإرهاب الدولي الذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام سنويًا، فمنذ عام 2015 تبوأت نيجيريا المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تضررًا من الهجمات المتطرفة، وعلى مدار السنوات المتعاقبة حافظت الدولة الغرب أفريقية على موقعها ضمن الدول الخمس الأكثر انهيارًا أمام الأشكال الاستعمارية الجديدة.
في حين أن مالي وبوركينا فاسو التي منيت بـ41 هجمة إرهابية خلال الخمس سنوات الماضية، وكينيا، تعالت مرتبتهم في كل عام عن سابقه إلى أن وصلوا إلى نطاق الدول العشرين الأوائل في التأثر بالإرهاب وعملياته المدمية.
أسباب اقتصادية
تعد الأموال والموارد المدفونة والهبات الطبيعية مرادفات محكمة لعوامل أي صراع تدور رحاه في العالم حاليًا، فالمنطقة الغربية تعوم على آبار من النفط والبترول، وصحيح أنها ليست الأكثر في العالم، لكنها ثروة مطلوبة بشدة أيًا كان مقدارها، واللافت في الأمر هو وجود توازي في الترتيب بين انتشار الإرهاب في الدول وبين قوتها الاقتصادية.
فنيجيريا التي تحتل المرتبة الأولى بين تلك الدول في عدد الهجمات الإرهابية، هي أيضًا الأولى في الثروة النفطية، وطبقًا لدراسة قدمها «المجلس السويدي للاستثمار والتجارة» حول النفط والغاز في غرب أفريقيا، تم تصنيف نيجيريا بأنها الأولى في المنطقة في هذا الملف، ولفتت الدراسة إلى أن القوة الإنتاجية لنيجيريا في 2016، وصلت إلى ما يزيد على 2 ونصف مليون برميل من النفط يوميًا.
وفي أوائل عام 2019 أعلنت شركة النفط المملوكة للحكومة النيجيرية، إجرائها محادثات مع عدد من المستثمرين؛ لجمع ما يصل إلى 4.1 مليار دولار؛ لزيادة الاستثمار في مجالات التنقيب عن البترول.
ولكن المهم في هذا المتغير هو قرب القطاع الغربي وإطلالته على المحيط الأطلسي، ما يسهل التجارة وحركة الصادرات والوارادات إلى تلك المنطقة، ونظرًا لبداءةِ الشركات النفطية بالمنطقة (وفقًا لدراسة أجراها موقع «الحد من المخاطر» حول الساحل النفطي الجديد في غرب أفريقيا) فمن المتوقع أن تسيطر الجماعات الإرهابية على إحداثيات تلك المواقع؛ تمهيدًا لإفساح المجال لبعض الشركات المتعددة الجنسيات التي تستثمر في الدول المنهارة تحت رعاية المجموعات المتطرفة.
للمزيد حول الشركات الكبرى التي تتعاون مع الجماعات الإرهابية في مناطق الصراع.. اضغط هنا





