الصراعات العرقية.. سلاح الجماعات الإرهابية في مالي
السبت 15/ديسمبر/2018 - 11:32 م
أحمد لملوم
تحاول الحكومة المالية (غرب أفريقيا) السيطرة على الأوضاع الأمنية في البلاد بعد تصاعد أعمال العنف بين القبائل، خاصة في إقليم موبتي الذي تقول الأمم المتحدة إنه يشهد أسوأ اشتباكات عرقية، وقُتِلَ فيه 15 مدنيًّا من قبائل الفولاني الأسبوع الماضي عندما هاجم مسلحون من قبيلة الدونزو قريتهم بوسط البلاد.
وتنشب هذه الاشتباكات بين القبائل عادة بسبب النزاعات على الأرض وعلى المياه، فالصراع القائم بين قبائل «الفولاني» و«الدونزو» يتمحور حول مناطق رعي المواشي وحقوق المياه، وكان هناك على مر السنين اتفاق قائم بين رعاة الماشية من قبائل الفولاني والمزارعين من قبيلة الدونزو حول تقسيم مياه نهر النيجر، الذي يعتمد على مياهه كلٌّ منهما.
قبيلة الطوارق
بيد أن التغير المناخي تسبب في تقليص المساحات الخضراء على ضفاف النهر، وأدت الزيادة السكانية إلى استنزاف المياه، وبدأ أبناء قبائل الفولاني في المعاناة من قلة المتاح لهم من موارد وارتفاع نسب الفقر بينهم، وتصاعدت الصراعات بينهم وبين أبناء قبيلة الدونزو.
وقتل مسلحون على دراجات نارية 43 مدنيًّا من قبيلة الطوارق هذا الأسبوع، ولم تعرف هوية المهاجمين لكن الخلافات بين أبناء قبائل الطوارق البدو والفولاني الرعاة أودت بحياة المئات وشردت الآلاف هذا العام، وأعلن سيدي الأساني تور، حاكم إقليم موبتي أنه سيتم تنفيذ برنامج نزع السلاح بهدف احتواء العنف وتخفيف حدة الاشتباكات بين القبائل المُتناحرة.
لكن يواجه الرئيس المالي الحالي، إبراهيم أبوبكر كيتا ذو الـ73 عامًا، معارضةً سياسيَّةً مُتصاعدة لاسيما بين الساخطين من الوضع الاقتصادي المتردي نتيجة عدم وجود خطة تنمية واضحة لدى حكومته، وضعف القبضة الأمنيَّة التي ترتب عليها نجاح جماعات إرهابية في السيطرة على بعض المناطق في البلاد، ما يفقد التحركات الحكومية الفاعلية المرجوة منها.
ما يجري في مالي خلال الفترة الأخيرة يفتح الباب أمام الجماعات الإرهابية، التي توجد في المنطقة الصحراوية وشمال البلاد، فقد استغلت هذه الجماعات وعلى رأسها ما يُعرف بجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» وهي جماعة إرهابية تكونت في مارس 2017 بعد اندماج أربع حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي، وتشكل خطورة بالغة في منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، الخلاف القائم بين قبائل الطوارق والحكومة المالية لتسيطر على مساحات شاسعة في البلاد، وتجنيد أعضاء جدد.
ففي عام 2012، استغل الطوارق حالة الفوضى التي سببتها محاولة انقلاب فاشلة في مالي وعودة المقاتلين الطوارق من ليبيا؛ حيث شاركوا في القتال في صفوف كلٍّ من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، والمعارضة المسلحة، مدججين بالأسلحة المتطورة، التي جعلت عصيانهم في مالي آنذاك، يختلف عن الحركات التي قاموا بها في الماضي بهدف الاستقلال.
فمن أجل تحقيق حلم الطوارق التاريخي بتأسيس دولة أزواد، وتعني في لغة الطوارق «الحوض»، تحالفوا مع جماعات متشددة، وساعدتهم حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وجماعة أنصار الدين المتحالفتين مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حتى سيطروا على شمال مالي خلال وقت قصير.
وانقلبت الجماعات الإرهابية بعد ذلك على الطوارق، وخلال ثلاثة أشهر استولوا على المدن والمناطق الثلاث الكبرى في شمال مالي، التي تمثل معا أكثر من نصف مساحة مالي وهي تمبكتو وغاو وكيدال.
وتفاوضت الطوارق مع الحكومة المالية من أجل الوصول إلى اتفاق سلام بين الطرفين، ثم أرسلت فرنسا قوات عسكرية إلى مالي في 2013، بعد عام من سيطرة الجماعات الإرهابية على شمال البلاد، لتعاون القوات المالية في معركتها ضد هذه الجماعات، التي كانت تتقاتل فيما بينها.
وغير الدعم العسكري الفرنسي، المعادلة العسكرية على الأرض، وشكلت فرنسا قوة عسكرية من مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا، والتي بدأت بتنفيذ عمليات عسكرية العام الماضي.





