شبكات سرية وغطاء دبلوماسي.. إيران تخترق أوروبا من بوابة «البلقان»
الخميس 13/ديسمبر/2018 - 04:51 م
محمد شعت
تواصل إيران محاولاتها لتوسيع نفوذها في كل دول العالم، إلا أنها تركز في الآونة الأخيرة على أوروبا، ومحاولة استخدام كل الوسائل التي تمكنها من هذا الهدف، وربما يعتبر النظام الإيراني منطقة إقليم «البلقان» بوابة مهمة لتهديد الأمن الأوروبي وزعزعة استقرارها، وتشكيل كيانات جديدة تستخدمها كأوراق ضغط ضد أوروبا.
وتُمارس إيران جهودًا خفية في منطقة البلقان خلال الفترة الأخيرة، وهو ما كشفه تقرير أمريكي نشره موقع «غلوب بوست»، والذي أشار إلى أن إيران تسعى لتوسيع نفوذها في منطقة البلقان، بهدف تحويلها إلى شوكة «إرهابية» في خاصرة أوروبا، التي شهدت زيادة في أنشطة طهران، وتستخدم خلالها «حزب الله» لزعزعة أمن القارة.
حزب الله
أنشطة دبلوماسية
التقرير الأمريكي كشف أيضًا عن أن المشروع الإيراني للتوغل في أوروبا يتم من خلال أنشطة تحت غطاء دبلوماسي، حيث تستخدم إيران موظفي السفارة وعملاء حزب الله النشطين، خاصة أن إيران تعتبر منطقة البلقان منصة لوجستية هادئة في منطقة تمثل بداية جسر مهم إلى أوروبا، بعيدًا عن أعين وكالات الاستخبارات.
ووفق التقرير، فإن إيران تمنح عملاءها تسهيلات في التحركات عبر قنوات دبلوماسية، ويستخدم عملاء حزب الله وثائق إيرانية، أو يسافرون باستخدام جوازات سفر غربية إلى المنطقة وخارجها، مشيرًا إلى أن أبرز مثال على هذه الفجوة الأمنية في البلقان، الهجوم الذي وقع عام 2012 في بورغاس ببلغاريا، عندما نفذ أحد عملاء حزب الله هجومًا انتحاريًّا على حافلة كانت تقل سائحين إسرائيليين، حيث كان الجناة يحملون وثائق هوية أسترالية وكندية.
وأوضح التقرير أن الشبكات الإيرانية في المنطقة أصبح لها وجود مؤثر على الأرض، خاصة في ظل علاقة هذه الشبكات بمختلف المجموعات المتشددة في البوسنة، وهو ما أظهره هجوم عام 2011 على السفارة الأمريكية في البوسنة الذي نفذه الصربي ميفليد غاسارفيتش، بمساعدة من شركائه الذين كانوا يتجمعون فيما عرف بـ«قرية الجهاديين» البوسنية في غورانيا موكا.
النفوذين الروسي والتركي
تنشيط الشبكات السرية
ونقل التقرير الأمريكي عن مصادر وصفها بـ«الاستخباراتية» قولها، إن هناك شبكات تابعة لحزب الله في 3 على الأقل من كبرى المدن البلغارية وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، لاسيما في العاصمة صوفيا، وبلوفديف، وفارنا على البحر الأسود، وهو ما يشير إلى أن الإيرانيين إما يقومون بتوسيع شبكتهم، وإما أنهم ببساطة نشّطوا شبكة قائمة بالفعل مرتبطة بالبلقان، في صورة خدمات لوجستية لهذه العمليات.
ووصفت المصادر النشاط الذي تمارسه إيران في منطقة البلقان بـ«الشبحي»، مشيرة إلى أن إيران تستفيد في توسيع هذا النشاط من عدم وجود عبء تاريخي في علاقتها مع المجتمعات المحلية، على عكس النفوذين الروسي والتركي المتنافسين بوضوح في المنطقة، بحسب تعبير المصادر.
الرئيس الأول للبوسنة والهرسك علي عزت بيجوفيتش
استراتيجية هادئة
الباحث في الشأن الإيراني، الدكتور محمد بناية، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»، إن آليات التوغل في أوروبا تختلف عن آليات التوغل في المنطقة العربية، لذلك فهم يحاولون تحقيق الأهداف عبر استراتيجية هادئة بعيدًا عن الصدام، مشيرًا إلى أن الركيزة الأولى للمشروع الإيراني في أوروبا تعتمد على العناصر الشيعية في هذه المناطق، ذلك لأن الأيديولوجية المذهبية توفر الكثير من محاولات الاستمالة أو التجنيد.
الباحث في الشأن الإيراني، أوضح في تصريحات لـ«المرجع» أيضًا أن التحرك الإيراني في هذه المناطق قد يعتمد على استراتيجية جديدة مثل التحرك من خلال كيانات تحمل أسماء رسمية لصرف النظر عن أي نشاط مشبوه قد يتم من خلاله، ومن بين هذه الكيانات مجلس علماء الشيعة في أوروبا، والذي يحرص على التواصل مع كل المؤسسات الأوروبية وتشكيل رأي داعم للمشروع الإيراني، واستخدامه كورقة ضغط ضد أي دول تعادي المشروع الإيراني.
ويشير بناية إلى أنه من ضمن الاستراتيجيات التي تعتمد عليها إيران للتوغل في أوروبا، هي استخدام بوابة «البلقان» لتهديد الأمن الأوروبي، حيث بدأت إيران في التوغل بالإقليم منذ حرب البوسنة، وبعد انتهاء الحرب حافظت إيران على وجودها في الإقليم من خلال افتتاح سفارتها في عهد الرئيس الأول للبوسنة والهرسك علي عزت بيجوفيتش، وهو ما أسهم في توطيد العلاقات الإيرانية بالإقليم.





