«داعش والعراق».. ذكرى انتصار تربكه العرقية وإحصائيات الدم
في تمام الساعة الواحدة بعد ظهر الإثنين، وقف العراقيون دقيقة حدادًا على أرواح الضحايا، ممن فقدوا حياتهم خلال الأعوام المنصرمة كنتيجة مباشرة للهجمات الإرهابية، إذ تحل اليوم الذكرى الأولى لإعلان الانتصار على تنظيم «داعش» الإرهابي، وتحرير البلاد من قبضته العنيفة.
وكانت الحكومة العراقية قد أقرت، خلال بيان رسمي ألقاه فى مثل هذا اليوم من العام 2017، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، العاشر من ديسمبر من كل عام إجازة رسمية، يتذكر بها المواطنون انتصارهم على التنظيم الدموي، وإلى جانب ذلك تم رفع الأعلام على جميع المصالح والهيئات الرسمية.
كما أعلنت السلطات فتح شوارع المنطقة الخضراء على مدار خمس ساعات ليلًا لمدة أسبوعين، والمنطقة الخضراء تقع وسط بغداد واحتلتها القوات الأمريكية عام 2003، وتغلق المنطقة نظرًا لأهميتها الأمنية إذ تقع بها أغلب السفارات الأجنبية وفي مقدمتها سفارة الولايات المتحدة التي نشرت، اليوم بيانًا رسميًّا عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» هنأت فيه العراقيين بالخلاص من داعش.
وقائع وإحصائيات
يبقى السؤال الأبرز والمرتبط بواقعية الخلاص الفعلي من هذا التنظيم، فالدولة على المستوى الرسمي تحتفل بالإنتصار على داعش ولكن تبقى التقارير البحثية والصحفية كاشفة لوقائع مختلفة، ففي نوفمبر 2018 أفادت صحف أمريكية بقيام قوات التحالف الدولي بقصف مناطق جغرافية أظهرت الإحدثيات وجود عناصر داعشية بها، وكانت تلك المناطق تقع ضمن الحزام القريب من جبل «قرة جوخ» الواقع جنوب شرق «الموصل» بنينوي بشمال البلاد، وبالإضافة إلى ذلك أعلنت السلطات العراقية في 9 نوفمبر 2018 القبض على خمسة عناصر من «داعش» بالمحافظة ذاتها.
وبالربط بين تلك الوقائع وما نشرته مؤخرًا صحيفة «الصن» البريطانية حول اختباء 3000 مسلح من عناصر «داعش» في أنفاق وكهوف بجبال العراق، يبدو ثمة تضارب حول موضوعية الحكم بانتهاء داعش في العراق.
علاوة على ذلك، أشارت الإحصائية الأخيرة التي نشرها معهد الاقتصاد والسلام «IEP» بأن العراق لايزال يحتفظ بالمراكز الأولى على مؤشر الدول الأكثر تأثرًا بالعمليات الإرهابية، كما أنه حصل على نسبة 23% من مجموع الوفيات الناتجة عن الهجمات المتطرفة والتي بلغت في 2017 نحو 18.814 حالة وفاة حول العالم، أي أن العراق احتفظ بما يقارب الثلث من ضحايا الإرهاب حول العالم.
كما أكدت دراسة أخرى نشرها المركز الأمريكي للدراسات السياسية والاستراتيجية «CSIS» أن داعش لايزال يملك من 10 إلى 15 ألف مسلح داخل الأراضي العراقية ينتشر أغلبهم على المناطق الحدودية بين سوريا، كما أن محافظة «كركوك» تعتبر من أكثر المناطق التي ينشط بها التنظيم وفقًا للمركز الذي أوضح أن خلافات الجيش العراقي والبيشمركة حول حيازة الإقليم تجعل من المنطقة أرضًا رخوة لاجتذاب الإرهاب.
لعبة المصالح
الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، يري أن احتفال العراق بانتهاء الحرب على «داعش» أمر معنوي بحت، يقدم رسائل حول جهود السلطة للتعافي من آثار الإرهاب والدمار التي خلفها التنظيم، ولكن في الواقع يبقى الخلاص النهائي من «داعش» محل شك.
للمزيد: تضاعف عدد الإرهابيين.. 230 ألف مسلح يربكون حسابات أمريكا
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أنه حتى لو احتفل العراق بالتخلص من داعش فإنه قد ترك به جرحًا واضحًا، لن يندمل في القريب العاجل، لافتًا إلى انفصال الأكراد الذي وقع في سبتمبر 2017 وما ستجنيه الدولة العراقية من تفتت عرقي آخر يضاف إلى معاركها الطائفية.
الاتحاد قوة
ويقول، الباحث العراقي، حسن قوال رشيد، إنه فى الوقت الذي يشهد العراق الاحتفال بالذكرى الأولى لإعلان انتهاء الحرب والانتصار على تنظيم «داعش» الإرهابي، بعد معارك كر وفر استمرت لأكثر من عامين في كل من محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالي وأجزاء من محافظة كركوك، قدم فيها العراقيون الآلاف من الضحايا والمفقودين، لا يمكننا أن نقول إننا انتصرنا على «داعش»".
واستطرد في تصريح لـ«المرجع» بأن «داعش» نتاج للسياسات الخاطئة التي ارتكبها السياسيون العراقيون، وبما أن هذه السياسات الخاطئة مستمرة – من وجهة نظره- فإن داعش لايزال يشكل مصدر قلق وتهديد لدى العراقيين، وبالأخص مع تبني عدد من المواطنين للفكر ذاته.
كما عارض الباحث العراقي، فكرة انتهاء «داعش»، قائلا: «لايزال هناك أكثر من مليوني نازح يعيشون في المخيمات ويعيشون وسط ظروف اقتصادية صعبة، بالإضافة إلى الأيزيدين المختطفين»، مطالبًا بإتحاد السياسيين العراقيين كافة حتى يمكن القضاء على التطرف.





