يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

مناورة الوقت الضائع.. طهران تسد ثقوب سفينتها الغارقة بمعاهدة «مكافحة الإرهاب»

الأربعاء 05/ديسمبر/2018 - 04:43 م
المرجع
علي رجب
طباعة

تختلف مواقف نظام الملالي من كل ما يجري حوله من أحداث، فتارة يُظهر العناد، وأخرى يُظهر اللين حسب ما تقتضيه الظروف، حتى باتت حكومة طهران كراكض وسط عاصفة كثيفة من إطلاق نيران، يتساقط عليه الرصاص كالمطر من كل حدب وصوب، ما بين احتجاجات داخلية لا تخمد وعقوبات خارجية (أمريكية) لا ترحم.

مناورة الوقت الضائع..

لذلك يحاول النظام الإيراني إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وملء ثقوب سفينته الغارقة بمزيد من رمال الوقت، لعله يربح بعض الشهور قبل أن تعانق سفينته قاع التاريخ.


أبرز دليل على تلك الرؤية التقديرية للمشهد الإيراني ما اتخذه البرلمان الإيراني -صباح اليوم الأربعاء 5 ديسمبر 2018- عبر مجلس صيانة الدستور، بالموافقة على انضمام طهران إلى معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب، المعروفة اختصارا بـCFT.


وقبيل المهلة المحددة من «مجموعة العمل المالي» ومقرها باريس، والتي تنتهي في فبراير المقبل، وافق البرلمان الإيراني، اليوم الأربعاء، بغالبية الحضور على انضمام إيران إلى معاهدة (CFT) التي أعدها مجلس صيانة الدستور، فيما يرى مراقبون أن هذه الموافقة لا تمثل أكثر من مناروة إيرانية؛ من أجل كسب الوقت في ظلِّ العقوبات الأمريكية المفروضة ضد طهران.


وقد وافق أعضاء البرلمان الإيراني، على  تعديلات على قانون معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، بصوت 125 نائبًا لصالح الانضمام إلى المعاهدة مقابل 59 معارضًا وامتناع 6 نواب.


وأعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، إزالة جميع الإشكاليات المتعلقة بمشروع قانون CFT لمكافحة تمويل الإرهاب بإجماع أعضاء لجنة الأمن القومي ومجلس صيانة الدستور، وعضوين من مجمع تشخيص مصلحة النظام.


وCFT هو جزء من الاتفاقية الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب المعروفة بـ«FATF»، وتعد واحدة من القوانين الأربعة التي تم تبنيها وتطبيقها لمنع إدراج اسم إيران في القائمة السوداء لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية FATF؛ حيث قالت مجموعة العمل المالي في أكتوبر الماضي، «إن لدى إيران مهلة حتى فبراير، لإكمال الإصلاحات التي من شأنها أن تجعلها تتماشى مع المعايير العالمية أو تواجه عواقب ذلك».


وفي أكتوبر الماضي، صوّت 134 نائبًا في البرلمان الإيراني، بالموافقة على بنود مشروع انضمام إيران لاتفاقية (CFT)، وهو ما حوله إلى قانون، بينما رفض ذلك 120 آخرون، وامتنع 5 نواب عن التصويت، ولكن لم يتم التصديق إلا بعد قرار مجلس صيانة الدستور.

مناورة الوقت الضائع..

وفي تصريح لـ«المرجع» قال الباحث في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي: «الحقيقة أن جميع المراقبين كانوا يراهنون على أن إيران لن تمرر هذه الاتفاقية، وربما مازال رهانهم قائمًا، كون أن موافقة البرلمان لا تعني التمرير إذ مازالت هناك إجراءات أخرى يمكن أن تعرقل انضمام إيران لهذه المعاهدة».


مؤكدًا أنها موافقة جاءت بعد سجالات طويلة ومعقدة بين البرلمان وبين مجلس صيانة الدستور طيلة الشهور الماضية، وأنها (أي الموافقة) تأتي في إطار اتباع إيران «سياسة الانحناء في العاصفة حتى تمر» بعد أن مورست عليها ضغود دولية، سواء الأمريكية المتعلقة باستئناف العقوبات، أو الأوروبية كون أن الاتحاد الأوروبي منح إيران فرصة حتى فبراير المقبل، وإلا تم إدراجها في القائمة السوداء لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية FATF.


وتابع الهتيمي: «في ظني أن تغير الموقف الإيراني من هذه المعاهدة التي كان يرى الكثيرون أنها تتعارض مع سياسات إيران الخاصة بدعم وتمويل نشاطات العديد من المنظمات والميليشيات أو حتى الشخصيات التي يمكن تصنيفها في أي لحظة باعتبارها منظمات أو شخصيات إرهابية».

"