«مكافحة الإرهاب».. قوانين أمريكية كتبها سياسيون بحبر المصالح
الإثنين 28/مايو/2018 - 11:33 م

الكونجرس الأمريكي
كتبت- نهلة عبدالمنعم
ناقش الكونجرس الأمريكي، بالأمس، مشروع قانون يُتيح لمواطني الولايات المتحدة من ضحايا الإرهاب الدولي الحصول على العدالة أمام المحاكم الأمريكية، من خلال محاسبة أولئك الذين يرتكبون، أو يساعدون، أو يحرضون، على النشاط الإرهابي في الخارج.
كما يضمن مشروع القانون الذي قُدم برعاية مشتركة من الحزبين الأمريكيين الديمقراطي والجمهوري، لضحايا الإرهاب العالمي، الحصول على تعويضات مجزية جراء تأثرهم بأعمال العنف.
ويهدف المشروع الذي قدَّمه كل من السيناتور بيل نيلسون، والسيناتور ماركو روبيو وجون كورنيان وكريستوفر كونز وريتشارد بلومنتال، إلى «تصحيح العديد من العيوب في قانون مكافحة الإرهاب الأصلي»، وفق ما يقول النواب.
كما يحدد مشروع قانون 2018 أيضًا اختصاصات المحكمة الأمريكية في قضايا الإرهاب الدولي، وذلك على خلفية التساؤلات التي أثيرت مؤخرًا داخل أرجاء المجتمع الأمريكي حول قدرة قانون مكافحة الإرهاب على محاسبة من يُطلق القانون عليهم «متطرفين» أو مؤيديهم في المحاكم الأمريكية، وذلك بعد قرار المحكمة العليا، في الشهر الماضي، برفض حكم تعويض قدره 655.5 مليون دولار كانت محكمة أمريكية قد ألزمت منظمة التحرير الفلسطينية بدفعه، وذلك بموجب القانون الأمريكي، والذي يمنح الحق لضحايا الإرهاب الدولي برفع دعاوى للحصول على تعويضات، وعرفت القضية بـ«سوكولوف»، وهي قضية تعود لعام 2002 قد رفعها مواطنون أمريكيون بعد وفاة أقاربهم في عملية في مستوطنة كرني شمرون.
كشفت قوانين الكونجرس عن مدى التناقض الأمريكي الصارخ، فسياسة بلاد العم سام تغض الطرف عن ممارسات إسرائيل العنيفة تجاه الفلسطينيين، وتكيل بمكيالين في هذه القضية تحديدًا، وفي غيرها على وجه العموم.
وتدق تلك القوانين التي كتبها سياسيون بحبر المصالح ودماء الضحايا، ناقوسًا للعالم كله ليتنبه إلى حقيقة وجدوى مكافحة الولايات المتحدة للإرهاب، فهي تعترض على حادث في مستوطنة إسرائيلية متناسية أن قرارها السياسي المتعجرف بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل قد يزيد من أعمال العنف في المنطقة.
بل ويمكن للجماعات الإرهابية المتاجرة بالدين أن تستغله في تأجيج الصراعات في المنطقة، وقد حدث ذلك بالفعل عندما تاجر أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بالقضية الفلسطينية في دعوة مزيفة للجهاد هناك، بينما لم نره أطلق طلقة واحدة في العمق الإسرائيلي، واكتفى بأن يرتع على مقدرات الشعب الأفغاني، ولنا في المتاجرة بالقضية الفلسطينية تاريخ جلي، فالإخوان كانوا يحتشدون قائلين: «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، ولكننا في الحقيقة وجدناهم يهددون الشعب المصري بمحاسبته على اختياراته السياسية في جملة شهيرة نعق بها محمد البلتاجي أحد قيادات الإخوان «ما يحدث في سيناء (الإرهاب) سيتوقف في اللحظة التي يعود فيها مرسي للحكم».
وبالنظر إلى توقيت مناقشة القانون، قد نجد أن الولايات المتحدة تستغل كعادتها قضية مكافحة الإرهاب لتحقيق مكاسب سياسية وتفاهمات دولية، فقد يكون المشروع مجرد خطوة احترازية للغضب الساطع الذي يُهدد أمريكا وحليفتها إسرائيل ومواطنيهما، بعد قرار ترامب المهووس بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وفي إطار أحكام التعويضات التي تفرضها الولايات المتحدة على الدول بخصوص هذا الشأن، فقد ألزمت محكمة أمريكية، في شهر مايو الحالي، طهران بدفع أكثر من ستة مليارات دولار لضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر، بعدما اتهمت المحكمة، ونحن ننتظر لنرى جدية تنفيذ هذا الحكم على الدولة التي طالما دعمت الإرهاب.
تدعي أمريكا أنها تقود فرق مكافحة الإرهاب حول العالم، في الوقت الذي لم تُدرج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب.
تدعي أمريكا أنها تحارب الإرهاب وتغض الطرف عن الكيانات التي تدعم الإرهاب داخل أرضها، وترتبط بعلاقة وثيقة مع الإخوان، مثل الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية «ASNA»، ومجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية «CAIR»، وجمعية الطلاب المسلمين، والصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية، وغيرها من المنظمات الإرهابية.
وعن ازدواجية القانون الأمريكي لمكافحة الإرهاب، يقول دكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية لـ«المرجع»: إن أمريكا تكافح الإرهاب وفق مفهومها هي، فالعلاقات الدولية تخضع في الغالب لقوانين البلطجة وليس للقانون الدولي المتعارف عليه.
وأضاف أن المعضلة ليست في مناقشة الكونجرس للقانون، بينما في تنفيذه، فأمريكا تعتمد سياسات مزدوجة في تنفيذ القوانين والسياسات، حيث تطبقها وفق أهوائها، وبما يخدم مصالحها الخاصة.