مبادرات المصالحة مع الإخوان.. الأسباب والنتائج

تُعد قضية المُصالحة بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان أساسيَّة؛ خاصةً بالنسبة لأعضاء الجماعة التي تواجه رفضًا من جانب قطاعٍ كبيرٍ من فئات المجتمع المختلفة؛ نتيجة لأعمال العنف الشديدة التي ارتكبتها بعد سقوط مرشحها المعزول «محمد مرسي» عام 2013؛ الأمر الذي دفعهم لمحاولة الاقتراب من الدولة والعودة من جديد إلى الحياة السياسية والاجتماعية؛ لهذا تُطل علينا كل فترة مبادرات تدعو للمصالحة مع الإخوان، وهو ما يقابَل بالرفض الشديد من جانب الحكومة والشعب المصري.

وتزايدت
هذه الدعوات عقب ثورة ٣٠ يونيو، خاصة بعد أن بدأت الجماعة تعاني الكثیر من
المشكلات، التي أحدثت ومازالت انقسامًا داخلیًّا في صفوفها، وصراعات بین
قیاداتها في الداخل والخارج؛ لذلك فإن هذه الدعوات ما هي إلا مناورة إخوانية
للعودة للمشهد السياسي، وهو ما لم يتم تحقيقه؛ لأنه منذ اللحظات الأولى لتولي
الرئیس «عبدالفتاح السیسي» مهام منصبه رئیسًا للجمهوریة في یونیو ٢٠١٤،
تعهد بعدم السماح بوجود الإخوان خلال فترة حكمه.
يدفعنا
ذلك لقراءة هذا الأمر، من خلال 3 محاور، الأول من خلال استعراض المبادرات التي
دعا لها بعض قيادات الإخوان المختلفة، والأسباب التي دعتهم لذلك، والثاني سيتناول ردود الفعل المختلفة
حول هذه المبادرات، أما المحور الثالث فسيقدم قراءة تحليلية لأسباب ونتائج هذه
المبادرات ومآلاتها.

أولًا: دعوات لإجراء مبادرات المصالحة:
1. دعوات
داخلية:
عند
استرجاع المبادرات التي دعا إليها العديد من فئات المجتمع المختلفة سواءً الداخلية
أو الخارجية، نجد أنه على مدار أكثر من 5 سنوات، بداية من 2013 وحتى 2018، ظهر
أمامنا ما لا يقل عن 15 مبادرة داعية للتصالح بين جماعة الإخوان والدولة، كان
بدايتها من خلال الداعية السلفي «محمد حسان» عام 2013 أثناء اعتصام رابعة، وآخرها
محاولات الإخواني السابق «كمال الهلباوي» في أبريل 2018 التي لقيت رفضًا واسعًا من
جانب الدولة المصرية، وبيان لجماعة الإخوان في أغسطس 2018، وإضافة إلى ذلك يوجد
العديد من الدعوات من قبل مقربين من الإخوان وآخرين من الدولة، يأتي من
أهمها التالي:
سعي
الداعية السلفي «محمد حسان» في عام 2013 وتحديدًا قبل أيام من فض
اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، لإجراء مصالحة بين الجماعة والدولة، وعاد
«حسان» في ١٤ يوليو ٢٠١٥، ليكرر مبادرته، قائلًا: «مازلت مستعدًّا
لقيادة مصالحةٍ، لكن بشروط، منها تحقيق القصاص لمن تم قتلهم بلا حق، وتنازل كلا
الطرفين عن جزء من حقوقه لمصلحة مصر».

وقبل
انتهاء عام 2013، طالب الدكتور «محمد البرادعى» من الدولة فتح قنوات
حوار مع جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسى الداعمة للمعزول «مرسي»،
ودعا «البرادعي» مرة أخرى في أكتوبر ٢٠١٥، إلى إشراك الجماعة في مستقبل
مصر السياسى وعملية التحول الديمقراطي، والإفراج عن «مرسي» وسجناء
الإخوان، في مقابل تخلي الجماعة عن العنف والعودة مرة أخرى إلى ما سمّاه «أحضان الشعب».
وفي
أكتوبر 2013، قدم المفكر الإسلامي «أحمد كمال أبوالمجد»، مبادرة، قال
فيها إنه توصل إلى اتفاق مع قيادات جماعة الإخوان، يتضمن نبذ العنف ووقف التظاهرات
في الشوارع والميادين، والتخلي عن عودة «مرسي»، مقابل عودة الجماعة
للحياة السياسية، في مقابل أن توقف الدولة المطاردات الأمنية لعناصر الإخوان.
وقدم
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، مبادرتين للمصالحة، الأولى في
فبراير 2014، أطلق عليها مبادرة «خارطة إنقاذ»، وتنص على تشكيل لجنة
حكماء برئاسة «محمد حسنين هيكل»؛ لتهدئة الأجواء بين الدولة والإخوان،
وعندما فشلت هذه المبادرة، قدم الأخرى في أغسطس من العام نفسه، حملت عنوان مبادرة
«الحوار الوطني»، كان من بين شروطها إقالة حكومة «حازم
الببلاوي»، وإعلان نبذ العنف من جانب الدولة والإخوان، وتشكيل لجنة تقصي
حقائق محايدة تحقق في جميع أحداث العنف.
وفي
فبراير ٢٠١٥، أطلق المستشار طارق البشري مبادرته للتصالح، دعا فيها السعودية إلى
رعاية الحوار بين الجانبين، ونوّه إلى أن الإسلاميين في مصر لديهم تنظيمات
شعبية متغلغلة داخل المجتمع، والحوار مهم بين الدولة والإخوان؛ لعودة الجماعة
للحياة السياسية.

أما
في ١٩ يونيو ٢٠١٥ أطلق رئيس حزب مصر القويَّة والمسجون حاليًّا بتهم تتعلق بالانتماء
إلى الجماعة، عبدالمنعم أبوالفتوح، من خلال بيانٍ له، مبادرة للتصالح مع الجماعة، تمثلت
في تشكيل حكومة كفاءات انتقالية مستقلة، واقترح «أبوالفتوح»، تعيين رئيس
حكومة جديد مشترطًا فيه أن يكون شخصية توافقية مستقلة غير منحازة، ثم تفويض رئيس
الجمهورية في صلاحياته إلى رئيس الحكومة، ودعا فيها للإفراج عن «مرسي»،
وسجناء الإخوان، مع دخول الجماعة في حوار وطني مع السلطة حينها، بعد التبرؤ من كل
أشكال العنف.

كما
دعا مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، سعد الدين إبراهيم، في أوقات مختلفة
وعلى مدار سنوات عدة؛ لإجراء مصالحة مع الإخوان، كان من بينها مبادرة قدمها فى
مارس 2016 تشمل الإفراج عن كل قيادات الإخوان، وعلى رأسهم المرشد محمد بديع،
والمعزول «مرسي»، وعاد مرة أخرى في مارس ٢٠١٧ ليعلن أن الجماعة مستعدة
للمصالحة، قائلًا: «الأجواء الآن مهيأة بالفعل لمصالحة وطنية تاريخية، وطي
صفحة الماضي والتطلع للمستقبل، وأن هناك مؤشرات على قرب تحقيق مصالحة وطنية
تاريخية فى مصر».

وفي
نوفمبر 2016 دعا عماد عبدالغفور، رئيس حزب الوطن، والمساعد السابق
لـ«مرسي»، لمصالحة جديدة تحت مسمى «المصالحة الوطنية» يدعو
الدولة والإخوان إلى تقديم قدر من التنازلات والتراجعات.

وقدم الإعلامي عماد الدين
أديب، في أبريل 2018، من خلال أحد البرامج التلفزيونية، دعوة للمصالحة، مطالبًا
بضرورة دمج شباب الإخوان في المجتمع، والتصالح معهم، وعمل مراجعات فكرية لعناصر
الجماعة.
ومن المبادرات التي أثارت
جدلًا ورفضًا شديدًا، المبادرة التي أطلقها القيادي المنشق عن الإخوان كمال
الهلباوي، في 25 أبريل 2018، داعيًا إلى ضرورة السعي من أجل مصالحة وطنية شاملة في
مصر، عبر تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات عربية ودولية مشهودًا لها بالنزاهة، يأتي من
بينهم الرئيس السوداني الأسبق عبدالرحمن سوار الذهب، ورئيس مجلس الأمة الكويتي،
مرزوق الغانم، ورئيس الحكومة الجزائرية السابق، عبدالعزيز بلخادم، والأمين العام
الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد
فايق، وغيرهم، لقيادة وساطة تاريخية في مصر، تنهي حالة الصراع القائمة بين الدولة
والإخوان.
وكان آخر المبادرات التي خرجت إلى العلن، بيان أطلقته الجماعة في 13 أغسطس 2018 الذكرى الخامسة لفض اعتصام ميداني رابعة والنهضة، معلنة فيه عن مبادرة تتضمَّن إجراء انتخابات رئاسية جديدة يدعو لها «مرسي»، وجاء البيان تحت عنوان: «تعالوا إلى كلمة سواء، وطن واحد لشعب واحد»، كما تضمن 10 بنود، زعمت أن هدفها من ذلك هو إخراج الوطن من النفق المظلم.
ومن أبرز هذه
البنود، الاحتفاء بثورة يناير 2011، والتأكيد على أن الجماعة فصيل وطني، وأن
السلمية خيار التنظيم في التغيير والحفاظ على مؤسسات الدولة، واعتبار الشعب المصدر
الوحيد للشرعية، ورفض مناخ الاستقطاب، والتأكيد على أن حقوق الضحايا لا تسقط
بالتقادم وأهمية تحقيق العدالة الناجزة.

وأعلنت
الجماعة أن أفضل طريق للخروج من هذا النفق المظلم هو عودة «مرسي» لسدة
الحكم على رأس حكومة ائتلافية يتم التوافق عليها من القوى الوطنية لمدة محددة
وكافية، يتم خلالها تهيئة البلاد لإجراء انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها هيئة
قضائية مستقلة، تتوافق عليها القوى الوطنية دون إقصاء لأحد، وختمت البيان؛ بدعوى
لحوار وطني مجتمعي شامل في مناخ صحي يسمح بتحقيق البنود السابقة، حتى يمكن استعادة
اللحمة الوطنية والانطلاق نحو وطن واحد لشعب واحد.

2. دعوات
خارجية:
أعلن
«راشد الغنوشي» رئيس حركة النهضة، الذراع التونسية لجماعة الإخوان في
يناير ٢٠١٧، عن تقديمه مبادرة للتصالح بين الدولة المصرية والإخوان، وطلب من
السعودية التوسط لدى مصر لعقد مصالحة مع الإخوان، على اعتبار أن هذه الجماعة مكون
عريق من مكونات الشعب المصري، ولا يمكن استبعادهم، لافتًا إلى أن ذلك تم خلال لقاء
جمعه بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان؛ حيث طلب منه الوساطة لتهدئة
الأجواء.

كما
أعلن رئيس حزب الأمة السوداني «الصادق المهدي» في يوليو
٢٠١٧، وفقًا لما نشرته وكالة الأنباء السودانية، أنه اقترح على «السيسي»
إبرام مصالحة مع الإخوان، عبر إفراج السلطات المصرية عن قادة الجماعة، وذلك مقابل
أن يقوم الإخوان بإجراء مراجعات فكرية داخل التنظيم؛ لتقديم تنازلات وتغيير أفكارهم.

وفي
30 نوفمبر عام ٢٠١٦، أعلن الرئيس السوداني الراحل «عبدالرحمن سوار
الذهب»، إمكانية قيام السودان بالوساطة بين النظام المصري وجماعة الإخوان؛ لتحقيق ما أطلق عليه «المصالحة الوطنية».
وطالبت
حركة حماس الفلسطينية في مايو ٢٠١٧، عندما أعلنت انفصالها عن الجماعة، من قيادات الإخوان في الداخل
والخارج بالتراجع خطوات أمام الدولة المصرية؛ لتفتح الطريق لإمكانية المصالحة
وعودة الجماعة في مصر للمشهد السياسي.


ثانيًا: ردود الفعل حول مبادرات المصالحة
1. رفض مصري
تنوعت
ردود الفعل المصرية حول مبادرات الإخوان الداعية لإجراء مصالحة مع النظام المصري
الحالي، فهناك ردود فعل من جانب رئاسة الجمهورية، ومن جانب الحكومة المصرية ممثلة
في الوزارء، إضافة إلى ردود فعل لقيادات عدد من الأحزاب السياسية في مصر، وهذا ما
يأتي على النحو التالي:
§ الرئاسة
والحكومة المصرية:
يأتي
أول رد من الرئاسة المصرية على مبادرات المصالحة من خلال الرئيس الانتقالي في مصر
«عدلي منصور» ( الذي تولى منصب الرئيس المؤقت للبلاد بعد عزل
«مرسي») في فبراير 2014؛ حيث استبعد إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان،
قائلًا: «أعتقد أن المصالحة لم تعد مطروحة بعد وقوع أعمال عنف وهجمات
دامية»، وتساءل: «إذا كنت تتحدث عن المصالحة مع جماعة الإخوان فبعد أن
استعاد الشعب المصري وعيه السياسي.. هل يمكن اتخاذ أي قرار في هذا الشأن دون
موافقته أو رضاه؟ أشك في ذلك».

وعلق
الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، على دعوات المصالحة في مرات عديدة، تاركًا
القرار للشعب المصري، ففي 4 نوفمبر 2015، خلال حوار له مع هيئة الإذاعة البريطانية
«بي بي سي» أشار إلى أن الشعب المصري وحده يرجع له القرار في
إعطاء جماعة الإخوان دورًا آخر في مستقبل البلاد.
وأكد
السيسي، في سبتمبر 2015، خلال حوار له مع وكالة «أسوشيتد برس»
الأمريكية، أن أزمة الإخوان مع الشعب المصري، وليست مع النظام أو الحكومة، قائلًا:
«الجماعة قدمت خلال العامين الماضيين انطباعًا للشعب من الصعب نسيانه لما
قامت به من أعمال شغب وعنف».
وخلال
مؤتمر الشباب في نوفمبر 2016 بشرم الشيخ، علق الرئيس على إمكانية المصالحة مع
جماعة الإخوان، قائلًا: «مش هقدر آخد فيها قرار لوحدي، دا قرار دولة، وأنا
أكتر واحد أتحت ليهم فرصة في 3 يوليو، والبيان الذي تم إصداره كان متزنا
للغاية، وأنا مش طالب من حد يغير أفكاره علشاني، أنا بقبل كل الأفكار، لكن مارسوا
أفكاركم بدون ما تهدوا بلدكم».
وآخر
ما قاله «السيسي» عن مبادرات المصالحة كان في أكتوبر 2018 خلال حوار
نشرته جريدة «الشاهد اليومية الكويتية»، معلنًا أن «جماعة الإخوان
لن يكون لها دور في المشهد المصري خلال فترة وجوده في السلطة، وأن شعب مصر لن يقبل
بعودتهم لأن فكر الإخوان غير قابل للحياة ويتصادم معها»، فالجماعة قادت
الفوضي في العديد من البلدان العربية كاليمن وليبيا.

إضافة
لذلك حسم وزير الخارجية «سامح شكري» أمر هذه المبادرات، حينما رد على
مبادرة «الهلباوي» في 25 مايو 2018، قائلًا: لا يوجد أي حل للمصالحة مع
تنظيم غير شرعي، والرئيس السيسي، دائمًا يؤكد أن مصر لجميع أبنائها طالما التزموا
بالقانون والقواعد التي تجمعنا، وهذا هو المنهج الذي نسير عليه.

§ قيادات
إخوانية سابقة
وصف
القيادي السابق بجماعة الإخوان «إبراهيم ربيع» في مايو 2018، تصريحات
«شكري» بأنها قطعت الطريق أمام عملاء الجماعة الإرهابية الذين يخرجون
بين الحين والآخر لإطلاق دعوات مصالحة، مطالبًا الشعب أن يتمسك ويؤكد على أجندته
تجاه هذا التنظيم، ولا يتنازل عن أي بند من بنودها، وعلى الإخوان أن يستجيبوا إذا
كانوا يريدون أن يعيشوا مصريين.
وأوضح
«ربيع» أن هذه الأجندة الشعبية ممثلة في تفكيك تنظيم جماعة الإخوان داخل
البلاد، وتسليم السلطات الأمنية خريطة الجماعة في كل محافظات مصر، وخريطة
الاستثمارات والكيانات الاقتصادية التابعة للتنظيم في داخل البلاد، وخريطة
التحالفات بينه وبين غيره من التنظيمات الإرهابية، وغير الإرهابية الموجودة داخل
البلاد، وإعلان تفكيك التنظيم الدولي للإخوان أو على الأقل الانسحاب منه، وإعلان
اعترافه بشرعية كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الآن،
وإعلان خضوعه للقانون المصري.
كما
أشار القيادى السابق بجماعة الإخوان «طارق البشبيشي»، إلى أن وزارة
الخارجية هي الأمين على أمن مصر السياسي والدبلوماسي الخارجي، والرهان دائمًا على
وزير الخارجية في تثبيت علاقات مصر الخارجية بما يضمن مصالحها ومصالح شعبها، مطالبًا بأنه على الدولة أن تكون أكثر حسمًا ووضوحًا مع تنظيم الإخوان رمز الخيانة والشر.
وفي
السياق ذاته، رفض الناشط القبطي «رامي جان»، مؤسس حركة «أقباط ضد
الانقلاب» والذي انقلب على الجماعة بعد ذلك؛ دعاوى المصالحة مع الجماعة، قائلًا:
«أنا ضد المصالحة؛ لأن المصالحة مع الجماعة؛ كأنك تقبل أن تربي أفعى
في منزلك، لمجرد أنه قيل لك بأنها منزوعة السم، في النهايه ستظل أفعى، ولو تصالحت
الدولة مع الإخوان سأكون آخر شخص في هذا الكوكب يقبل بهذه المصالحة».
§ مجلس
النواب
وأعلنت
وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب "غادة عجمى"، أن أي دعوة
للتصالح مع الجماعة مرفوضة على الإطلاق، متسائلة: «كيف لنا ألا نستفيد من
دروس رؤساء مصر السابقين، خاصة أنهم حاولوا دمج الجماعة بالمجتمع بطريقة سلمية
ولكن ظهر بالبرهان أنها جماعة غير وطنية تنضم لتنظيم دولي دموي مخرب لا يهمه مصر
ولا المصريين».

وأعلن
وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب «يحيى كدواني»، أن الحديث
عن مصالحة مع الإخوان ما هي إلا ادعاءات وتخاريف يروجها أنصار الجماعة الإرهابية
من خلال مبادراتهم المشبوهة التي تتم مع أشخاص مناصرين للجماعة والتي كان آخرها
المبادرة التي أعلن عنها «الهلباوي» وهو أحد الأشخاص المقربين للجماعة
الإرهابية، قائلًا: «ليس من المعقول التصالح مع جماعة سفكت دماء المصريين،
وحديث الوزير سامح شكري عن عدم وجود أي نية للمصالحة مع الإخوان يؤكد أن الدولة
المصرية والشعب المصري لا يريد ولا يسعى للتصالح مع هذه الجماعة».

وأكد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب «محمد الغول» أن طرح «الهلباوي» مبادرة للمصالحة هي ألاعيب يقودها من أجل مصلحة الجماعة الإرهابية ضد الدولة، فكل من هم منشقون عن الجماعة هم مجموعة من المندسين؛ لأنه لا يوجد في الجماعة الإ كل خائن وعميل ضد الوطن.

ومن الناحية الدستورية، أوضح عضو مجلس النواب «محمد أبوحامد» أن الحديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان غير دستوري ومخالف لنص المادة 237 من الدستور التي تلزم الدولة بأن تكافح الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وتتبع مصادر تمويله وتجففها، وتعتبر الإرهاب يمثل خطرًا وتهديدًا على أمن وسلامة البلد والشعب، ومن ثم الكلام عن طرح فكرة المصالحة مع الجماعة التي صدر بحقها حكم قضائي بأنها جماعة إرهابية، وأيضًا مدرجة طبقًا للقانون رقم 8 على قوائم الإرهاب، يدعو لأمر مخالف للدستور الذي أوجب مكافحة الإرهاب.
وبعد مبادرة «الهلباوي» دعا أعضاء مجلس النواب إلى ضرورة إدخال تعديل على الدستور لحظر التصالح مع التنظيمات الإرهابية، كما تقدم النائب «محمد أبوحامد» بمشروع قانون لفصل عناصر الإخوان من الجهاز الإداري بالدولة.

§ أحزاب
سياسية:
وأشار
رئيس حزب السادات الديمقراطي «عفت السادات» في 13 يونيو 2015، إلى أن
الدعوات التي تطلقها قيادات الإخوان وتنظيمها الدولي؛ من أجل إجراء مصالحة مع الشعب
والحكومة المصرية، جاءت نتيجة إحساسهم بأنهم أصبحوا جماعة منبوذة في الداخل
والخارج، مؤكدًا أن الجماعة أصبحت تعيش حالة من الإفلاس السياسي، بعدما رفض الشعب
المصري عودتها مرة أخرى للمشهد السياسي؛ نظرًا لما ارتكبوه من أعمال إجرامية
وإرهابية، وموضحًا أن المصالحة تأتي بعد نبذهم للعنف، واعترافهم بالواقع الحالي
وبثورة 30 يونيو، ومحاسبة المخطئ منهم، وتقديمه إلى العدالة.

§ مؤسسات
مجتمع مدني:
أوضح
عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان «مختار نوح» في 12 مايو 2018: إن
«الهلباوي» لم يعد له أي وجود في المجلس منذ أكثر من 6 أشهر؛ إذ لم يعد
يحضر الاجتماعات أو يشارك في أي أمور تخص المجلس، لافتًا إلى أن
«الهلباوي» ارتكب في الآونة الأخيرة أخطاء عديدة، كان أكبرها خطأ
المبادرة التي أعلنتها جماعة الإخوان الإرهابية من خلاله.
وأضاف «نوح» أن جماعة الإخوان وقنواتها الإرهابية تروج للمصالحة المزعومة على
أنها من الدولة، وتعمل دائمًا على تقديم «الهلباوي» باعتباره عضوًا
بالمجلس القومي لحقوق الإنسان؛ للإيهام بأن الأمر مرتبط بالدولة، على غير الحقيقة،
مشيرًا إلى أن كل ما بدر من «الهلباوي» وما تضمنته مبادرته لا يعبر عن
وجهة نظره، وإنما هو توجه إخواني جرى إعلانه من خلاله، وبالتأكيد لا علاقة للمجلس
القومي لحقوق الإنسان به.

2. قوى
خارجية داعمة للمصالحة
بعد
طرح «أديب» لمبادرة المصالحة، طالب نائب حزب المحافظين البريطاني
«كريسبن بلانت»، بالضغط على الحكومة المصرية للسماح بقيام وفد برلماني
بريطاني بزيارة المعزول «مرسي» في محبسه، وقيامها بإعادة دمج الجماعة في
الحياة السياسية المصرية.
وعلق
على تصريح النائب البريطاني عدد من النواب، منهم أمين سر لجنة العلاقات الخارجية
في البرلمان «طارق الخولي»، قائلًا: إن من يدافع عن عودة الإخوان مرة
أخرى للمشهد السياسي المصري هم قوى الهيمنة والمستعمرين القدامى وبشكل واضح نجد أن
دعم التنظيم الإخواني يأتي من القوى الإقليمية المتربصة في مصر.
كذلك،
اعتبر رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب «محمد فرج عامر»، أن انطلاق
دعوات التصالح مع الإخوان من بريطانيا غير مستغربة؛ لأن هذه الدولة تحديدًا لاتزال تحمي قيادات الجماعة على أراضيها، ومن ثم فإن أي دعوة للمصالحة مع الإخوان
مرفوضة من الشعب المصري بجميع اتجاهاته وانتماءاته السياسية والحزبية والشعبية.
3. قيادات
إخوانية رافضة للمصالحة
لم
يقتصر الرفض فقط على الحكومة المصرية والمشاركين في مؤسسات صنع
القرار في مصر، بل أن استراتيجية الإخوان القائمة على التعنت، وإبراز
أنها لاتزال قوية رغم أن ذلك غير صحيح، ظهر بعض قياداتها للإعلان عن
رفضهم فكرة المصالحة مع الدولة.
ففي نوفمبر ٢٠١٦، أعلنت جبهة الشباب الإخوانية، أنها ترفض تمامًا فكرة المصالحة، مشيرةً إلى أنها لن تتنازل عن عودة الجماعة للحكم والإفراج عن جميع القيادات من السجون، وعودة المشهد السياسي إلى ما قبل ٣٠ يونيو.

وفي
فبراير ٢٠١٧، استبعد عضو مجلس شورى جماعة الإخوان «مدحت الحداد» حدوث
مصالحة بين الجماعة والحكومة المصرية الحالية، قائلًا: إن الجماعة لن تساوم على
عودة «محمد مرسي».
أما في يوليو ٢٠١٧، فقد رأى القيادي بالجماعة، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة «محمد سويدان»، أن الجماعة يمكن أن تعدل أو تغير مواقفها السياسية طبقًا للظروف والأحداث المعاصرة، لكن مع تمسكها بمبادئها ونهجها وعقيدتها الإسلامية، مشيرًا إلى أن الجماعة تبحث بالفعل عن مخرج لحلحلة الأزمة بمصر.
من
جهته، رفض البرلماني السابق، القيادي بجماعة الإخوان «حاتم عبدالعظيم»
فكرة التصالح مع الدولة.
كما استبعد القيادي في جماعة الإخوان «أشرف عبدالغفار» في يناير ٢٠١٨، فتح باب المصالحة مع الإخوان، قائلًا: لم ولن يفتح «السيسي» باب المصالحة يومًا ما؛ لأن فتح باب المصالحة يعد تراجعًا عن «ثوابت الجماعة».

ثالثًا: دعاوى المصالحة.. الأسباب والتداعيات
في
إطار ما تقدم، نجد أن جماعة الإخوان لم تهدأ عن سعيها الدائم لإجراء مصالحة مع
النظام المصري، ويرجع ذلك كما تم التوضيح إلى مآلات الفشل والضعف الذي تعاني منه
الجماعة ليس في مصر فقط بل انعكس ذلك على الأفرع التابعة للجماعة في الدول العربية
والغربية؛ ما أفقدها الكثير من السلطه والهيمنه لفرض سيطرتها على قيادات الأنظمة
الحاكمة في هذه الدول؛ نظرًا لانكشاف أمرها وحقيقتها أمام العالم بأكمله، ومعرفة
أنها جماعة تدعو للعنف والفوضي.
ويجب
معرفة أن الدعاوى الرافعة لشعار التصالح مع الإخوان، من شأنها أن تسبب مخاطر للشعب
المصري والدولة المصریة؛ لأن دعوات الجماعة هي في الأساس مناورة تريد منها العودة
للمشهد السياسي لتحقيق حلمها المزعوم المتمثل في العودة للسلطة، وهذا ما اتضح
جليًّا في بعض الشروط التي وضعت في بعض المبادرات، وكان منها عودة المعزول
«مرسي» للحكم، وهو ما لم يحدث؛ نظرًا لرفض الشعب المصري الذي له الرأي
الأول في هذا الأمر لهذه الجماعة نتيجة المعاناة التي عايشها أثناء فترة حكمها؛
ولذلك فإن المصالحة هي قضية سياسية سيحسمها الشعب وفق مصالحه.
إضافة
إلى ذلك، فإن أغلب قيادات الإخوان صدر فى حقهم أحكام نهائية بالسجن، وإسقاط تلك
الأحكام بأي شكل من الأشكال يعد إهدارًا لسيادة الأحكام القضائية، وتقويض لدولة
القانون، خاصةً أن معظم هؤلاء الأشخاص ثبت تورطهم في العنف، وإراقة دماء المصريين.
لذلك،
إذا أرادت الجماعة إجراء مصالحة حقيقية مع الشعب المصري، عليها أولًا أن تتنازل عن
الشروط التي تضعها، المتمثلة في عودة المعزول «مرسي» للحكم،
وأن تراجع أفكارها من جديد، وتعترف أنها ارتكبت أخطاء عدة خلال فترة حكمها؛ الأمر
الذي أدى لفشل ذريع، وحدوث أعمال عنف وانقسامات داخل الشارع المصري.
للمزيد: انفصال
«إخوان الأردن» عن الجماعة .. تكتيكات المراوغة والخداع