حزب التحرير.. السير على خُطى الإخوان بأقنعة سياسية
قد تتجه أغلب وسائل الإعلام نحو تغطية أيديولوجية المجموعات الإرهابية التي تبقى أفعالها ظاهرة على السطح، ومهددة للسلام الدولي، إلا أنها تغفل تيارات أخرى قد تكون أكثر خطورة، مثل «حزب التحرير» الذي ينطوي منهجه على نظرة مستقبلية تضرب بعمق وخفاء في ثقافة المجتمعات، في محاولة منها لتغيير وطمس هوية تلك المجتمعات؛ ما يجعلها فريسة سهلة تتقبل بأريحية عقيدة التكفير، وتعتنق فكرة الخلافة المنتظرة، وفقًا لمنظري الحزب.
رفض وقبول
منذ التأسيس شهدت المراحل التاريخية فترات انتشار وانحصار عالمي مختلفة، فالحزب بدأ من القدس وبعدها انتشر بالأردن إبان حكم الأردن للضفة الغربية بعد نكبة عام 1948، كما استطاع الحزب اقتحام مجلس نوابها عن طريق انتخاب أحد الأعضاء الموالين له وهو أحمد الداعور.
كما حظيت الدعوة بالقبول في عدد من البلدان الأخرى لتؤسس فيها فروعًا معلنة وأنشطة واضحة ومكاتب سياسية وإعلامية لا تزال تمارس فعالياتها في العلن، وذلك مثلما يحدث في لبنان.
وإلى جانب ذلك، يتمركز التنظيم بقوة داخل الدولة الأسترالية، ويعقد اللقاءات العامة وينظم الأنشطة المختلفة، وذلك تحت قيادة «إسماعيل الوحواح» فلكل فرع قائد وجميعهم يتبعون الأمير العام للجماعة، كما تنخرط الجماعة في الظهور في وسائل الإعلام الرسمية.
ونتيجة للحرية الممنوحة لحزب التحرير في أستراليا فقد قام بتجنيد عدد كبير من الأعضاء لتبني وجهات نظره وفلسفته الحركية حتى وصل عدد أعضائه إلى حوالي مليون شخص حول العالم؛ ما جعل كثيرًا من النشطاء المناهضين للحزب ونشاطه لتدشين دعوات إلكترونية مكثفة لحظر الحزب، وإعلانه منظمة إرهابية، وذلك بعد انتشار الحوادث الإرهابية ووقائع الكراهية من منتسبي الحركة.
ومن الدول الأخرى التي ترحب بوجود حزب التحرير المشهور غربيًا بالاختصار «HT» هي الولايات المتحدة الأمريكية التي يحتفظ فيها الحزب بموقع إلكتروني وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن نشر الرؤى السياسية التي يتبناها أصلًا ضد الكيانات الغربية.
وتنضم الدنمارك إلى مجموعة الدول التي ينشط بها الحزب علنيًّا، وذلك منذ عام 2000، ويتولى جونز كوك مهمة المتحدث الرسمي للفرع الدنماركي الذي يقبع في مقره الرسمي بكوبنهاجن، بالإضافة إلى ذلك ينشط الحزب أيضًا في كل من هولندا وباكستان وإندونيسيا ودول آسيا الوسطى، بما في ذلك أوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان.
أما في المملكة المتحدة، فيشهد الحزب فترات من الشد والجذب، فرئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون كان يطالب بحظره، ولذلك فالحزب ليس مرحبًا به رسميًّا ولكنه قيد المراقبة، وفي دراسة لمعهد «توني بلير» تم اعتبار الحزب المسؤول الرئيسي عن انتشار أفكار الإرهاب وسط الشباب والمراهقين الذين التحقوا بـ«داعش» فيما بعد.
وعلى العكس من ذلك فهناك دول تحظر الحزب وأعلنته من قبل جماعة إرهابية مثل ألمانيا وبنجلادش وغيرها، وتجدر الإشارة إلى أن الحزب قد أعلن بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عن نشاطه في مصر، ولكن بعد اعتدال الأحوال وطرد المنبع «جماعة الإخوان» استتب الأمن في مصر، وحفظت من الجماعات الإسلاموية.
لم يتوقف الحزب بموت مؤسسه النبهاني، فبعد وفاة النبهاني تولى القيادة العامة الفلسطيني عبدالقديم زلوم (1924- 2003) وهو مدرس ولد بمدينة الخليل، وتعرف في شبابه على تقي الدين النبهاني، وأعجب بحزب التحرير، وانضم له وأسهم في مؤلفاته وكتابة معتقداته إلى أن أصبح رئيس الحزب.
وبعد وفاة زلوم تولى رئاسة الحزب عطا أبو الرشتة الفلسطيني الذي لا يزال على رأس التحرير حتى الآن، ويتحفظ الموقع الرسمي للجماعة عن إعلان مكان رئيسه لأسباب أمنية.
اقرأ أيضًا: «فرسان تحت راية النبي».. سطور شيطانية بأقلام دموية





