استمالة الإسلاميين.. استراتيجية مرشحي انتخابات إندونيسيا الرئاسية
الأحد 12/أغسطس/2018 - 04:05 م
الرئيس الإندونيسي «جوكو ويدودو»
أحمد لملوم
أعلن الرئيس الإندونيسي «جوكو ويدودو»، اختياره رئيس مجلس علماء إندونيسيا، «معروف أمين» ليكون نائب الرئيس حال نجاح الأول في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في خطوة يأمل منها «ويدودو» أن ينال دعم الأوساط الإسلامية، والتي يحاول التقرب لها أيضًا غريمه السياسي، الجنرال السابق «برابوو سوبيانتو».
وتعد إندونيسيا أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، ويقدر عدد سكانها نحو 266 مليون نسمة، يُشكل المسيحيون منهم 10% تقريبًا، لكنها دولة ذات نظام حكم علماني، وكان الرئيس الإندونيسي تعهد في أكثر من مناسبة بالحفاظ على التقاليد والتعددية الثقافية والترويج لصورة الإسلام المعتدل في البلاد.
لكن الخطوة الأخيرة التي اتخذها الرئيس الإندونيسي، تثير تساؤلات عن تغيير سياسة الدولة، وتوجهها إلى منحى أكثر تشددًا، فرئيس مجلس علماء إندونيسيا معروف بآرائه المتحيزة ضد بعض الأقليات، كما كان له دور رئيسي في سجن الحاكم السابق لـ«جاكرتا»، «باسوكي أهوك بورناما»، مسيحي الديانة، عام 2017 عندما أتهمه بالإساءة للإسلام.
وكان «أهوك» مُنِيَّ بهزيمة دراماتيكية في انتخابات عام 2017، وانتزع منه منصب حاكم العاصمة وزير التربية الأسبق «أنيس باسويدان»، لكن هذا الفوز جاء من خلال تحالفه مع جماعات إسلامية استخدمت المساجد للدعاية له، وحث الناخبين للتصويت لباسويدان كونه «المرشح المسلم».
نشاط إرهابي
ولعل ما حدث مع «بورناما»، أحد إرهاصات تزايد التشدد ونفوذ الإسلام السياسي والتفسير المتشدد للشريعة الإسلامية في إندونيسيا مؤخرًا.
وتنشط في إندونيسيا عدة جماعات إرهابية، تنفذ عمليات تستهدف قوات الأمن والأقليات، وشهدت البلاد تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في مايو الماضي، عندما شنَّت جماعة إرهابية محلية تابعة لتنظيم «داعش» في إندونيسيا، هجماتان انتحاريتان متتاليتان على كنائس في مدينة «سورابايا» ثاني أكبر مدن البلاد.
ووقعت الهجمات، التى أعلن «داعش» تبنيها، وفق ما أفادت وكالة «أعماق» التابعة له، بعد أيام من قيام سجناء إسلاميين متشددين، بقتل خمسة من أفراد قوة خاصة لمكافحة الإرهاب، أثناء مواجهة استمرت 36 ساعة في سجن عند مشارف العاصمة جاكرتا.
وقال «وا وان بوروانتو»، المتحدث باسم وكالة المخابرات الإندونيسية لقناة إخبارية محلية: إن جماعة «أنصار الدولة» خططت للهجمات الانتحارية منذ بعض الوقت.
وتُعدُّ جماعة «أنصار الدولة» تنظيمًا إرهابيًّا مكونًا من تحالف لمجموعات انشقت عام 2015 من جماعة «مجاهدي تيمور» الإندونيسية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وتنفّذ هذه الجماعة عمليات في مقاطعتي جاوة وسولاويزي، بإندونيسيا، وتقوم بأنشطة في مقاطعات إندونيسيا الشرقية أيضًا.
ومنذ عام 2012 وجماعة «مجاهدي تيمور» تستهدف المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن في إندونيسيا، وقتلت الكثير من المدنيين وأفراد الشرطة في هجمات متعددة، وازدادت الجماعة جرأة في هجماتها على قوات الأمن، بما في ذلك قطع الرؤوس واستخدام المتفجرات وإطلاق النار.
وفي يوليو الماضي، قضت محكمة إندونيسية بإعدام أمان عبدالرحمن، زعيم جماعة «أنصار الدولة»، لتدبيره سلسلة من الهجمات الدامية في البلاد من محبسه، واستمر «عبدالرحمن» في إدارة التنظيم بعد إلقاء القبض عليه ونقله لسجن مشدد الحراسة عام 2013، ثم أعلن ولاءه لتنظيم «داعش» من داخل محبسه عام 2014. تعتقد السلطات الإندونيسية أن تنظيم «داعش» له أتباع يتجاوز عددهم 1200 فرد في البلاد، في حين أن نحو 500 إندونيسي سافروا للانضمام في صفوف التنظيم في سوريا.
وتعود بدايات الجماعات الإرهابيَّة في إندونيسيا لفترة استقلالها عن الاحتلال الياباني عام 1945، وكانت أولى هذه الجماعات هي حركة «دار الإسلام» التي نشطت في إقليم آتشيه، شمال غرب جزيرة سومطرة الإندونيسية.
وأعلن زعيم الحركة، سيكارماجي ماريدان كارتوسوويرجو تأسيس «دولة إندونيسيا الإسلامية» في المناطق التي سيطروا عليها في الإقليم عام 1949؛ ما تسبب في اندلاع مواجهات مع الجيش الإندونيسي استمرت لمدة 13 عامًا، وألقي القبض على كارتوسوويرجو عام 1962، وتفرق أعضاء الحركة بعدها.
والرئيس الإندونيسي «ويدودو» ليس الوحيد الذي يسعى لاستمالة الأوساط الإسلامية، فمنافسه اللدود الجنرال السابق برابو سوبيانتو، يريد زيادة فرصه في الانتخابات القادمة هو الآخر، خاصةً أنه خسر أمام ويدودو في انتخابات عام 2014 بفارق بسيط.
وخلال الشهور القليلة الماضية، ظهرت حركة على مواقع التواصل الاحتماعي تحت شعار «تغيير الرئيس في عام 2019»، يقودها مرداني علي سيرا، وهو عضو في البرلمان من حزب جماعة الإخوان؛ حزب العدالة والرفاهية.
وما يرجح محاولة سوبيانتو كسب تأييد حزب الإخوان، والذي يتعاون بدوره مع جماعات إسلامية أخرى لنشر دعاية ضد الرئيس الحالي، ومن هذه الجماعات الجبهة الدفاعية الإسلامية، وهي حركة إسلامية متشددة اشتبك أعضاؤها مع قوات الأمن بالماضي؛ لمنع إقامة حفلات غنائية، وتنشط الجماعة في الأحياء الفقيرة؛ حيث توجد المساجد بعيدًا عن رقابة الدولة.





