ad a b
ad ad ad

متخفيًا وراء فتوى «ابن تيمية».. «داعش» يشرعن اغتياله 250 شخصًا في السويداء السورية

الخميس 26/يوليو/2018 - 08:56 م
المرجع
هناء قنديل
طباعة

من جديد عاد تنظيم «داعش» إلى جرائمه المروعة، التي أودت هذه المرة بحياة 250 بريئًا في السويداء السورية. ورغم أن هذه الجريمة البشعة، لا تشير إلى أي جديد في سلوك هذا التنظيم العدواني العنيف، فإنها تلقي الضوء على سلاح خطير يستخدمه التنظيم لإزهاق الأرواح بدم بارد، وهو سلاح الفتاوى الشاذة والغريبة؛ حيث عمد التنظيم الإرهابي هذه المرة إلى شرعنة جريمته ضد الأبرياء في السويداء السورية، عن طريق التلويح بفتوى للإمام ابن تيمية (فقيه ومحدث وعالم مسلم)، تجاوز فيها الدواعش الزمان والمكان والظرف الذي صدرت فيه، واستندوا إليها لقتل الدروز، والنصيرية، من أبناء الطائفة العلوية.

متخفيًا وراء فتوى

لم يعبأ التنظيم بأن هذه الفتوى صدرت في القرن الـ13، واعتمد على نصها الذي يقول: «هَؤلَاء الدرزِية والنصَيْرِيَّة كُفَّار بِاتِّفَاق الْمُسْلِمِين لَا يَحِل أَكْل ذَبَائِحِهِم وَلَا نِكَاح نِسَائِهِم، ولَا يُقِرُّون بِالْجِزْيَة؛ فهم مرتَدون عن دِين الإِسلَام لَيْسُوا مسلِمِين، ولَا يهود وَلَا نَصَارَى لَا يُقِرُّون بِوُجُوب الصَّلَوَات الْخَمْس، وَلَا وجوب صوم رَمَضَان، وَلَا وُجُوب الْحَج، ولَا تَحْرِيم مَا حَرَّم اللَّه وَرَسُولُه مِن الْمَيْتَةِ والْخَمْر وَغَيْرهِمَا، وإِن أَظْهَروا الشَّهَادَتَيْن مَعَ هَذه الْعَقَائد فَهُم كُفَّار بِاتفاق الْمُسْلِمِين».

 

وأضافت الفتوى: «كُفر هَؤُلَاءِ مما لَا يخْتَلِف فيه الْمسْلِمُون؛ بَل مَن شَكّ في كُفْرِهِم فَهُو كَافِر مِثْلُهم؛ لَا هُم بِمنْزِلَة أَهْلِ الْكِتاب وَلَا الْمشرِكِين، بَل هُم الْكَفرة الضالُّون فَلَا يُبَاح أَكْل طَعَامِهِم وَتُسْبَى نِساؤهُم وَتُؤْخذ أَمْوَالُهُم، فَإِنَّهم زنَادِقة مردون لَا تُقْبَل تَوْبَتُهُم، بَل يُقتَلون أَيْنَما ثُقفُوا؛ وَيُلعَنُون كَما وُصِفُوا، ولَا يجوز اسْتِخْدَامُهُم لِلْحِرَاسَة وَالْبِوَابَة والْحِفَاظ، وَيَجِبُ قَتْل علَمائِهِم وَصُلَحَائِهِم لِئَلَّا يضِلُّوا غَيْرَهُم، وَيحرم النَّوْم مَعَهم فِي بُيوتِهِم؛ ورفْقَتِهِم؛ وَالْمَشي مَعَهم وَتَشييع جَنَائِزهم إذَا علم مَوتُهَا».

 

ورغم أن جمهور العلماء، لا يقر رأي الإمام «ابن تيمية»، الذي يفتي بعدم الاكتفاء بإظهار الإسلام لعصمة الإنسان من القتل، فإن «داعش» يتمسك بهذه الفتوى ليبرر القتل والترويع.

 

يشار إلى أن شرعنة الجرائم التي يرتكبها تنظيم «داعش» تعتمد على عدد من الفتاوى التي أصدرها الإمام «ابن تيمية»، باعتباره المرجعية الفكرية التي تعتمد عليها التنظيمات التكفيرية، وفي صدارتها «داعش».

 

ويلجأ منظرو التنظيمات الإرهابية إلى الأخدود الضيق الذي تمتد فيه الفتاوى التكفيرية لعدد من الأئمة، وتتجاهل البراح الرحب لجمهور العلماء، الذين يرفضون تكفير من يظهر الإسلام، دون دليل قاطع على كفره، عصمة لحياته، وإعمالًا لمقاصد الشريعة العليا، خاصة أن الإنسان يعود بمكنون نفسه إلى الله، الذي سيحاسبه على أفعاله ونواياه.

 

ويستغل الفقهاء التابعون لهذه الجماعات المتطرفة، حالة الضحالة الفكرية التي يعيشها أتباع الجماعات الإرهابية، والذين يحرص قيادات التنظيمات المتطرفة على اختيارهم بعيدين عن العلوم الكفيلة بتوعيتهم، وذلك من أجل تمرير هذا النوع من الفتاوى المتطرفة.

الدكتور عبد الغني
الدكتور عبد الغني الغريب

تجاهل الوسطية والاعتدال:

يعلق الدكتور عبد الغني الغريب، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، على الفتاوى التي يلجأ إليها تنظيم «داعش» لشرعنة جرائمه، قائلا: إن التنظيم المتطرف يتعمد تجاهل آراء جمهور العلماء، لوسطيتها واعتدالها.

 

وأوضح الغريب، لـ«المرجع»، أن الجريمة الأخيرة لـ«داعش» لم تخرج عما هو معتاد منه، في اللجوء للفتاوى الشاذة، التي يجد فيها ضالته لرفع السلاح بغير حق في وجوه الأبرياء، مشيرا إلى أن التنظيم يخرج الفتاوى من سياقها الزماني، والمكاني، ويلوي عنقها ليسقطها على واقع يريد صناعته على هواه.

 

وأسفرت جريمة تنظيم «داعش» في السويداء السورية، الأربعاء 25 يوليو 2018، عن سقوط 250 قتيلًا، جراء هجمات شنها التنظيم على جنوب سوريا، وتخللها تفجيرات انتحارية مروعة.

"