ad a b
ad ad ad

«لامركزية القيادة».. حيلة الصمود الأخير للتنظيمات الإرهابية

السبت 21/يوليو/2018 - 12:08 م
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
محمود رشدي
طباعة
شهد مطلع العام الجاري 2018، انهيارًا تامًا لتنظيم داعش وفقدانه كل شيء من أراضٍ سورية وعراقية، حينها ظن كثيرون أن العالم قد تخلص من أشد التنظيمات الإرهابية دموية وعنفًا تمامًا، مثلما استبشر غيرهم خيرًا عقب تصفية أسامة بن لادن – زعيم تنظيم القاعدة السابق- عام 2011، وظن حينها أن قوة ونفوذ القاعدة إلى زوال، وهو ما جاء الواقع بعكسه، بما شهده العالم من عمليات إرهابية أعلن القاعدة تبني مسئوليتها. 

ظهر تنظيم داعش ليخطف أنظار العالم حوله؛ فهو التنظيم الوحيد الذي سيطر على مساحات جغرافية شاسعة وصلت لـ 240 ألف كم (بحسب تقديرات غير دقيقة)، ليرفع عليها راية خلافته الزائفة، كما تمكن التنظيم من اجتذاب عناصر أجانب من عدة دول من مختلف الجنسيات وصل عددهم لـ40 ألف عنصر، عكس أيديولوجية القاعدة، القائمة على «القضاء على الأنظمة العربية وإزاحتها من الحكم ومن ثم إقامة الخلافة»، لذلك لم يصل لحيازة أراض جغرافية بالمساحة التي استولى عليها «داعش». 


صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
القاعدة أسبق من داعش 
مع تحول الاهتمام لتنظيم داعش، كان تنظيم القاعدة بعيدًا تتجدد في هدوء، ويعيد من هيلكة نفسه، وأصبح للقاعدة فروعا رسمية تتبع قادة للتنظيم في كل من سوريا وروسيا وليبيا ومصر والمغرب العربي والساحل واليمن والصومال وأفغانستان وباكستان والهند وبنجلاديش وميانمار وإندونيسيا. 

علاوة على ذلك، أدى انهيار الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط إلى خلق فراغ في السلطة استفادت منه العديد من الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيما القاعدة وداعش، واستغل القاعدة الصراع المدني والسخط المجتمعي في السنوات المتعاقبة للربيع العربي لتأسيس فصائل في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام في سوريا( جبهة النصرة سابقًا). 

تعرض تنظيم القاعدة لضغط هائل من القوات الأمريكية بأفغانستان، وقضت على عدد كبير من قادته، إلى أن ظن البعض أن التنظيم يحتضر. ولكن وجود بعض القادة الرئيسيين المنتشرين عبر عدد من المناطق يدل على أنه في ظل الضغط الهائل يمكن للقاعدة أن يكيف أيديولوجيته بنجاح ليلجأ إلى المظالم المحلية ويستوعب الجماعات الجهادية غير الرسمية الأخرى. وقد ساعد تحول القاعد للنموذج اللامركزي، على منع اندثارها، وفقدان أعضائها الأساسيين. وسمحت هذه الاستراتيجية للقاعدة باكتساب القوة والحفاظ عليها عقب موت «بن لادن». وهو ما يختلف عن داعش الذي اعتمد بشكل أكبر على القيادة المركزية في التوجية والتنفيذ باستثناء بعض آليات التنفيذ كاستراتيجية الذئاب المنفردة. 

لذلك، وعلى الرغم من فقدان المنطقة لداعش، فمن المحتم ألا نفترض أن التنظيم سينهار كليًا، ومن المحتمل أن يتبنى داعش استراتيجية مماثلة في فترة الإحياء الراهنة. وتشير الدلائل أن «داعش» يدرك أهمية نشر عملياته عبر مختلف البلدان وإقامة تحالفات مع الجماعات الجهادية المحلية ليستثمر طاقتها المتبقية للتوسع عبر أفريقيا في الصحراء الكبرى، والعمل لإقامة خلافة افتراضية لمواطنى أوروبا ليظل تعلق مؤيديه به وبأفكاره، بالإضافة إلى ذلك، فإن واحدة من أعظم نقاط القوة لدى داعش هي استراتيجيتها الدعائية التي تمكن من نشر تأثيرها على الأفراد والخلايا في جميع أنحاء العالم. 
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
لماذا اللامركزية؟ 
إن انتقال التنظيمات الراديكالية للامركزية والشبكات المرنة يحد من قدر السلطات الأمنية بالقيام بعمليات هجمومية فعالة ضد ملاذات الإرهاب. 

وتعد اللامركزية أمرًا ضروريًا لبقاء قادة التنظيمات على قيد الحياة، إذ أنها لا تعتمد على مركزية صناعة القرار وتنفيذ العمليات الإرهابية، وساعدها في ذلك تكنولوجيا الاتصال المتطورة؛ إذ تستطيع المنظمات الانتشار عبر المعمورة كافة دون الوجود في المركز، واتباع تعليمات القيادة المركزية، أو انتهاج مبادئ القيادة المركزية واختلاف آليات التنفيذ، وإيجاد سبل أخرى أكثر فعالية وسهولة من خلال شبكات الإنترنت. كما تؤدي اللامركزية القدرة على الابتكار والتحفيز، فعلى سبيل المثال، خطط خالد شيخ محمد، الذي يعتبر العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. 

يمكن لأي شخص أن يكون جزءًا من القاعدة، ولم يعد من الضروري بالنسبة لهم السفر إلى باكستان وإيجاد معسكر تدريبي للانضمام إليه. فغالبًا ما يكون التطرف ذاتيًا من القاعدة إلى القمة، والتنظيم الذاتي، وهي مبادرة محلية تتمتع بمرونة كبيرة. ذلك مايكون عليه العمل اللامركزي، وتوفر القاعدة من ناحيتها مستوى معينًا من عدم الكشف عن الهوية في حين يمنحهم المرونة للقيام بهجمات بالطريقة التي تحقق أهدافهم على أكمل وجه. 

قد كانت اللامركزية في تنظيم القاعدة واحدة من السمات المميزة للمنظمة. ومع تزايد الهجمات ضد القاعدة، يزداد الاتجاه نحو تحقيق اللامركزية للمجموعة وهيكل قيادتها وسيطرتها. وهذا يسمح للقاعدة بمواصلة عملياتها بينما يجعل من الصعب العثور عليها واكتشافها.
"