يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«إدارة التوحش».. مرجعية الذبح والقتل

الجمعة 30/مارس/2018 - 11:28 م
المرجع
محمود عبد الواحد
طباعة

يُعد كتاب «إدارة التوحش.. أخطر مرحلة ستمر بها الأمة» من الكتب التي تنظر إلى عقيدة الجماعات الإسلامية المسلحة خلال العقد الأخير، وعلاوة على أنه يمثل دستور تنظيم القاعدة قديمًا، فإنه يمثل استراتيجية تنظيم "داعش" في القتال الآن.


الكتاب للجهادي أبوبكر ناجي، وهناك معلومات متضاربة حول شخصيته الحقيقية، بعضها يرجح أنه ضابط صاعقة مصري، يُدعى محمد صلاح الدين زيدان، ويُكنى بـ«سيف العدل»، والكتاب ذاع صيته ونُشر على أكثر من 15 ألف رابط إلكتروني على الإنترنت.


يدور الكتاب حول فكرة رئيسية وهي «التوحش»، والمقصود بها حالة الذعر والفوضى في البلاد التي تحكمها أنظمة ضعيفة، وتباعًا يرد الكاتب على كيفية الوصول لتلك المرحلة؛ للانتقال إلى المرحلة الجديدة من هيمنة التنظيم الجهادي عليها؛ لإدارتها وفقًا لدستوره.


وقسم المؤلف مراحل العمل الجهادي للوصول لتطبيق الشريعة الإسلامية من خلال دولته إلى 3 مراحل وهي: «النكاية والإنهاك، وإدارة التوحش، والتمكين وإقامة الشريعة الإسلامية».


ويقدم الكتاب العديد من الاستعدادات لإدارة مرحلة الفوضى أو التوحش من خلال التنظيم الجهادي، وإحداث حالة من الخوف والذعر بين الناس، والقيام بعمليات القتل والتخريب؛ للبدء في إرساء مبادئ الشريعة الإسلامية وتطبيقها.


ويرى المؤلف أن أبشع صور التوحش أو الفوضى التي تعم البلاد، وحجم الأعمال الإرهابية التي يقوم بها التنظيم، أكثر قبولًا لدى التنظيمات المتطرفة من استمرار الأنظمة الكافرة -الأنظمة الحالية والتي ترتكز على مبادئ الثقافة الغربية- فبعد انهيار الأنظمة الحاكمة الحالية، يأتي دور تلك التنظيمات في إدارة مرحلة الفوضى «التوحش» -التي تسود حينذاك- ليس فقط في البلاد الإسلامية ولكن في المجتمعات الغربية أيضًا، كما ورد في الكتاب، وستكون السلطة الحاكمة لمرحلة التوحش بيد التنظيمات الجهادية، والتي ستوفر المتطلبات الأساسية للمواطنين مع إحداث حالة من الخوف والرعب بالإمعان في القتل والنحر لكل المخالفين لبدء التوجه لمرحلة إرساء تطبيق الشريعة الإسلامية.


وفي مرحلة متقدمة من إدارة التوحش، بعد إنهاك الأنظمة المحلية والنخب السياسية العربية، التي يعتبرها الجهاديون «أنظمة عميلة»، قدم المؤلف نماذج ناجحة -من وجهة نظره- لإرساء قواعد الشريعة الإسلامية ومنها: باكستان، وأفغانستان، والصومال، فالمعيار الأساسي بالنسبة له هو الإدارة الجهادية، بغض النظر عن كم التخريب والدمار الذي تلحقه تلك التنظيمات بالمجتمع، وإباحة القتل والنحر، فهو لم يفكر لحظة في استرجاع تاريخ الحضارة الإسلامية وتأسيسها على إعلاء مكانة الإنسان، وحرية العقيدة التي تمتع بها غير المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين.


كما يُعتبر الكتاب جزءًا من الإرهاب الإلكتروني، والذي تستخدمه التنظيمات الجهادية، ويستقطب الشباب في البلاد، ويحفزهم على الثورة على الأنظمة الحالية للخوض في مرحلة جديدة من الفوضى تزول بها سيطرة السلطات الأمنية والعسكرية على البلاد، ما يفسح الطريق للتنظيمات الجهادية لإيجاد ملاذ لها ولأفكارها، وهو ما يظهر جليًّا في المنطقة العربية، والتي غابت فيها سيطرة السلطات الأمنية عن بعض البلاد، ومن ثم حل تنظيم «داعش» محل السلطات العسكرية والأمنية في أجزاء كبيرة من العراق وسوريا. 


يُعتبر الكتاب مرآة للعمليات الإرهابية التي ينتهجها «داعش»، فنرى عمليات التنظيم في أوروبا، واستخدمه لآليات غير تقليدية لتنفيذ عملياته؛ ومنها «الذئاب المنفردة»، حيث يرى الكاتب أن إحداث عمليات قتل وتخريب -وإن كانت صغيرة- فلها من الأثر البالغ على المدى الطويل.


وقد ربط المؤلف بين طرق استبدال النخب السياسية الحالية بالإدارة الجهادية مع مفهوم الفوضى الخلاقة الذي طرحته الإدارة الأمريكية، حتى تكون النتيجة النهائية إحداث فوضى تستطيع من خلالها الإدارة الأمريكية الاستعانة بنخب جديدة للحفاظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وتغيير الخريطة السياسية تبعًا لتصورها، الأمر الذي استدعى فكرة «الدول المارقة» كالعراق وليبيا، وبالفعل تم القضاء على الأنظمة السياسية بها.


وتختلف الفوضى الخلاقة عن التوحش بالفعل؛ حيث إن مرحلة التوحش يغلب عليها الذعر والقتل بين الناس، أما الفوضى الخلاقة فهي تدعيم نخب سياسية معينة لإقامة الثورات، وإحداث مزيد من الاضطرابات، ولا مانع من الغزو كما حدث في العراق.

"