ad a b
ad ad ad

سياسية واقتصادية.. دوافع «تحرير الشام» للسيطرة على معابر حلب

الثلاثاء 07/نوفمبر/2023 - 06:03 م
المرجع
آية عز
طباعة
في الأسابيع الأخيرة، شهد شمال غرب سورية تصعيدًا ملحوظًا في الصراع بين هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، على خلفية محاولات الهيئة السيطرة على بعض المعابر الحدودية والاقتصادية في ريف حلب.

هذه المحاولات تعكس رغبة الهيئة في تعزيز نفوذها ومصالحها في المنطقة، وتوسيع نطاق سلطتها على باقي الفصائل المسلحة، والتصدي للتهديدات المحتملة من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو النظام السوري أو تركيا.

ومع ذلك، فإن هذه المحاولات تواجه مقاومة شديدة من قبل الجيش الوطني، الذي يحظى بدعم عسكري وسياسي من أنقرة، والذي يسعى إلى حماية أمنه وسلامته ومصالحه في المنطقة، والحفاظ على علاقته مع تركيا. وفي هذا التقرير، سنستعرض أبرز دوافع وتداعيات محاولات هيئة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب.

دوافع هيئة تحرير الشام

هناك عدة دوافع تقف وراء رغبة هيئة تحرير الشام في السيطرة على معابر ريف حلب، منها:

"الدافع الأمني"

تعتبر هذه المعابر نقاطًا إستراتيجية تفصل بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب وغرب حلب، ومناطق سيطرة قسد في شمال شرق سوريا، والتي تشكل خطرًا على أمن واستقرار المنطقة.

فقد شنت قسد هجمات متكررة على مواقع هيئة تحرير الشام في ريف حلب، خصوصًا بعد انسحاب قوات التحالف الدولي من بعض المناطق في شمال شرق سورية، وانضمام بعض عناصر قسد إلى صفوف هذه الهجمات.

كما أن هذه المعابر تمثل طرق اتصال بين هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل المسلحة التي تنشط في مناطق سيطرة قسد، والتي تعتبر حلفاء أو متعاونين مع الهيئة، مثل فصيل "أنصار التوحيد" الذي يسيطر على بعض المناطق في ريف إدلب الجنوبي.

وبالتالي، فإن السيطرة على هذه المعابر تمكن هيئة تحرير الشام من تأمين حدودها، ومنع أي تسلل أو هجوم من قبل قسد أو غيرها، وتعزيز علاقاتها مع حلفائها في المنطقة.

"الدافع الاقتصادي"

و تعتبر هذه المعابر مصادر دخل مهمة للفصائل المسلحة التي تديرها، حيث تفرض رسومًا وضرائب على حركة الأشخاص والبضائع التي تمر عبرها.

وحسب بعض التقديرات، فإن معبر الحمران يدخل إلى خزائن الجيش الوطني نحو 3 ملايين ليرة سورية (أكثر من 5 آلاف دولار) يوميًا.

كما أن هذه المعابر تمكن هيئة تحرير الشام من الحصول على بعض المواد والسلع التي تحتاج إليها، مثل الوقود والغذاء والأدوية والأسلحة، سواء من خلال التجارة أو التهريب.

وبالتالي، فإن السيطرة على هذه المعابر تزيد من قدرة هيئة تحرير الشام على تمويل نفسها، وتحسين ظروفها المعيشية، وتقوية قدراتها القتالية.

"الدافع السياسي"

كما تعكس محاولات هيئة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب رغبتها في فرض سلطتها على باقي الفصائل المسلحة في شمال غرب سورية، وإظهار قوتها ونفوذها في المنطقة.

فقد شهدت هذه المنطقة في السنوات الأخيرة صراعات دامية بين هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل المعارضة، خصوصاً التابعة للجبهة الشامية، و"جبهة أحرار الشام"، التي اتهمت الهيئة بمحاولة فرض "إمارة إسلامية" على المنطقة، وانتهاك حقوق وحريات المدنيين.

كما أن هذه المحاولات تستهدف إضعاف موقف الجيش الوطني، الذي يمثل خصمًا رئيسًا لـ"هيئة تحرير الشام" في المفاوضات السورية، سواء في جنيف أو أستانة أو سوتشي.

وبالتالي فإن السيطرة على هذه المعابر تمنح هيئة تحرير الشام مزيدًا من القوة والمرونة في التفاوض مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة السورية، سواء كانت روسيا أو تركيا أو إيران أو الولايات المتحدة.

فقد تحاول هيئة تحرير الشام استخدام هذه المعابر كورقة ضغطًا أو تبادلًا للحصول على تنازلات أو ضمانات من هذه الأطراف، مثل رفع التصنيف الإرهابي عنها، أو تقديم دعم إنساني أو مالي أو عسكري لها، أو الاعتراف بشرعيتها كجزء من المعارضة السورية.

التداعيات

هناك عدة تداعيات لمحاولة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب ومنها..

" تداعيات أمنية"

قد تؤدي محاولات هيئة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب إلى تفاقم الصراع والعنف في المنطقة، وزيادة حالات الانتهاكات والانتقامات بين الفصائل المتنازعة، وتضرر حياة وممتلكات المدنيين.

كما قد تشكل هذه المحاولات تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، إذا استخدمت هيئة تحرير الشام هذه المعابر كمنصات لشن هجمات على دول الجوار أو التحالف الدولي أو غيرهم من الأطراف المعادية لها.

" تداعيات اقتصادية"

قد تؤدي محاولات هيئة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب إلى تعطيل حركة التجارة والإغاثة الإنسانية في المنطقة، وخسارة الجهات التي تدير هذه المعابر من مصادر دخلها، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وانخفاض مستوى المعيشة للسكان.

كما قد تؤثر هذه المحاولات على الوضع الاقتصادي لتركيا، التي تعتبر شمال سوريا منطقة استثمارية وتجارية مهمة بالنسبة لها.

" تداعيات سياسية"

قد تؤدي محاولات هيئة تحرير الشام السيطرة على معابر ريف حلب إلى تغيير التوازنات والتحالفات في المشهد السوري، وإضعاف موقف الجيش الوطني السوري كجزء من المعارضة السورية، وزعزعة علاقته بتركيا، التي قد تضطر إلى التدخل عسكريًّا لإعادة فرض سلطتها على المنطقة.

كما قد تؤثر هذه المحاولات على عملية الحل السلمي للأزمة السورية، إذا استخدمت هيئة تحرير الشام هذه المعابر كورقة ضغط أو تبادل في المفاوضات مع الأطراف الدولية والإقليمية.
"