ad a b
ad ad ad

«هيئة تحرير الشام».. الخيانة التركية والانشقاقات الداخلية تهددها بالحل

الأربعاء 26/يونيو/2019 - 10:12 م
المرجع
آية عز
طباعة

تُشكل ما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام» ملفًا شائكًا بالنسبة للحكومتين السورية والروسية، فعلى الرغم من التراجع الكبير الذي تعاني منه الحركة فإنها تظل الفصيل الأخطر والأكبر في الشمال السوري وبالتحديد محافظة «إدلب».

 

ظهرت «تحرير الشام» في يناير 2012 باسم «جبهة النصرة»، وكانت في بدايتها امتدادًا لتنظيم القاعدة في العراق، وفي أبريل عام 2013، رفضت الهيئة الاندماج مع تنظيم «داعش»، وأعلنت بيعتها لأيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة».

 

وفي يوليو 2014 أعلن زعيمها «أبو محمد الجولاني»، رغبته في تأسيس «خلافة إسلامية» في الشمال السوري، إلا أن الهيئة واجهت العديد من الأزمات السياسية والعسكرية، منذ عام 2014 وحتى الآن.

«هيئة تحرير الشام»..

انشقاقات بالجملة


تعاني ما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام» حاليًا من أزمة انشقاقات وخلافات داخلها، ومع الفصائل الأخرى في «إدلب»، وبدأت تلك الأزمات في يناير 2017، عقب اقتتال مع فصائل مسلحة في إدلب.

 

وتكررت تلك المعارك أيضًا في بداية عام 2018، إذ تمكنت الهيئة، كونها الأكثر قوة في الشمال السوري من طرد الفصائل، من مناطق واسعة في محافظة «إدلب»، وبسطت سيطرتها على أكثر من 60% من الأراضي، فيما باتت الفصائل الأخرى وعلى رأسها ما تُعرف بـ «حركة أحرار الشام» تنتشر في مناطق محدودة، كما تسيطر «تحرير الشام» على أبرز المعابر التجارية في «إدلب».

 

إضافة إلى ذلك تسببت السياسات التي يتبعها زعيمها أبو محمد الجولاني، سواء كان بالقتال مع الفصائل الأخرى، أو فرض سياسات هيئته عليها عنوة، فى تراجع للهيئة، إلى جانب انشقاق عدد من الفصائل عنها، ومنها فصيل يُعرف بـ «جند الملاحم»، وما يُعرف بـ «جيش الأحرار» و«نور الدين الزنكي».

 

وفي الفترة الأخيرة تسبب ظهور زعيم «تحرير الشام» «أبومحمد الجولاني»، الأربعاء 12 يونيو، عبر إحدى القنوات الإخبارية المناهضة للنظام السورى، في أزمة داخل الهيئة، إذ شنت عناصر منها هجومًا على زعيمهم، ووصف العناصر زعيمهم بــ «المتقلب والمتناقض، وغير الثابت على رأي واحد، ويلعب على الحبلين».

 

وفي هذا السياق قال محمد جمعة، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة في تصريح لـ«المرجع»: إن «هيئة تحرير الشام» تعاني حاليًا من تصدع كبير في داخلها؛ بسبب سياسات «الجولاني»، إذ يرفضها قطاع كبير من قيادات وعناصر الهيئة، ويوضح أنه نظرًا لحالة التصدع التي تعيشها الهيئة، وحالة السخط والكراهية التي يحملها أغلب عناصرها لزعيمهم، فمن الطبيعي ألا يتقبلوا ظهوره الإعلامي عبر وسائل الإعلام المختلفة.

«هيئة تحرير الشام»..

اغتيال القيادات


ويواجه كوادر وشباب ما تُعرف بـ«هيئة تحرير الشام» شبح الاغتيالات، إذ يعلن يوميًّا عن مقتل أحد قياداتها على يد مجهولين، ورغم عدم توافر معلومات عن هوية هؤلاء المجهولين، فإن هناك آراء سارعت إلى إلقاء مسؤولية الاغتيالات على النظام السوري، خاصة أنها تزامنت مع إعلان الجيش السوري الوطني، عزم الدولة تطهير «إدلب» من الإرهابيين، مثلما أنجز مهمته في الجنوب السوري، فيما اتهمت آراء أخرى عناصر «داعش».

 

وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي، مختار الغباشي، في تصريح لـ«المرجع» إن قتل وتصفية القيادات الكبرى في «تحرير الشام» يتسبب في إضعاف الهيئة من الداخل، وبالتالي يُسهل على الجيش السورى مهمته في التخلص منها، ولذلك ربما تكون الحكومة السورية وراء هذه الاغتيالات، خاصة أن تحرير الشام تصر على رفضها ترك «إدلب» وتسليم السلاح، في حين أن الدولة تريد أن تقضي على جذور الإرهاب.

«هيئة تحرير الشام»..

التراجع الميداني


فقدت هيئة تحرير الشام، حاليًا العديد من نقاط سيطرتها في محافظة «إدلب» بالشمال السوري، بعد الحملات العسكرية المتواصلة التي شنتها القوات الروسية وقوات الجيش السوري الوطني، بالإضافة إلى فقدانها مواردها المالية التي كانت تعتمد عليها مثل الطرق التجارية التي سيطر عليها الجيش السوري حاليًا.

 

ووفقًا للمرصد السوري، فقد خسرت «تحرير الشام» أجزاء في جنوبي حلب وفقدت معسكرات في «وادي الضيف والحامدية ومعرة النعمان» وجميعها معسكرات تقع على طريق «دمشق_ حلب»، وكذلك فقدت «معسكر عابدين والقصابية والهبيط والطويلة» الواقعين بين ريفي إدلب وحماة، إضافة إلى خسارتها بلدة « ترملا» ومدينة «أريحا» بريف إدلب، وأغلب قرى وبلدات «جبل الزاوية» وريف إدلب الجنوبي و«جبل شحشبو» في المحافظة، إلى جانب بعض القرى في «سهل الغاب» وريف حماة الشمالي.

أردوغان
أردوغان

التخلي التركي


تشكلت في الفترة الأخيرة ملامح علاقة وثيقة بين الجانبين التركي والروسي، وأثرت تلك العلاقة بالسلب على «هيئة تحرير الشام» العدو الأكبر للروس، إذ صنفت الحكومة التركية الجمعة 31 أغسطس 2018، الهيئة كمنظمة إرهابية، وجاء التصنيف بمرسوم جمهوري نُشر في الجريدة الرسمية.

 

وربطت علاقة حميمة الحكومة التركية والهيئة خلال السنوات السابقة، حيث قدم الجانب التركي العديد من المساعدات المختلفة لأعضاء الهيئة، شملت أموالًا وعتادًا وملابس وطعامًا، إضافة إلى أن الهيئة كانت تعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمثابة الأب الروحي لها، إلَّا أن تركيا اتجهت لتغيير أجندتها، ونبذ الهيئة من أجل مصالحها مع روسيا.

 

وتعليقًا على هذا يقول الباحث هشام النجار: إن «تحرير الشام» تستميت للبقاء على الساحة في الشمال السوري، مهما كان الثمن، خاصة بعد تخلى تركيا عن الهيئة مقابل التعاون مع روسيا.

 

وأضاف «النجار»، أن الهيئة بدأت فى محاولة لملمة شتات نفسها حاليًا، لشعورها بالخطر بعد رفع الغطاء التركي عنها، ويومًا بعد آخر يتزايد خوف قادتها وأبرزهم «أبو محمد الجولاني» من تكرار سيناريو «حلب»، حيث عقد «أردوغان» حينها صفقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بموجبها اجتاح الجيش السوري الوطني إدلب وافقد الهيئة الكثير من قوتها ونفوذها في المحافظة الاستراتيجية.

 

وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، أن الرئيس التركي يفاضل خلال هذه المرحلة بين أمرين، إما الضغط على قادة الهيئة فتحل نفسها، وإما أن يعطي الضوء الأخضر لفصائل أخرى لمواجهتها عسكريًّا، وفي كلتا الحالتين سيفي بما هو مسند إليه من قبل الروس، موضحًا أن قيادات «تحرير الشام» تشعر في الوقت الحالي بالخطر من «أردوغان»، لأنه يلعب بورقة «ادلب» والمساومة بها لإجراء مقايضات عليها للحصول على مناطق نفوذ الأكراد مثل «تل رفعت» وغيرها.

"