أسباب فشل الهجوم الأوكراني المضاد
فشل الهجوم الأوكراني المضاد، الذي شنَّته كييف على القوات الروسية منذ عدة أشهر في تحقيق أهدافه، سواء النفسية أو الميدانية، وذلك بشهادة التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية؛ لمواجهة الدب الروسي، ومحاولة كسر شوكته.
التخطيط المرتبك
يؤكد الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في الشؤون الروسية، أن أحد أهم أسباب فشل الهجوم الأوكراني المضاد، هو التخطيط المرتبك، إذ توجد فجوة كبيرة بين خطط القتال والإمدادات العسكرية وفق المؤشرات الميدانية مع انتقال أوكرانيا من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم المُضاد.
وأشار في تصريح لـ"المرجع" إلى أنه يمكن تصنيف إمدادات قذائف اليورانيوم المنضب تحت بند القدرات الدفاعية أكثر من الاستعدادات الهجومية، وذلك بالنظر إلى دخول الدبابة الروسية تي 90- أم (بروريف) مسرح العمليات القتالية في أوكرانيا؛ لأنها دبابة تمتلك قدرات مضادة لأبرامز الأمريكية.
وأوضح أن الدبابة الروسية تي 90- أم (بروريف) تستطيع، استخدام الذخائر النووية، وتوجه ضربات موجعة في العمق الأوكراني، لذا يمكن فهم أبعاد التحركات الأوكرانية التي توازي بين الأهداف البعيدة باستهداف العمق الروسي في محيط موسكو وبيلجرود والقرم، ردًّا على استهداف الأهداف البعيدة الأوكرانية مثل أوديسا وإغلاق البحر الأسود.
تشتيت للجهود
وأكد الخبير في الشؤون الروسية، وجود تشتيت للجهود ما بين الخطوط الأمامية والخلفية، الأمر الذي يفسر تباطؤ الهجوم المُضاد، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك سيناريو أسوأ بالنسبة لأوكرانيا إذ طورت هجومها أكثر من ذلك مع دخول مقاتلات "إف 16" أو غيرها من الأسلحة الاستراتيجية الأخرى.
وأشار الحاج، إلى أن قدرة روسيا على التكييف مع الهجمات الأوكرانية، أفقدت الهجوم المضاد جدواه؛ حيث نجحت في التأقلم مع التكتيكات العسكرية الجديدة، وحيدت الطائرات بدون طيار "درونز" البحرية والجوية، رغم كثافة الهجمات، وتزايد عدد الوحدات المستخدمة.
وأضاف أن التسليح الأمريكي والغربي، أفاد أوكرانيا، وجعلها صامدة أمام الدب الروسي حتى الآن بعد مرور نحو 20 شهرًا من الحرب التي بدأت في 24 فبراير 2022، لكن من الصعب استمرار موسكو في استعراض قدرات الردع الاستراتيجي، وأكبر دليل على ذلك إعلانها يوم 2 سبتمبر 2023 دخول صاروخ سارمات البالستي العابر للقارات في الخدمة القتالية، الأمر الذي يُشكل متغيرًا جديدًا في موازين القدرات العسكرية على مستوى العالم.
موازين الردع العالمي
وأكد الخبير في الشؤون الروسية أن هذا الصاروخ قادر على حمل نحو 10 رؤوس نووية تدميرية، ويصل مداه إلى 18 ألف كيلومتر، بحسب التقديرات الأمريكية، وعلى الرغم من طبيعة هذه الرسالة الروسية المتعلقة بموازين الردع العالمي، فإنها تنطوي في الوقت ذاته على تثبيت موسكو موقفها من عواقب المحاولات الغربية لتجاوز الخطوط الحمراء، في الحرب مع أوكرانيا، وتحولها إلى حرب عالمية واسعة المدى تلتهم الأخضر واليابس.
استقالة بن والاس
وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن من أسباب عدم تحقيق الهجوم الأوكراني المضاد نتائجه المرجوة، هو استقالة بن والاس، وزير الدفاع البريطاني، والتي تُعد خسارة أوكرانية لحليف مهم، بالإضافة إلى انشغال فرنسا خارجيًّا في الساحل الإفريقي للتعامل مع عواقب الانقلابات هناك، بينما تخشى ألمانيا انعكاسات فاتورة الحرب المُمتدة على الطلب الدفاعي المحلي، وقد يكون هناك متغيرات أيضًا في الموقف الأمريكي بسبب الانتخابات القادمة في 2024، وهو الأمر ذاته بالنسبة لروسيا التي تقترب هي الأخرى من الانتخابات العام المقبل.
وتوقع الدكتور باسل الحاج عدم حسم الحرب الروسية الأوكرانية في المنظور القريب، إذ ستظل كييف قادرة على استنزاف الجانب الروسي من دون إحداث اختراق يدفع موسكو إلى التراجع عن العملية العسكرية الحالية، بفضل الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، الذي أحبط عمليات موسكو العسكرية، أو الاستقرار في مناطق السيطرة في أوكرانيا، وربما لن تتغير هذه المعادلة إلا بتغير المعطيات الحالية في ساحة الحرب والساحة الدولية في نفس الوقت.





