يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

تأثيرات الحرب «الروسية ــ الأوكرانية» على النظام العالمي

الإثنين 28/فبراير/2022 - 01:44 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
كشفت الحرب «الروسية ــ الأوكرانية»، عوار النظام العالمي، الذي فشل في منع اشتعالها بل ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة، إذ من المؤكد أن العالم لن يصبح بعد الأزمة كما كان قبلها، فنتائج هذه الحرب قد تنهي عصر القطب الواحد، التي بدأت إرهاصاته بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان منتصف العام الماضي، ولكن الهجوم الروسي على أوكرانيا أكد أن النظام الدولي انتقل إلى عالم متعدد الأقطاب، بما يستتبعه ذلك الاعتراف بضرورة القبول بأن الترتيبات التي كانت سائدة في أعقاب الهيمنة الأمريكية انتهت، وأن روسيا عادت مرة أخرى وأصبح لها شروط وضوابط يجب احترامها.
تأثيرات الحرب «الروسية
إصرار روسي في مواجهة طموح أوكرانيا

ظهر ذلك جليًّا في إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تنفيذ  تهديداته، وكان حازمًا تجاه محاولات انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «ناتو»، فلم تكن موسكو على استعداد خلال أي فترة زمنية لتقديم أي تنازل من أي نوع حول هذه النقطة تحديدًا.

في قمة حلف الناتو التى عقدن في العاصمة الرومانية بوخارست، أبريل 2008، والتي أعلن فيها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، أن أبواب الحلف مفتوحة لأوكرانيا، أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأمريكي بأن أوكرانيا ليست حتى بالدولة، وأن جزءًا من أراضيها هو ضمن أوروبا الشرقية، لكن الجزء الأكبر منها هي هدية من موسكو، وأكد أنه إذا انضمت كييف إلى الناتو، فإن وجود الدولة ذاته قد يكون موضع شك.

وكشفت الحرب «الروسية ـ الأوكرانية»، التعاون «الصيني ــ الروسي» في مواجهة الأزمة، وظهر ذلك جليًّا في تأكيد بكين لتفهمها مخاوف موسكو الأمنية المشروعة، وأنها تدرك السياق التاريخي المعقد والخاص للأزمة «الروسية ـ الأوكرانية».

كما رفضت بكين إطلاق مصطلح الغزو على العملية العسكرية الروسية، كما ناشدت جميع الأطراف المعنية بالوضع في أوكرانيا التحلي بضبط النفس، وذلك ردًّا على سياسات واشنطن الرامية إلى إحياء التحالفات العسكرية في مواجهة كل من موسكو وبكين، سواء تمثل ذلك في حلف الأطلسي بالنسبة لروسيا، أو تحالف أوكوس في مواجهة بكين.
تأثيرات الحرب «الروسية
ازدواجية المعايير

يعد أحد أسباب العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، هو ازدواجية المعايير لدى واشنطن، وتدخلاتها السابقة في منطقة الشرق الأوسط، ومخالفتها القانون الدولي عند احتلالها للعراق في عام 2003، فضلا عن الاستخدام غير المشروع للقوة العسكرية ضد ليبيا في 2011، والذي ترتب عليه في النهاية التدمير الكامل للدولة الليبية.

كما كشفت الأزمة «الروسية ـــ الأوكرانية»، عن أن الولايات المتحدة أساءت إدارة تلك الأزمة، وبدلاً من محاولة استيعاب بعض الهواجس الروسية الأمنية، ساهمت في تعقيد الأزمة، ودفعت موسكو إلى تنفيذ تهديدات الهجوم على أوكرانيا، رغم أن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، كانت أكدت في تقارير أن روسيا تخطط لغزو شامل لأوكرانيا وستسعى للسيطرة على عاصمتها كييف.

وكان من الواضح تلك الحقيقة بالنظر إلى حجم الانتشار العسكري الروسي حول أوكرانيا، والذي كان يقدر بنحو مائتي ألف جندي، فضلًا عن إحكام موسكو السيطرة على المجال الجوي الأوكراني، وفرضها حصارًا على السواحل الأوكرانية في البحر الأسود.

مواصلة تحدي موسكو

وكان من المفترض أن تكون تلك التقارير، حافزًا لنزع فتيل الحرب وتسوية الأزمة دبلوماسيًّا عبر الضغط على أوكرانيا للإعلان عن حيادها، وتأكيد عدم انضمامها إلى حلف الأطلسي، أو التماهي مع الوساطة الفرنسية، والتي سوقت للنموذج الفنلندي، بدلًا من مواصلة تحدي موسكو، الأمر الذي كان بمقدوره تغيير السيناريو إلى وضع أفضل بكثير، سواء نجحت روسيا في حربها بشكل كامل أو نفذت جزءا من خطتها.

ويذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن الخميس 24 فبراير 2022، بدء عملية عسكرية في أوكرانيا.

وكان الصراع قد اندلع في أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة، نتيجة رفض الأخيرة الاستجابة لمطالب موسكو، والتي كان أبرزها عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي لما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي الروسي، ونتيجة لذلك تصاعدت الأزمة، وصولاً إلى تنفيذ الكرملين تهديداته باجتياح أوكرانيا.
"