تداعيات تصعيد طالبان باكستان هجماتها ضد إسلام أباد عبر الأراضي الأفغانية
لا تزال الحدود الأفغانية الباكستانية تمثل واحدة من أخطر البؤر الأمنية أمام حكومة إسلام اباد، منذ وصول حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة، إذ تشهد تلك المناطق خروقات أمنية بين الحين والحين تجبر السلطات في البلدين على اتخاذ إجراءات استثنائية أقلها غلق المعابر الرئيسية بين الدولتين الجارتين، وتمثل حركة طالبان بجناحيها الأفغاني والباكستاني المشكلة الأكبر في تلك المنطقة، التي شهدت تصعيدًا خطيرًا ليلة الخميس 7 من سبتمبر الجاري، لها تداعياتها الخطيرة نظرًا للكثافة العددية من جانب كتلة طالبان باكستان، وخلفيات التصعيد.
توتر حدودي
أعلنت الحكومة الباكستانية أن قواتها الأمنية تصدت لهجوم واسع شنه المئات من مقاتلي حركة طالبان باكستان، على الحدود الباكستانية الأفغانية، وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن الهجوم جاء انطلاقًا من الأراضي الأفغانية التي تحكمها حركة طالبان الأفغانية.
وأكد شيترال محمد نائب حاكم منطقة – وفقًا لوكالة "فرانس برس"- : «كانوا بالمئات وكانوا مسلّحين بأسلحة خفيفة وثقيلة. كنّا مستعدين للتصدّي للهجوم واستمرّ تبادل إطلاق النار لنحو أربع ساعات».
وأكد شيترال أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 4 جنود باكستانيين و9 من عناصر طالبان باكستان، مشيرًا إلى أن القوات الباكستانية كانت تراقب تحركاتهم في المناطق الحدودية القريبة على مدار يومين أو ثلاثة أيام، وأوضح أن المعلومات التي حصلوا عليها ساهمت بشكل كبير في صد الهجوم.
كما أعلنت حركة طالبان باكستان- في الوقت نفسه- السيطرة على موقعين عسكريين لإسلام أباد، وقالت الحركة في بيان تداولته عبر منابرها الإعلامية أن الموقعين يقعان في منطقة بورمبوريت في شيترال.
وتعود بداية الاشتباكات إلى عدم التزام طالبان أفغانستان بالاتفاق مع الحكومة الباكستانية بعدم إقامة نقاط تفتيش في تلك المنطقة التي اتفق الطرفان على عدم إقامة نقاط فيها، وهو ما أكده شيترال محمد في تصريحاته ما أدى إلى اعتراض الجانب الباكستاني ففتحت القوات الأفغانية النار على الجانب الباكستاني.
تداعيات الأزمة
وأدت الاشتباكات إلى اغلاق معبر طورخم الحدودي بين باكستان وأفغانستان، وهو أحد أهم المعابر الحدودية بين البلدين. ويعتبر المعبر نقطة العبور الأساسية للمسافرين والسلع بين باكستان وأفغانستان.
يذكر أن المعبر أغلق عدة مرات خلال العامين الماضيين، من بينها في فبراير الماضي، ما تسبب في توقف آلاف الشاحنات المحملة بالسلع على جانبي الحدود لمدة أيام نتيجة الخروقات الأمنية.
يقول الدكتور محمد السيد الباحث المتخصص في الشؤون الآسيوية، إن الأزمة لن تقف فقط عند حد غلق المعبر الرئيسي بين البلدين، فهناك أكثر من بُعد لتكرار تلك الحوادث، فحكومة إسلام اباد تتهم طالبان أفغانستان بإيواء عناصر تحريك طالبان ودعم هجماتهم المسلحة على القوات الباكستانية عبر الحدود المشتركة بين البلدين. وهو الأمر الذي يضع طالبان أفغانستان في مأزق مستمر يبدو أنها لا تريد التخلص منه وهو عدم الالتزام بما قطعته على نفسها قبل استيلائها على السلطة، وهو عدم توفير الملاذ الآمن للجماعات المسلحة على الأراضي الأفغانية.
وأوضح أن طالبان أخفقت في ذلك منذ اليوم الأول فتصرفاتها عكس ذلك تمامًا، وبالتالي فهي لا ترى تأثير ذلك على الداخل الأفغاني، نظرًا لتخوفات المجتمع الدولي من الحركة التي لم يتم الاعتراف بها دوليًّا حتى اللحظة.
وأضاف: من ناحية أخرى، تتطلع حركة طالبان الباكستانية إلى أن تحذو حذو
نظيرتها الأفغانية، كي تصل في يوم من الأيام إلى السيطرة على السلطة في باكستان
وهو ما تعيه جيدًا إسلام اباد، وتعمل على السيطرة بصورة كاملة على الحدود بين
البلدين لمنع الاتصال بين الطرفين.





