بعد انقلابي النيجر والجابون.. روسيا توسع حربها ضد أوكرانيا إلى الساحل الإفريقي
الخميس 07/سبتمبر/2023 - 04:45 م
محمود البتاكوشي
أثارت انقلابات الساحل الإفريقي المتعاقبة وآخرها انقلاب الجابون، حفيظة ومخاوف الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، من خلق نظام موالٍ لروسيا في منطقة الساحل الإفريقي، ولاسيما أن انقلاب قوات الحرس الرئاسي بالنيجر بقيادة الجنرال «عبد الرحمن تشياني»، على الرئيس «محمد بازوم»، صبيحة 26 يوليو 2023، ما زال عالقًا بالأذهان، بعد أن سبقتها مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى.
ففى الجابون، وبعد دقائق من إعلان اللجنة الانتخابية فوز الرئيس علي بونجو بولاية ثالثة، بدأت بعد انتهاء حكم والده عمر بونجو الذي امتد 42 عامًا، أعلن ائتلاف من ضباط الجيش والشرطة والحرس الجمهوري الاستيلاء على السلطة، وإلغاء نتائج الانتخابات، وإغلاق الحدود، وحل الحكومة والبرلمان ووقف العمل بالدستور، وذلك بقيادة الجنرال بريس أوليغي نيغما، قائد الانقلاب العسكري.
من جانبه، أكد الخبير الإستراتيجي، اللواء جمال طه، أن دول غرب القارة السمراء شهدت موجة انقلابات عسكرية منذ عام 2020، وقع اثنان في بوركينا فاسو ومالي، وواحد في تشاد، وآخر في غينيا، والنيجر، وأخيرًا في الجابون، وكلها تصب في صالح النفوذ الروسي في المنطقة، إذ كانت هذه الدول موالية للغرب وخاصة فرنسا، وتحولت في السنوات الأخيرة نحو موسكو.
وأكد أن انقلابات الساحل الإفريقي تمنح موسكو فرصة ذهبية لتوسيع مصالحها في القارة السمراء وتمكنها من حشد التأييد في الجمعية العامة للأمم المتحدة من دول جديدة، حتى تكسر حالة من شبه الإجماع العالمي على إدانة غزوها لأوكرانيا، فضلًا عن توسيع صادرات السلاح الروسي لهذه الدول حتى يتمكن قادة الانقلاب من تقوية مركزهم ومكانتهم، مما يسمح لروسيا باستغلال الثروات الطبيعية في البلد لأجل أداء فواتير السلاح والمساعدات.
وأضاف أن انقلابات مالي وبوركينا فاسو والنيجر والجابون، قالت إنها تسعى لإعادة الأمن ومحاربة الجماعات الإرهابية، لكن الجميع يعلم أنها موجة ثانية للتحرر الوطني في القارة، لكن قادتها لا يمتلكون أدوات تحقيق الاستقرار، مما يفسر موجات تدفق اللاجئين والمهاجرين نحو بلدان شمال إفريقيا، فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي سحبوا رعاياهم، وعلقوا التعاون الأمني، وأوقفوا المساعدات، ما دفع قادة الانقلاب للرد بإلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا.
عصبية رد الفعل الفرنسي ترجع إلى أنها اعتبرت مشاريع التوسع العسكري الروسية في مالي تدخل ضمن الرد الروسي على انحيازها لأوكرانيا، وبالتالي تمثل تهديدًا لمصالحها التاريخية.
فرنسا عندما صعدت الأزمة للاتحاد الأوروبي باعتبارها امتدادًا للمواجهة مع روسيا في الحرب الأوكرانية، اكتفى بتأييد شكلي، لأنه لا يريد المزيد من التورط الخارجي، ولخشيته من انفجار حركة اللاجئين والنشاط الإرهابي، كما حاولت إقناع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتكاتف لوقف تقدم «فاجنر» في الساحل، لكن أمريكا تسعى لأخذ مكان باريس في المنطقة.
فرنسا عندما صعدت الأزمة للاتحاد الأوروبي باعتبارها امتدادًا للمواجهة مع روسيا في الحرب الأوكرانية، اكتفى بتأييد شكلي، لأنه لا يريد المزيد من التورط الخارجي، ولخشيته من انفجار حركة اللاجئين والنشاط الإرهابي، كما حاولت إقناع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتكاتف لوقف تقدم «فاجنر» في الساحل، لكن أمريكا تسعى لأخذ مكان باريس في المنطقة.
وأكد أن احتدام الصراع الدولي على غرب إفريقيا، يتزامن مع تصاعد متسارع للنشاط الإرهابي.. مشيرًا إلى «مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية» التابع للبنتاجون الأمريكي، رصد زيادة الأنشطة الإرهابية في إفريقيا خلال العقد الماضي بمعدل 300%، وتضاعفها على مدى السنوات الثلاث الماضية، مستغلة ارتفاع معدلات البطالة، وتخفيف قيود الحظر الخاصة بانتشار وباء كورونا.
وأكد أن العديد من المحللين يتوقعون قرب إعلان التنظيمات الإسلامية إقامة «دولة الخلافة الثانية» في غرب إفريقيا.. ولعل ذلك هو المدخل الذي تسعى واشنطن من خلاله للتسلل للأنظمة الجديدة في الساحل الإفريقي بما يكفل الحفاظ على وجود واشنطن كقوة دولية منافسة في القارة الإفريقية، لمواجهة تنامى الدورين الروسي والصيني.
وأشار إلى أن ما حدث منذ أيام في النيجر؛ والآن في الجابون، يصب في مصلحة الدب الروسي، المستفيد الأول والأكبر من أزمات وانقلابات القارة السمراء، إذ بات يوسع من نطاق الحرب على أوكرانيا إلى معاقبة الغرب في مناطق نفوذهم بالساحل الإفريقي.
فانقلاب النيجر منح روسيا فرصة إستراتيجية في ذات الوقت لتوسيع نفوذها بالمنطقة، إذ إن الرئيس المعزول محمد بازوم الذي جرى انتخابه في عام 2021 كان حليفًا للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وتحولت الدفة الآن نحو موسكو، مشيرًا إلى أن الانقلابات منذ عام 2020 استولت على السلطة في مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد وأخيرًا النيجر والجابون، واستعانت كثير من هذه الدول بمقاتلين من مجموعة فاجنر الروسية، مما يعمق بصمة موسكو في القارة السمراء.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تقاربًا بين الجابون وروسيا، وقد يتم طرد القوات الغربية من البلاد لإفساح الطريق أمام القوات الروسية.





