لتوسيع نفوذها العسكري في أفريقيا.. روسيا تستغل فقر النيجر
الثلاثاء 16/أغسطس/2022 - 10:17 م
أحمد عادل
رغم الغموض الذي يكتنف علاقات موسكو مع أفريقيا، فإن ما بات جليًّا هو عودة "الدب الروسي" إلى هذه القارة، حيث تسعى موسكو لإيجاد موطئ قدم لها في أفريقيا عبر توقيع اتفاقيات سياسية وعسكرية مع دول تعصف بها انقلابات عسكرية.
وتعتبر النيجر أفقر دولة في العالم، بحسب مؤشر التنمية الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإنه لا يُنظر إلى النيجر على أنها ركيزة جيوسياسية إلا نادرًا، ولكنها بدأت في اكتساب هذا الوضع مع نمو الإرهاب والنفوذ الروسي في منطقة الساحل، الحزام شبه القاري والصحراوي الذي يمتد آلاف الأميال في القارة الأفريقية.
وفي مايو 2022، زار المستشار الألماني أولاف شولتس القوات الألمانية المتمركزة في قاعدة قرب حدود النيجر مع مالي، وتم تمديد مهمة برلين في تدريب القوات النيجرية لمكافحة الإرهاب، والتقى شولتس مع نظيره، رئيس النيجر محمد بازوم، الذي انتخب رئيسا للبلاد في العام الماضي، في أول انتقال ديمقراطي للسلطة في النيجر.
وأشاد زعماء غربيون برئيس النيجر، المدرس السابق، والذراع اليمنى للرئيس السابق أيضًا، بوصفه الرجل القادر على محاربة الإرهاب والتصدي لأسباب انتشار التطرف، من خلال البدء في تحسين المناهج الدراسية، وبدأت حكومته في إجراء بعض مباحثات السلام الاستكشافية مع بعض المنظمات الإرهابية.
وانضم المستشار الألماني إلى سلسلة من المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين البارزين الذين تعهدوا بدعم النيجر، وفي عام 2019 افتتحت الولايات المتحدة قاعدة للطائرات المسيرة قرب مدينة أغاديز، شمال البلاد، للقيام بمهام مراقبة، أما فرنسا التي سحبت قواتها من مالي هذا العام فقد بدأت في تعزيز وجودها في النيجر.
وفي حال تصاعد التهديد الإرهابي في النيجر، خاصة إذا سقطت حكومة الرئيس بازوم فريسة لنفس الأزمات التي تسببت في إسقاط أنظمة مدنية سابقة في المنطقة، فإن محللين يقولون إن الأمر يمكن أن ينتهي بسيطرة المتطرفين على منطقة الساحل من مالي إلى شمال نيجيريا.
وأوضحت أن هذا يمكن أن يمثل تهديدًا لدول أكثر رخاء في غرب أفريقيا، مثل كوت ديفوار، غانا، بنين، وتوغو، والتي نجت حتى الآن من الهجمات الإرهابية، ويمكن أن يهدد ذلك أيضًا بوجود موجة من المهاجرين إلى أوروبا، بحسب محللين.
وقال محمود أبو طارقة، رئيس سلطة تعزيز السلام في النيجر، ومستشار الحكومة في محاربة التنظيمات الإرهابية: "القوى الغربية تقول إن النيجر تعتبر حصنًا ضد كل هذه التنظيمات الإرهابية في المنطقة، ويقولون إنها دولة ديمقراطية، ويتعين علينا مساعدتها في منطقة تشهد تدهورًا كبيرًا، خاصة في مالي وبوركينا فاسو".
بيد أن هذا الدعم الروسي أخذ في التضاؤل مع انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، لكن حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مدار العقدين الماضيين إحياء الروابط مع أفريقيا التي تعود لحقبة الاستقلال بل وعمد على إحباط ما يُروج له بالسياسات الاستعمارية الغربية في إفريقيا.
وفي هذا السياق، قال ميلافيا إن روسيا الآن "في وضع قوي إلى حد ما حيث يمكن لأفريقيا الاستفادة من الاستثمارات ذات المنفعة المتبادلة والتعاون التجاري".
في المقابل، التزمت روسيا الصمت حيال القضايا والأوضاع السياسية في أفريقيا، لكنها استبدلت ذلك بشركات عسكرية خاصة مثل مجموعة فاغنر التي كانت بمثابة حلقة وصل وفتحت طريق أفريقيا أمام روسيا، وفقًا لما أشارت إليه فيلاتوفا.
وخلال العقدين الماضيين، استطاعت لعبت روسيا دورا في إفريقيا بعيدًا عن أعين الدول الغربية، حيث قامت بإبرام اتفاقيات في مجال الطاقة النووية وتصدير الأسلحة لتصبح روسيا في الوقت الحالي أكبر مصدر للأسلحة إلى القارة الأفريقية.
وأشار إلى ذلك التقرير السنوي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) عام 2020 إذ ذكر أن الصادرات العسكرية الروسية لأفريقيا مثلت 18٪ من إجمالي صادرات روسيا من الأسلحة في الفترة ما بين عامي 2016 و 2020.
وكانت أول صفقة أسلحة روسية إلى أفريقيا يُعلن عنها في أبريل 2020 عندما أعلنت شركة "روسوبورون إكسبورت"، وهي الشركة الروسية الوحيدة التابعة للدولة في مجال تصدير الأسلحة، عن بيع زوارق هجومية روسية الصنع إلى دولة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء لم يُفصح عن اسمها.
وقبل الإعلان عن هذه الصفقة بشهور وتحديدًا في عام 2019 عُقد أول منتدى اقتصادي بين روسيا وأفريقيا في منتجع سوتشي الروسي بحضور قادة وزعماء وشخصيات أفارقة رفيعة المستوى.
استغلت روسيا هذا الحدث لتسليط الضوء على علاقات مع أفريقيا، حيث استطاعت في ذلك الوقت ان تُظهر نفسها كحليف للعديد من الدول الأفريقية التي كانت تحارب حركات تمرد، خاصة في مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا، حيث ناشدت هذه الدول موسكو عام 2018 مساعدتها في قتال تنظيمي داعش والقاعدة.





