بتهديد القضاة وإقصاء النساء.. طالبان تستبدل الدستور الأفغاني بقوانينها الخاصة
صعدت حركة طالبان للحكم بعد سنوات من حروب الشوارع، ما أعطاها فرصة لتنتقم ممن اصطف ضدها من قبل، ويأتي القضاة والموظفون القانونيون ضمن أبرز الملفات التي تستبد بها السلطة الأفغانية الجديدة.
ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن حوالي 4000 موظف قانوني ومدعي عام يتعرضون لخطر العنف على يد عناصر طالبان المتربصة بهم، إذ قُتل نحو 28 مدع عام منذ وصول الحركة للسلطة في أغسطس 2021.
معاناة موظفة قانونية.. نماذج الاستبداد
سرد تقرير الجارديان المنشور في 14 أغسطس 2023 معاناة إحدى الموظفات القانونيات مع سلطة طالبان، فقبل وصول الحركة للسلطة كانت الموظفة ضمن فريق أصدر ضد أحد عناصر الحركة حكمًا بالحبس 6 أشهر لإساءته معاملة زوجته والتعدي عليها.
وبعد تمكن طالبان من السلطة أفرجت عن الكثير من المحكوم عليهم في قضايا جنائية، ما سمح لبعض العناصر بالتواصل مع المدعين الذين تسببوا في حبسهم وتهديدهم، ومن بينهم المدعية التي سردت قصتها صحيفة الجارديان التي أشارت إلى أن عضو الحركة هدد المدعية عبر الهاتف ثم اقتحم منزلها ومعه مجموعة من المسلحين ما اضطرها للفرار وعائلتها إلى مكان سري.
وخشيت المدعية من التنكيل بها وأسرتها على أيدي العناصر الأخرى التي استطاعت أن تصدر أحكام ضدهم خلال الأعوام الماضية، إذ شاركت في إصدار ما لا يقل عن 2000 حكم ضد رجال اتهموا بالقتل والاغتصاب والزواج القسري.
تقويض المهام القانونية في أفغانستان
إلى جانب فرار الموظفة القانونية وما تعانيه من هلع على حياتها وأمن عائلتها، فإنها لم تعد قادرة على استكمال عملها بالسلك القضائي ما يؤثر بشكل أو بآخر على سير العدالة في البلاد، وهو ما نقله العاملون بالسلك القضائي لوسائل الإعلام العالمية.
لم يعد العاملون بالهيئات القضائية والقانونية قادرون على العمل في ظل التهديدات التي يمارسها أعضاء الحركة ضدهم لما أصدروه من أحكام في الماضي لتقييد حريتهم.
الأمم المتحدة تنتقد أوضاع القانونيين
ضاعفت سلطة طالبان من تحديات القضاة والعاملين بالمجال بشكل عام، فبحسب تقرير أوردته هيئة الأمم المتحدة في يناير 2023 فإن النساء العاملات بالنيابة أجبرن على عدم استكمال عملهن، كما أن الرجال يتعرضون للعنف والتهديد المتواصل كنتيجة مباشرة للأحكام التي أصدروها مسبقًا ضد عناصر طالبان.
فيما لفتت هيئة الأمم المتحدة إلى أن تعليق الحركة لدستور عام 2004، وإقالة بعض القضاة، وتجريد مكتب المدعي العام من مهامه الرئيسية، كانت مقدمة لانهيار سيادة القانون واستقلال القضاء في البلاد.
كما أن الحركة استبدلت القضاة بأعضاء من داخلها حصلوا على تعليم ديني أساسي لإعطاء فتاوى بدلا من النظام القانوني المعمول به، وحظرت على النساء الحضور إلى المحاكم إلا إذا كانت طرفًا في النزاع.
وأشار التقرير الأممي إلى أن الجناة يعاقبون في ذات اليوم الذي قُبض عليهم فيه، ما يعني عدم وجود إجراءات قانونية تضمن حقوقهم وفقًا للأنظمة القضائية المتعارف عليها.
وطالبت الهيئة حركة طالبان باحترام سيادة القانون والكف عن الممارسات العنصرية ضد النساء العاملات بالملف القضائي وغيرهن من الأفغانيات المتضررات من أساليب التمييز والعنف ضدهن.





