مشروع قانون العفة والحجاب.. رسائل النظام الإيراني للداخل والخارج
بوادر انفجار شعبي في إيران بسبب مشروع قانون الحجاب الإجباري أو العفة والحجاب، والذي يضم 70 مادة، والذي يحمل اسم "حماية الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب"، وذلك بعد إجراء تغييرات عليه من قبل اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان الإيراني.
ويكثف مشروع القانون هذا العقوبات على الجرائم ذات الصلة، ويهدد خصوصية الأفراد أكثر من أي وقت مضى، ويلزم مختلف الوزارات، كوزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي، والإرشاد، والاستخبارات، والصناعة والتجارة، والاقتصاد، والاتصالات، وغيرها من الوزارات، كما يشير إلى عقوبات غير الملتزمات بهذا القانون.
وتلتزم وزارة الاستخبارات، واستخبارات الحرس الثوري، واستخبارات قيادة الشرطة، بموجب مشروع القانون هذا الالتزام بمراقبة الجريمة المنظمة، ومنع انتشار ثقافة التعري وعدم العفة، وعدم الامتثال للحجاب الإجباري في البلاد.
سياسات ثابتة
الباحث في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، قال في تصريحات خاصة لـ"المرجع: "لا شك أن القرار الذي اتخذته السلطات الإيرانية بتجميد شرطة الأخلاق نتيجة الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، باعتبارأن الشرطة هي المتهم الأول أمام الجماهير الإيرانية عن وفاة الفتاة، جاء غير متسق مع سياسات النظام الإيراني طيلة أكثر من أربعين عامًا، والتي كانت تضرب وباستمرار بمطالب الشعب الإيراني وتطلعاته عرض الحائط.
وأضاف الباحث في الشأن الإيراني: "يبدو أن الاحتجاجات هذه المرة جاءت فوق التصور الأمر الذي دفع النظام مضطرًا إلى أن يتخذ خطوة تكتيكية يستهدف من وراءها امتصاص الغضب الشعبي، والتخفيف من حدة الاحتقان حتى تمر العاصفة، وهو ما كان بالفعل، إذ لم يكد يمر نحو عشرة أشهر حتى أعلن النظام من جديد عودة عمل شرطة الأخلاق وإن كان بآليات مختلفة".
ووفق الهتيمي، فإن النظام لم يكتف بذلك فحسب بل إنه وفي محاولة منه لتأكيد رفضه الخضوع للضغوط الشعبية أعلن اعتزام الحكومة عرض ما يسمى بمشروع قانون الحجاب والعفة على البرلمان الإيراني والتصويت عليه خلال الشهرين المقبلين، بما يحمل من عقوبات أشد على من يرى النظام أنهم مخالفون، وكأنه يبعث برسالة لكل الجماهير التي شاركت في الاحتجاجات السابقة بأنه قادر على رد الصاع بصاعين.
دلالات سياسية
يفسّر الباحث في الشأن الإيراني، دلالات إصدار مشروع القانون والرسائل التي يبعثها النظام الإيراني من خلال هذه الخطوة فيقول: "لعل الدلالة السياسية التي أراد النظام الإيراني أن يؤكدها للداخل والخارج الإيراني هي أنه نجح في احتواء الحراك الذي شهدته البلاد في الفترة السابقة، وأن الاحتجاجات لم تكن تعبيرًا عن الأغلبية الشعبية التي تتوافق مع نهج وسياسات النظام، ومن ثم فإن ذلك وبحسب تصوره كفيل بأن يدفع القطاعات الشعبية المعارضة إلى التفكير جيدًا قبل التورط في المشاركة في احتاجات مستقبلية فيما يقنع الخارج بأن المعارضة في الداخل لا يجدر أن تكون محل رهان على إحداث تغيير سياسي".
ويرى الهتيمي أنه بعيدًا عن تصورات النظام السياسي فإن تطبيق مثل هذا القانون الجديد بمواده المتشددة والتي تصل بالعقوبة إلى غرامة مالية تبلغ في حدها الأقصى إلى 20 ألف دولار و10 سنوات من السجن، سيدفع بكل تأكيد إلى تأجيج نيران الغضب الشعبي من جديد، خاصة أن نيران مقتل مهسا أميني وغيرها ممن لحق بها لم تهدأ بعد.
ويختتم الباحث في الشأن الإيراني تصريحاته بالقول إنه من المرجح أن تندلع الاحتجاجات الشعبية الغاضبة والرافضة لهذا القانون، والذي سيطبق بطبيعة الحال وكالعادة في بعض الأوقات بانتقائية لاستهداف بعض الشخصيات ذات التأثير للتخلص منها بحكم قانون جائر وتطبيق غير نزيه.





