إعدامات مستمرة وحملات قمعية.. قومية البلوش تزعج النظام الإيراني
تعاني القوميات غير الفارسية في إيران من سياسات التهميش وطمس الهوية، إضافة إلى حملات الاعتقال والإعدامات، وتأتي قومية البلوش ضمن أكثر القوميات التي تتعرض للقمع المستمر من جانب السلطات الإيرانية، ورغم ذلك لم تهدأ الاحتجاجات البلوشية المتواصلة ضد سياسات النظام.
قمع مستمر
خلال الشهر الماضي أعدمت السلطات الإيرانية 19 مواطنًا بلوشيًّا خلال 5 أيام فقط، واعتبرت بعض جماعات حقوق الإنسان الإيرانية، أن الإسراع في إعدام السجناء البلوش، هو "سياسة النظام الرسمية لإثارة الرعب بين المحتجين في إقليم بلوشستان، وفق "إيران انترناشيونال".
وأدانت "حملة النشطاء البلوش" في إيران الموجة الجديدة من إعدام السجناء، واعتبرت أنها "سياسة النظام الرسمية"، وكتبت أن "عمليات الإعدام يتم تنفيذها خلال فترات زمنية قريبة، كما انضم كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى حملة على "تويتر"، واصفين إعدام هؤلاء المواطنين بـ"الإبادة الجماعية للبلوش" في إيران، وطالبوا بوقف القتل في هذه المحافظة.
ووفق نشطاء بلوش أن الإعدامات التي يتم تنفيذها تأتي بعد تلفيق قضايا "مخدرات" للنشطاء، وأن هذه القضايا هي "ذريعة" لانتقام الجمهورية الإسلامية من "30 جمعة متتالية من الاحتجاجات في زاهدان السنية، ووفقًا لتقارير بعض منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام: "لم تتم الإجراءات القضائية والقانونية في محاكمة هؤلاء المعدومين بطريقة عادلة وشفافة".
وفي الشهر ذاته اعتقلت قوات الأمن الإيرانية عشرات المراهقين والشباب في مناطق متفرقة من مدينة زاهدان، جنوب شرقي إيران، خلال مظاهرة قام بها أهالي المدينة، وفي الأشهر الثمانية الماضية، اعتقلت القوات الأمنية، مرارًا، المواطنين البلوش بأعداد كبيرة بسبب استمرار احتجاجاتهم في الشوارع.
وأعلنت حملة "النشطاء البلوش"، التي تنقل أنباء وقضايا تتعلق بمحافظة بلوشستان، أن قوات الأمن والقوات المتخفية في الزي المدني اعتقلت مواطنين في مناطق متفرقة من مدينة زاهدان، وقد تم اعتقال هؤلاء المواطنين بشكل رئيسي في شارع مجيدية، ومنطقة شيرآباد، ومنطقة غدير وميدان خيام وتوحيد، وتشير تقارير إلى أن معظم المعتقلين تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
سياسات عنصرية
الباحث الأكاديمي المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور مسعود إبراهيم قال في تصريحات خاصة لـ"المرجع"، منذ انتصار الثورة الاسلامية في إيران عام 1979 والنظام الإيراني يتبع سياسة التهميش والإقصاء لكل الأقليات الدينية والعرقية هذا الإقصاء يصل إلى حد العنصرية في التعامل مع هذه الأقليات والبلوش مثلها مثل باقي الأقليات التي يمارس النظام الإيراني سياساته العنصرية ضدها بل ويتعامل النظام معهم بأبشع الأساليب القمعية والأمنية، بل وقتل الكثيرون منهم خلال انتفاضة هذا الشعب من أجل مطالبه المشروعة في الحياة ومطالبه بالمساواة مع الجنس الإيراني في الحصول على احتياجاته الأساسية.
يشير الباحث في الشأن الإيراني إلى أن الحلول الأمنية هي الأسلوب المعتاد للنظام الإيراني في التعامل مع مطالب الشعب البلوشى وأصبح القمع والاعتقال إستراتجية دائمة للنظام في التعامل مع هذا الإقليم ذو الأغلبية السنية. وكانت هذه الإستراتجية سببًا رئيسًا في ظهور تنظيمات مسلحة معارضة للنظام في منطقة بلوشستان مثل جيش العدل ومنظمة تحرير بلوشستان الغربية ورابطة أهل السنة في إيران، وقامت بعدة عمليات ضد القوات الأمنية الايرانية .
ووفق "إبراهيم" فإنه بالإضافة إلى الحلول الأمنية يسعى النظام دائمًا للتضييق على شعب البلوش من خلال سياسات أخرى مثل الإقصاء السياسي حيث يمنع الدستور الإيراني أهل السنة من تقلد المناصب السياسية في الدولة وإضافة لهذا الإقصاء يأتي التهميش الاقتصادى أيضًا كدور مهم في تزايد المعاناة للبلوش. فالمنطقة تعاني ترديًا في البنية التحتية، والمشاريع التنموية محدودة للغاية ولا تلبي احتياجات المواطنين البلوش.
ويفسر الباحث في الشأن الإيراني التصعيد الإيراني الدائم ضد مناطق البلوش بأنه من أجل ضرب المطالب الشعبية وتصويرها على أنها احتجاجات مدفوعة من الخارج، ونظرًا للأهمية الجيوسياسية لاقليم بلوشستان فإن انفصال هذا الأقليم يخلق بؤرة توتر دائمة للنظام إذ يحظى الإقليم بموقع إستراتيجى على بحر العرب مما جعله منطقة جذب إستراتيجى للدول الكبرى الطامحة في تنفيذ مشاريع وموانى اقتصادية وتجارية وتدشين خطوط لنقل الطاقة، ومن هنا فالنظام سيسعى وبقوة لوأد أي فكرة لانفصال هذا الإقليم عن الدولة لأن انفصاله يعني إنشاء بؤرة توتر وخسارة تموضع إستراتيجى مهم ومنح الفرصة لمحاصرة إيران .





